إذا تتبعنا مراحل الدراجة المغربية تجد أنها مرت من مرحلة فراغ دامت خمسة عقود ما بين الأسطورة محمد الكورش الفائز بطواف المغرب خلال ثلاث مناسبات (1965-1964-1960)... تتويجات أعطت للمغرب إشعاعا كبيرا حيث قارع محمد الكورش أبطالا كبار عالميين وفاز عليهم باستحقاق، إلى البطل محسن الحسايني الفائز بطواف 2011، فمحسن الحسايني الذي فاز بطواف مالي 2010 والمرحلة العاشرة موسم 2006 والمرحلة الأولى 2007 من طواف بوركينافاصو والمرحلتين الخامسة والثامنة من طواف رواندا 2009 والبطولة الوطنية لسباق ضد الساعة 2010 وطواف الإمارات العربية المتحدة وسباق التحدي للمسيرة الخضراء مرحلة الساقية الحمراء، يعد بطلا من ذهب أعادنا إلى فترة السبعينيات. فلقب الدورة 24 لطواف المغرب الذي امتد من 25 مارس إلى 03 أبريل 2011، سيظل موشوما بمداد الفخر والاعتزاز في سجل الدراجة المغربية رغم الإكراهات ورغم قلة دعم المؤسسات الاقتصادية والصناعية. فهذا الإنجاز الذي انتظرناه ما يقرب من خمسين سنة، تأتى بفضل تكافل وتآزر وتضامن المتسابقين المغاربة وتجاوبهم مع النهج التقني والتكتيكي للأطر التقنية الوطنية، النجاري وبلال والرحايلي حيث أحبط المخطط الجنوب إفريقي الذي وظف كل إمكانياته للتسيد على الريادة الإفريقية، وبالتالي صعود منصة التتويج والمشاركة في الأولمبياد. البطل محسن الحسايني الذي لم يتعد بعد سنه 26 سنة، ابن مدينة الفوسفاط خريبكة، ودراج نادي الفتح الرباطي وابن عائلة شغوفة بممارسة الدراجة حيث كان والده دراجا، أعاد الدراجة المغربية إلى عهدها الزاهي بفصل جديد من فصول الشهرة والتباهي. الحسايني بفضل تضحياته وإعداده الجدي، ربط الماضي بالحاضر ودون صفحة جديدة للدراجة المغربية لعل الضمائر الحية والشريفة من الباطرونات تعيد الاهتمام لها ودعمها الركب عهد جديد يمكننا من التوفر على فريق محترف يمثلنا في الطوافات العالمية. لقد ارتقت الدراجة المغربية من خلال الفوز بطواف المغرب 2011 بعد حصولها على 95 نقطة إضافية احتسبت في التنقيط الخاص بالتأهل لأولمبياد لندن 2012، حيث أصبح المغرب متربعا على المرتبة الأولى إفريقيا ب 560 نقطة متقدما على منتخب إيريتيريا (المتزعم السابق) في الصف الثاني ب 505 نقطة، فجنوب إفريقيا في المرتبة الثالثة ب 314 نقطة وبإمكان الدراجة المغربية بلوغ الأولمبياد المقبلة إن تأتى لها المشاركة في تظاهرات أخرى لكسب المزيد من النقاط. إذا تتبعنا مراحل حياة الدراجة المغربية نجد أنها مرت من الطريق الذي مرت منه جل الرياضات الوطنية منذ الإستعمار، وإن كانت فترة الستينات قد شهدت تألقا كبيرا للمتسابقين المغاربة الذي تحدوا أكبر الأبطال العالميين، وهذا بطبيعة الحال في ظل وجود الإمكانات المادية القارة، والتي ساهمت بقسط وافر في تألق الدراجة المغربية. فالمغرب والحمد لله، يتوفر على المادة الخام المتمثلة في الأبطال، وما ينقصها هو الدعم المالي القار ومساهمة المؤسسات الاقتصادية والصناعية لضمان استمرارها في التألق، على اعتبار أن المكتب الجامعي يسعى جاهدا للنهوض بهذه الرياضة إلى أنه يبقى مكثوف الأيدي في الوقت الذي تتطلب فيه رياضة سباق الدراجات إمكانات ضخمة لايمكن للجامعة أو الوزارة أن تتوفر عليها ليبقى انعتاقها مرهون بتعاون المسؤولين على الجامعة مع كل الفعاليات سواء المنتمية على القطاع العام أو الخاص، لأنه هو الحل الوحيد لإخراج هذه الرياضة من سباتها إلى المكانة التي تستحقها. مثلا طواف المغرب لاتتجاوز ميزانيته التنظيمية لهذه السنة 450 مليون سنتيم، وهو مبلغ هزيل مقارنة مع الطوافات الأوروبية أو حتى الإفريقية، وهزالته هذه تكمن في غياب المؤسسات الإقتصادية الداعمة، وهو ما عبر عنه عدد كبير من المتسابقين المغاربة، نجد طواف الغابون ترصد له ميزانية تقدر بمليون يورو، جنوب إفريقيا بميزانية 3 مليون يورو.. إذن، فانعتاق الدراجة المغربية هو بين أيدي من يتحمل تسييرها ومدى انفتاحهم على عالم الإشهار وجلب المواد القارية حتى تعود إلى سالف عهدها.