نبيل بنعبد الله يدعو لفتح نقاش عمومي حول كيفية الخروج التدريجي من الحجر الصحي ويدعو الحكومة لبلورة سياسة تواصلية واضحة ومحكمة ومنسجمة ضرورة إعادة ترتيب الأولويات على المستوى الاقتصادي والتركيز على دور الدولة التنموي والاجتماعي والديمقراطي نزار بركة يؤكد على أن المرحلة الراهنة تشكل محطة للاختيارات الكبرى وعلى الأحزاب السياسية المساهمة في بلورتها سعد الدين العثماني يشدد على أن لا ديمقراطية بدون أحزاب سياسية فاعلة تملك قرارها المستقل وديمقراطيتها كذلك دعا نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إلى القطع مع جميع الممارسات السابقة التي أدت إلى تغييب وإبعاد الفضاء السياسي والأحزاب السياسية والتدخل في شأنها، وهي الممارسات التي أدت إلى خلق هوة سحيقة بين العمل الحزبي والسياسي والمواطنين، والشباب تحديدا. وفي المقابل، أكد نبيل بنعبد الله، في ندوة تفاعلية، نظمتها شبيبة العدالة والتنمية، أول أمس الخميس، شارك فيها سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ونزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، على ضرورة، إعطاء القيمة للفضاء السياسي والعمل السياسي، وإيجاد الصيغ الكفيلة بتحفيز الشباب على الانخراط في الحياة السياسية وفي الأحزاب السياسية، وأن تتاح لهم الفرصة للإسهام في تدبير الشأن العام الوطني، مشيرا إلى أن المواطن المغربي عندما يشعر بفائدة العمل السياسي، وبمصداقية الأحزاب السياسية، سيميز بين الصالح والطالح منها. وجدد محمد نبيل بنعبد، خلال هذه الندوة التي أدارها سعيد حازم نائب الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية، التأكيد على دعوة حزب التقدم والاشتراكية، الرامية إلى فتح نقاش عمومي، حول كيفية الخروج التدريجي من الحجر الصحي، وحول القضايا المرتبطة بما بعد كورنا، مشيرا إلى أن الرأي العام الوطني، يهمه معرفة الكيفية التي سيتم بها رفع حالة الطوارئ الصحية، وهو ما يفرض في نظره، التعامل مع الشعب المغربي على أساس أنه شعب ناضج، مشيرا إلى أنه كلما كانت هناك إجراءات وتوجهات جدية، إلا والتف حولها الشعب وتعبأ من أجل إنجاحها، كما وقع بالنسبة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة، والتي امتثل لها الشعب المغربي بكل مسؤولية. وبخصوص القضايا التي يتعين مناقشتها، لما بعد الجائحة، أوضح زعيم التقدميين المغاربة، أن العديد من الأمور التي كانت تبدو بديهية، قد انهارت، ويتعين أن يكون التعامل معها، في المستقبل بشكل مختلف تماما، مشيرا إلى أن أفظع ما يمكن أن يقع بعد الخروج من الجائحة، هو أن يكون هناك نوع من التراخي، والرجوع إلى المسالك والسياسات التي كانت من قبل، والتي أبانت عن ضعفها، وعن هفوات مختلفة. كما دعا الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، حكومة سعد الدين العثماني، إلى بلورة سياسية تواصلية واضحة ومحكمة ومنسجمة، بدل الارتباك والتناقض الحاصل في تصريحات العديد من المسؤولين الحكوميين، مشيرا إلى أن التواصل في زمن الأزمات يقتضي الوضوح، حتى لا يترك المجال للبس أو الشك لدى المواطنين، مؤكدا على ضرورة انخراط الإعلام العمومي في هذا النقاش الوطني لمرحلة ما بعد “كوفيد-19”. وقال محمد نبيل بنعبد الله، في السياق ذاته، “علينا أن نناقش ما بعد الجائحة، لأن الأمر يهم الجميع، ولا يهم فقط لجنة اليقظة، أو حتى الحكومة، لأنها لحظة سياسية بامتياز، تتطلب من