لم يحرز أي لاعب ألماني جائزة الكرة الذهبية منذ ربع قرن، لكن مشجعي كرة القدم في البلاد يرون في الشاب كاي هافيرتس الأقرب للتربع على عرش لقب أفضل لاعب في العالم. بعمر العشرين، أصبح لاعب باير ليفركوزن الفارع الطول (1,89 م)، مطاردا من أبرز الأندية الأوروبية على غرار بايرن ميونيخ، ليفربول ومانشستر يونايتد (إنجلترا)، برشلونة وريال مدريد (إسبانيا)، وتقدر قيمة انتقاله بمائة مليون يورو. يتمتع هافيرتس بمستوى ثابت، نضوج وقدرة على تحمل الضغط. يسجل ويمرر ويصنع الأهداف من العمق، وأظهر ذكاء في كل المراكز التي شغلها. بعد تألقه في الفوز الأخير على مونشنغلادباخ السبت حيث لعب في مركز قلب الهجوم، قال “لدي دور حر، أشعر بأني لست مجبرا على الوقوف بين المدافعين، ويمكنني التراجع إلى خط الوسط أحيانا. هكذا كنت ألعب دوما، لذا لم يتغير الكثير سوى أني أصبحت أكثر خطورة أمام المرمى وأتواجد أكثر في منطقة الجزاء”. وتابع “هذا يناسبني تماما”. أحرز اللاعبون الألمان جائزة الكرة الذهبية في سبع مناسبات: القيصر فرانتس بكنباور (1972 و1976)، كارل-هاينتس رومينيغه (1980 و1981)، غيرد مولر (1970)، لوثار ماتيوس (1990) وماتياس زامر (1996)، والأقرب لنيل هذه الجائزة في السنوات الماضية كان الحارس مانويل نوير عندما حل ثالثا في 2014. شرح ماتيوس بعد انتهاء الموسم الماضي “بالنسبة لي هو لاعب الموسم، وإذا أبقى هافيرتس على هذا المستوى، مع هذه الرشاقة، الذكاء، الحضور في الملعب وتسجيل الأهداف، قد يحصد جائزة أفضل لاعب في العالم”. بدأ هافيرتس مسيرته كلاعب رقم 10 في الوسط الهجومي، وبمقدوره الآن اللعب على الجهة اليمنى من الوسط أو الهجوم، وكمهاجم ظل قادر على التراجع بذكاء إلى الخلف. يشرح زميله الهداف كيفن فولاند مزاياه قائلا “يتمتع برباطة جأش وتقنية رائعتين، بالاضافة الى قدرة على اتخاذ القرارات. رأيته يتدرج إلى الفريق الأول منذ انضمامي الى النادي وتطوره كان رائعا. أصبح بسرعة عنصرا ضروريا لنا”. بعد استئناف الدوري الألماني إثر توقف لشهرين بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، كان هافيرتس أبرز نجوم العودة. خطف هدفين في الشوط الأول من الفوز الكبير على أرض فيردر بريمن 4-1، ثم كرر السيناريو بهدفين خلال الفوز الهام في ملعب بوروسيا مونشنغلادباخ (3-1). عادل الأسبوع الماضي رقم الهداف التاريخي لنادي شالكه والمنتخب كلاوس فيشر، بتسجيله 34 هدفا قبل بلوغه الحادية والعشرين، والرقم مرشح بقوة للكسر في المراحل القادمة. ويقول خبير الانتقالات ديفيد ويب لصحيفة “اندبندنت” البريطانية “كل ناد كبير يريد قطعة من كاي هافيرتس، لأنه نادر ويستحق الاهتمام”. يروي هافيرتس المولود في بلدة ماريادورف القريبة من مدينة آخن المحاذية للحدود الهولندية-البلجيكية، بداياته “عرفني جدي إلى كرة القدم. ساعدني في أولى خطواتي. ثم جاء دور شقيقي ووالدي لوضعي على السكة في صغري”. تابع اللاعب الذي انضم إلى فريق قريته بعمر الرابعة، لموقع الدوري الألماني “الجميع كان مجنونا بكرة القدم وكنا عائلة كروية. أحببنا كرة القدم وكل ما هو مرتبط فيها”. بقي مع فريق لاعبي أحلامه “أليمانيا آخن” موسما واحدا، إذ جذبه ليفركوزن بعد مباراة لفريق تحت 12 عاما. يروي سلافومير تشارنييتسكي مدرب الناشئين في ليفركوزن “كان أصغر بسنة من الجميع في الفريق. لا أذكر كيف انتهت المباراة، ربما 8-3 لمصلحتنا، لكنه سجل الأهداف الثلاثة. كان هذا انطباعي الأول عن كاي”. وفيما كان دوما اللاعب الأصغر في الفئات العمرية، واجه أول مشكلة كبيرة في مسيرته متعلقة بالنمو “بعمر الرابعة عشرة او الخامسة عشرة.. عانيت طفرة نمو هائلة. كان علي أن اعتاد على طول ساقي، فهذا يؤثر على طريقة ممارسة كرة القدم بأكملها. عانيت في فئة 15-16 عاما، لم أبدأ كثيرا وأمضيت وقتا طويلا على مقاعد البدلاء”. لم يمنعه هذا التحدي من قيادة ليفركوزن إلى لقب بطولة ألمانيا تحت 17 عاما في 2016، حيث سجل 18 هدفا في 26 مباراة، بينها الافتتاحي في مرمى بوروسيا دورتموند في النهائي. بعدها بتسعة أشهر كان يمثل الفريق الأول على ملعب “سيغنال ايدونا بارك” ضد دورتموند. حطم هافيرتس أرقاما عدة، فأصبح أصغر لاعب يمثل ليفركوزن في دوري الدرجة الأولى بعمر 17 عاما و4 أشهر، وفيما كان يخترق صفوف الفريق الأول، كان ينهي امتحاناته المدرسية. قال اللاعب الذي بات يحمل شارة القائد في ليفركوزن “تعين علي خوض امتحاناتي الثانوية في الوقت عينه مع مسابقة الكأس. بعد ليلة ثلاثاء خضنا فيها ضربات ترجيح، كان امتحاني الأربعاء. عدت متأخرا إلى المنزل ولا أريد الحديث عن نتيجة الفحص!”. حتى إن هافرتس تغيب عن مباراة في دور ال16 ضمن دوري أبطال أوروبا ضد أتلتيكو مدريد الإسباني، لإنهاء امتحاناته. هافيرتس الذي سجل 17 هدفا الموسم الماضي و10 أهداف هذا الموسم حتى الآن، توقع له مدرب المنتخب يواكيم لوف أن يلعب “دورا رئيسا” مع “ناسيونال مانشافت”. لكن ليفركوزن الذي يدخل المرحلة الثامنة والعشرين وهو في المركز الرابع في ترتيب البوندسليغا، يدرك أن الاحتفاظ بجوهرته لن يكون سهلا. وفي ظل الحديث عن رحيله، ألمح أخيرا إلى رغبته بالمشاركة مع فريق حاضر دوما في دوري أبطال أوروبا. وقال “بالطبع هناك تكهنات كثيرة الآن، وهذا طبيعي. أركز الآن على مباريات ليفركوزن. وفي نهاية الموسم سنجد حلا”. وتابع اللاعب الذي سيبلغ الحادية والعشرين في يونيو “شخصيا أردت دوما اللعب في دوري أبطال أوروبا. هذا هدفي منذ سنتي الأولى هنا، وبشكل عام هذا هو هدف كل لاعب في البوندسليغا”.