مع بداية تخفيف الحجر الصحي في أغلب مناطق البلاد، لاحظ الناس تنامي حالات الإصابة بفيروس "كوفيد – 19" بعدد من الجهات، وبرزت بؤر وبائية هنا وهناك، وهذا ما يستوجب جعل هذا الخروج من الحجر مرتبطا بالحيطة والحذر، إن على مستوى سلوكنا الفردي اليومي أو على المستوى الجماعي. صحيح أن نسبة الوفيات تبقى بشكل عام مستقرة، كما أن حالات الشفاء تتنامى، وعدد الحالات الحرجة أو الموجودة في أقسام الإنعاش قليل، وهناك أيضا ارتفاع عدد التحاليل المخبرية التي تجرى يوميا، وهذه المؤشرات كلها تجسد، فعلا، التحكم في الوضعية الوبائية ببلادنا، وهي نتيجة جهود جبارة بذلتها الدولة ومصالح الصحة والإدارة الترابية وباقي المتدخلين. لكن في مقابل هذا، سجلت المعطيات الرسمية في الأيام الأخيرة أن حالات الإصابة زادت عن 11 ألف حالة على الصعيد الوطني، كما أن جهة مثل جهة العيون الساقية الحمراء، التي بقيت دائما تسجل إصابات طفيفة، شهدت ارتفاعا ملحوظا، وأغلب هذه الإصابات الجديدة اكتشفت في بؤرة مهنية ووسط مخالطين. ثم هناك جهة طنجةتطوانالحسيمة أيضا التي اكتشفت بها بؤر مهنية، ثم "بؤرة للا ميمونة" بإقليم القنيطرة، التي أدت إلى ارتفاع واضح في أرقام الإصابة بجهة الرباطسلاالقنيطرة، ويمكن أن نضيف كذلك أرقام جهة مراكشآسفي. وكل هذه البيانات تحث على تقوية الانتباه إلى الوسط المهني، وضرورة أن تقترن العودة إلى العمل واستئناف الأنشطة الاقتصادية والتجارية والإنتاجية بوضع ترتيبات وإجراءات الوقاية والاحتياط، والتقيد بها بشكل صارم، علاوة على أننا كلنا مطالبون بالالتزام المواطن بالإجراءات الاحترازية والوقائية في سلوكنا الفردي اليومي. داخل منازلنا يجب أن نحرص على النظافة المنتظمة بشكل مستمر، وأن نعمل على تعزيز اهتمامنا بالسلامة الصحية الجسدية وفِي المنزل وعلى مستوى الغذاء. وأيضا لا بد أن نتقيد بالتباعد الجسدي واحترام مسافة الأمان وارتداء الكمامات في الأماكن العامة والفضاءات التجارية والشارع، وتفادي الاختلاط والزحام المبالغ فيهما. وسواء عند الولوج إلى مقرات العمل أو في مختلف الأماكن العامة، لابد من قياس درجة الحرارة… هذه الإجراءات الوقائية، يؤكد مختلف الخبراء والمختصين، أنها هي الأسلحة الحقيقية والناجعة لمواجهة هذا الفيروس ومنع تفشيه، وبالتالي من الضروري الوعي بها من لدننا كلنا والتقيد بها في حياتنا اليومية. منذ أمس الخميس خرج الناس إلى الشوارع بأغلب مدن المملكة، وبدأت الحياة بشكل عام تستعيد إيقاعها الطبيعي، ولوحظ ارتياد الناس للمقاهي ومختلف الفضاءات التجارية وغيرها، وهذا جيد وكان ينتظره الناس، ولكن في نفس الوقت يطرح الأمر تحديات سلوكية أساسية علينا جميعا، بالإضافة إلى أدوار ومسؤوليات مختلف السلطات العمومية، وخصوصا ما يتصل بمراقبة الوضع في المصانع والوحدات الإنتاجية والمقاولات وكل فضاءات العمل، بغاية تقوية شروط السلامة الصحية والتدابير الوقائية. إن التزامنا الفردي والجماعي كمواطنات ومواطنين، واستمرار أجهزة الدولة في القيام بأدوارها الميدانية والرقابية بصرامة، هو ما سيساهم في تحسين مؤشرات وضعنا الوبائي العام، ويحد من انتقال العدوى وارتفاع أعداد المصابين، ويمنع أي انتشار جديد للفيروس. لنعانق الحياة إذن، ولكن لنواصل الحيطة والحذر في سلوكنا اليومي. محتات الرقاص