الجميع القيام بمراجعات وبتضحيات”، مشيرا إلى أن الوضع الاقتصادي والوضع الاجتماعي سيكون صعبا في المرحلة المقبلة، وهو ما يفرض، بحسبه، الاتفاق حول أهداف مدققة، والالتزام بها، وعلى أساس ذلك، يدعو حزب التقدم والاشتراكية، حسب المتحدث، إلى تعاقد سياسي جديد، يتأسس على ميثاق اجتماعي بين الدولة والمقاولات والنقابات، على أن تلتزم الدولة بدعم المقاولات خاصة تلك التي تلتزم بالحفاظ على الشغل، مقابل التزام من طرف النقابات بنوع من السلم الاجتماعي، بأفق إيجابية تكون في صالح الشغيلة المغربية. كما أن التعاقد السياسي الجديد، الذي يدعو له حزب التقدم والاشتراكية، يتيعن أيضا أن يقوم على تعميق الديمقراطية، وتعميق للحريات، حسب ما أورده بنعبد الله الذي حذر، في الوقت ذاته، من مغبة تهميش المؤسسات الديمقراطية، مؤكدا على أن الدولة المغربية لن تكون قوية إلا بديمقراطيتها، وبمشاركة جميع مكونات الشعب المغربي في بلورة القرارات وتملكها، والانخراط فيها. وفي موضوع ذي صلة، دعا الأمين العام لحزب الكتاب، إلى بلورة مخطط اقتصادي واجتماعي من شأنه أن يساهم في إخراج البلاد من وضعية الأزمة، مؤكدا، على ضرورة إعادة ترتيب الأولويات على المستوى الاقتصادي والتركيز على دور الدولة التنموي، والاجتماعي والديمقراطي، وإقرار مقاربات مالية ميزانياتية وجبائية جديدة، بغض النظر عما يمكن أن يحدث من انزلاق بسيط على مستوى عجز الميزانية. وأوضح أن الإمكانيات المالية التي يتعين تعبئتها، تقتضي توسيع الوعاء الجبائي من خلال إحداث ضريبة على الثروة، وضريبة على الممتلكات الفلاحية، بالإضافة إلى إعمال حكامة اقتصادية جديدة من أجل محاربة الغش والتملص الضريبي، والتركيز على الاستثمار العمومي، وعلى القطاع العمومي من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني، وتوجيه الطلبيات العمومية لإنعاش النسيج الاقتصادي الوطني، وإحداث بنك عمومي لدعم المقاولة، بالإضافة إلى اعتماد مقاربة أيكولوجية جديدة، لأنه لا يمكن الاستغناء عن البعد الأيكولوجي للحفاظ على الثروات الطبيعية، والذي يتعين أن يشكل مجالا واعدا للتنمية وللاقتصاد التضامني والاجتماعي، والاعتماد على المنتوج الوطني والتخفيف من حجم الاستيراد، واستغلال الإمكانيات المتوفرة من أجل تطوير الصناعة الوطنية، وضمان الاكتفاء الذاتي في مجال القطاع الفلاحي. وعلى المستوى الاجتماعي، يتعين، بحسب الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وضع الإنسان في صلب المسلسل التنموي، وإعطاء الأولوية للتعليم والبحث العلمي، والرفع من الكفاءات المعرفية للمواطنين المغاربة، والرفع من إمكانيات المستشفى العمومي، وإقرار تغطية صحية شاملة من أجل تمويل هذا المجهود الاجتماعي، وإخراج السجل الاجتماعي الموحد، وإقرار حد أدنى من الدخل للفئات المعوزة جدا. وذهب محمد نبيل بنعبد الله، إلى التأكيد على استحالة بلورة أي مشروع تنموي دون ديمقراطية، وبالتالي يقول في هذا الصدد “إن أي نقاش في المستقبل، يتعين أن يسير في اتجاه الحفاظ على ديمقراطيتنا، وتطويرها، والانطلاق من دستور 2011 لبلورته وتفعيله تدريجيا”، بالإضافة إلى الارتقاء بالفاعل السياسي والنهوض بدور الأحزاب السياسية، وكافة الوسائط المجتمعية من نقابات وجمعيات المجتمع المدني، وتوسيع فضاء الحريات الفردية والجماعية”. ولفت الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية الانتباه إلى وضعية الصحافة الوطنية