حمل قرار مجلس الأمن الدولي 1979 الصادر أول أمس الأربعاء بإجماع الأعضاء، نقاطا أساسية ولافتة للانتباه بشأن مسلسل البحث عن حل نهائي لنزاع الصحراء. القرار صودق عليه أولا بالإجماع، وجاء ثانيا محافظا على جميع المكتسبات التي انخرط فيها المغرب خلال السنوات الأخيرة بفضل تقديم مبادرة الحكم الذاتي. القرار الأممي أيضا رسخ مركزية مسلسل المفاوضات باعتبارها السبيل الوحيد للتسوية، وهذا يعني عدم إيلاء أي اعتبار لكل «التهديدات» التي مافتئت الأطراف الأخرى تلوح بها، كما أنه أشار، في هذا الإطار، إلى فشل محاولات باقي الأطراف لزعزعة سير هذا المسلسل وجعله هشا وإضعافه. قرار مجلس الأمن كذلك لم يورد أي حديث عن أية آلية دولية لمراقبة حقوق الإنسان، ما يعني فشلا واضحا لمقاربة الطرف الآخر، وللضغوط التي قام بها في الشهور الأخيرة. القرار أخيرا طالب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمواصلة العمل من أجل إحصاء ساكنة مخيمات تيندوف، وهذه سابقة وتحمل استجابة لطلب ما فتئ المغرب يلح عليه منذ فترة طويلة، كما أنه يعني أن المجتمع الدولي يسائل اليوم الأطراف الأخرى في النزاع بخصوص دورها السياسي الجلي في عرقلة مسلسل التفاوض، ويحملها مسؤولية الوضعية الإنسانية المأساوية الفريدة السائدة بمخيمات تيندوف فوق التراب الجزائري. وعلاوة على هذه النقاط الأساسية، فإن القرار توقف أيضا عند دينامية الإصلاحات التي يخوضها المغرب، مبرزا دعمه لها، وكل هذه المعطيات تجعل من القرار 1979 محطة هامة في المعركة الديبلوماسية التي تخوضها المملكة دفاعا عن وحدتها الترابية. إن مطالبة مجلس الأمن بإحصاء ساكنة مخيمات تيندوف مثلا، وهو ما كانت الجزائر دائما ترفضه، وإذا تمكنت مفوضية اللاجئين من القيام بعملها من دون عراقيل، فإن ذلك سيؤدي إلى كشف كثير حقائق أمام المنتظم الدولي، وربما تغيير الكثير من المواقف العالمية. وإذا أضفنا مسألة الإحصاء إلى مساءلة مجلس الأمن للأطراف الأخرى عن دورها السياسي في عرقلة مسلسل التفاوض، فإن الجواب عليهما من لدن الجزائر هو المدخل الأساسي اليوم لتغيير مواقفها، وبالتالي الدليل على أن نظامها يحسن الإنصات لصوت العقل، ولصوت الشعب الجزائري وباقي شعوب المنطقة التواقة إلى اتحاد مغاربي آمن ومستقر وديمقراطي ومتقدم. التفاعل الجزائري الإيجابي مع مضمون قرار مجلس الأمن حول الصحراء، هو السبيل لبلورة صيغة عملية ملموسة لتصريحات حسن النوايا التي صدرت في الفترة الأخيرة عن وزراء جزائريين، ولمشاريع التعاون المشترك التي جرى الحديث عنها. هل يحدث الحراك الشعبي العربي والمغاربي إذن رجة في قصر المرادية تعيد الوعي لحكام البلد الجار؟