الحاجة إلى دعم استثنائي "مفتوح" و"متميز" باستثنائية ابتكارية السلام عليكم السيد الوزير؛ تحية طيبة.. أما بعد، فقد جرت العادة أن توصف بعض الرسائل ب "المفتوحة"، لكونها تأخذ طريقها في اتجاه المرسل إليه عبر العلن، ولم يسمع الناس يوما برسالة وصفت ب "المغلقة"، – وإن كان الأصل هو أن الرسالة توضع في ظرف يمعن القوم في إغلاقه، ولو اقتضى الأمر الاستعانة – بعد استعمال مادة اللصق – ، باللعاب من باب الاطمئنان على أنها مختومة . أما رسالتي هاته، فإنها معلنة مشاعة، لكنها "مغلقة"، وما لجأت إلى إرسالها بدون الظرف، إلا امتثالا لضوابط الحجر التي تحول دوني والخروج للبحث على ذاك "الظرف". السيد الوزير؛ أريد أن أحدثك في شأن الدعم الذي تم الإعلان عنه، لإنعاش ما يمكن إنعاشه من قطاعات ثقافية وفنية، ضربتها جائحة كورونا في مقتل. هذا الدعم تم وصفه ب "الاستثنائي"، وقد جاء بعد طول انتظار، مما جعله قد يكون آخر إجراء دعم لجأت إليه الحكومة، – وبذلك تكون هاته الحكومة قد كرست (بكل حسرة) النظرة الدونية في مخططاتها لهذا القطاع الذي تصنع به الأمم "الإنسان" قبل "البنيان". الآن، وقد خرج المولود الذي انتظر المهنيون أن يشكل عمقا وتمظهرا ، المفهوم الحقيقي ل "الاستثنائي".. لكن، بقدر ما كان سقف الانتظار عاليا، بقدر ما ما كان "المولود" عاديا مألوفا لا "استثناء" بالدلالة الإيجابية فيه. وإن الحديث عن الاستثناء، يعني الحديث عن "التميز الإيجابي"، وهو تميز تأكد أنه أضحى بعيد المنال. السيد الوزير؛ إن من حسنات الجائحة، ترسيخ إرادة سياسية عميقة وسديدة وجريئة وعالية السقوف، أسسها وقادها طبعا جلالة الملك، وأضفى عليها كل معاني "المبادرة الاستثنائية"، التي تقوم على توفير شروط كرامة المواطن ، رغم هول الضربات الكورونية القاسمة. ولتحقيق هاته الفلسفة، اتسمت كل الإجراءات الاستثنائية في كل القطاعات، بروح الابتكار وبتذليل عقم الكثير من الإجراءات المسطرية، قصد بلوغ النتائج في حينها – مهما كلف ذلك – قبل أن يتم الاصطدام مع الحائط. انطلاقا من هذا، أسأل السيد الوزير، الذي التحق بالحكومة في بداية تفشي الكوفيد ببلادنا: أولا: أين تتجلى "الاستثنائية" في دفتر التحملات الخاص بقطاع المسرح، بل أين تتجلى سلسلة محطات صناعة وترويج المسرح في ذاك الدفتر؟ وما هي انعكاسات تلك السلسلة على سقف دعم كل مشروع؟ ثانيا: كيف يمكن الاطمئنان، والقول بأننا أمام حدث "استثنائي"، ونحن أمام دفتر تحملات لم يستطع أن يدرك أن المسرح هو فن الجماعة بدء من الإعداد، ومرورا بكل مراحل بناء العمل، فوصولا إلى التحية التي ينحني خلالها الممثلون وباقي أعضاء طاقم العمل، تقديرا لجماعة أخرى بدونها لن يكون للمسرح معنى، وهي جماعة الجمهور؟ ثالثا: أي قوة تستطيع أن تبرر ل "خلق الله" أن هذا المسرح الذي يكلف "كذا وكذا" على جميع المستويات، بحكم بنياته وتعدد مساراته وحاجياته التي جعلته أبا للفنون، ها هو الآن يقبع في أدنى مستوى تقدير التكلفة الإنتاجية والترويجية، قياسا مع حاجات ذاته أولا، وربما قياسا كذلك مع تكلفة ألوان تعبيرية أخرى، يبدو أن وضعها مريح – ولو نسبيا – في ذاك الدفتر؟ السيد الوزير؛ أظن أن أول شيء كان ينبغي – إن لم أقل يجب – القيام به في هذا الوضع الاستثنائي، هو اتخاذ إجراء "استثنائي في الأساس"، وهذا الإجراء هو "مبادرتكم إلى تغيير بعض مقتضيات القرار المشترك المنظم للدعم المسرحي، وأساسا في ما يتعلق بسقف دعم المشروع المسرحي". إن كل الظروف كانت ملائمة لاتخاذ هاته الخطوة التي لا تتطلب جهدا ولا وقتا، (للتذكير فإن القرار المشترك هذا، يعرف كل موسم مسرحي ترميمات)، فكيف لم يتم هذا مع زمن كورونا الاستثنائي، الذي فرض العمل بحس ابتكاري استثنائي. إنه لمن المؤسف حقا أن تنفلت منا هاته اللحظة المؤقتة الحاسمة، حيث كان بالإمكان أن تؤسس ل "جديد" يفيد في الآتي من الأيام. إن الخوف كله من أن ينتهي الزمن الكوروني، وتبقى الدار المسرحية على حالها، والمغاربة قديما كانوا يقولون: "اللي ما جات مع العروسة، ما غاتجي مع أمها ". وهكذا – السيد الوزير- يبدو أننا لم نجعل تداعيات الجائحة، مدخلا لزمن ما بعد الجائحة، الذي وجب أن ينطلق اليوم قبل الغد . أقول قولي هذا، وكل المؤشرات تفرض – تحت ضغط الحاجة اللعينة – أن يرشح مهنيو الدراما مشاريعهم بناء على ذاك الدفتر، ولسان الحال يقول: هل من بديل؟ !!، والأعمش أفضل من الأعمى .!!!! السيد الوزير؛ الكل بجمع أن زمن كورونا هو زمن استخلاص الدرس، ولا يخامرني أدنى ريب من أنكم ستحدثون "الاستثناء الإيجابي" لتدارك الأمر، فهل يتم هذا الآن، أم يترك إلى ما بعد انقضاء زمن الاستثناء القسري الذي حدثتكم عنه في هاته الرسالة ؟؟ لست في حاجة أبدا إلى أن أؤكد أن مداد هاته الرسالة، من حبري الخالص الخاص، وإني لأكون وفيا لروحها، – على الأقل – فإني لا ولن أرشح مشروعا في مجال المسرح في هذا الظرف . والسلام عليكم. بقلم: عبد المجيد فنيش