المكتوبة والرقمية، والتي تأثرت بشكل كبير خلال هذه الأزمة بسب انقطاع الدخل، وغياب المبيعات بسبب القرار القاضي بعدم طبع النسخ الورقية، مؤكدا على الدور الحيوي والجوهري الذي تقوم به الصحافة الوطنية والتي تعتبر ضرورية لعملية البناء الديمقراطي، داعيا رئيس الحكومة إلى تخصيص دعم استثنائي للمقاولات الصحفية، باعتبارها مقاولات تعيش وضعية صعبة على غرار باقي المقاولات التي تضررت من الأزمة. إلى ذلك، سجل نبيل بنعبد الله، مجموعة من النواقص التي اعترت التدبير الحكومي في مواجهة تداعيات جائحة كورنا، من قبيل حرمان الكثير من الأسر المعوزة من الاستفادة من الدعم المالي، والتي وصل عددها إلى 400 ألف أسرة، أي حوالي مليونين من المغاربة لم يتوصلوا بالدعم، رغم أن لجنة اليقظة أكدت، في بلاغها أول أمس، أن عدد الأسر التي لازالت لم تستفد يصل إلى 159 ألف أسرة. ويرجع ذلك، في نظر نبيل بنعبد الله، إلى تعقيد مسطرة الاستفادة من الدعم، والتي كان فيها نوع من الصرامة المبالغ فيها نسبيا، على اعتبار أن الظروف التي تمر منها بلادنا اليوم، تقتضي نوع من المرونة، من أجل إنجاح الحجر الصحي، لكي يجد الناس ما يقتاتون به يوميا، وما يعيلون به أسرهم. وأوضح الأمين العام لحزب الكتاب، أن هذه الأزمة كشفت بشكل جلي عن هشاشة عالم الشغل، وهشاشة المجتمع المغربي بصفة عامة، وهي مسؤولية جماعية، لسياسات تم نهجها في الماضي، يتعين القطع معها، في المستقبل، مشيرا إلى أن 3.4 مليون فقط هو عدد الأشخاص المسجلين في الضمان الاجتماعي، ومليوني مواطن ومواطنة لا يتوفرون على نظام المساعدة الطبية “رامد”، بالإضافة إلى 2.5 مليون مواطنة ومواطن مسجلون في نظام “رامد” بالإضافة إلى 950 ألف شخص مصرح بهم في صندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والذين أصبحوا في وضعية عطالة جزئية، مشيرا إلى أن كل هؤلاء تقدموا بطلب الاستفادة من الدعم المالي، وهو ما يعني، بحسبه، أن أزيد من نصف المغاربة يعيشون في وضعية هشاشة. من جانبه، ذكر الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، بطلب حزبه، القاضي بضرورة إعطاء الأسبقية في الدعم المالي، في هذه المرحلة، للأسرة التي لم تستفد من الدعم في المرحلة الأولى، وأن يكون هناك تنسيق ما بين الجماعات الترابية والسلطات العمومية من أجل تدارك هذه الهفوة التي حرمت آلاف الأسر من حقهم في الدعم المالي. وأكد نزار بركة على دقة وأهمية المرحلة الراهنة، التي تمر منها بلادنا، والتي قال “إنها تشكل محطة سياسية بامتياز، وهي محطة للاختيارات الكبرى، التي يتعين على الأحزاب السياسية المساهمة في بلورتها، لتجاوز التداعيات الخطيرة لأزمة كورنا” مشيرا إلى أن دقة المرحلة، وحساسيتها، تقتضي الحفاظ على منسوب الثقة الذي استعاده المواطنون في الدولة وفي المؤسسات، كما يقتضي تعزيز هذه الثقة من خلال رؤية واضحة ودقيقة بالنسبة للمستقبل، ومن خلال مصداقية العمل السياسي، ومن خلال ربط الفعل بالقول، وأيضا من خلال تقوية المشاركة وأن لا يكون هناك إحساس بالحيف وبالظلم بين المواطنين. كما دعا الأمين العام لحزب الاستقلال، إلى بلورة آلية سياسية لتتبع الأوضاع العامة بالبلاد، وآلية اجتماعية تساهم فيها النقابات لتجاوز هذه الوضعية وحتى لا تبقى حكرا على المقاولات، بالإضافة إلى دعوته إلى بلورة مقاربة شمولية تتجاوز المقاربة القطاعية من أجل الوصول إلى تعاقد مجتمعي جديد، الذي من شأنه أن يساعد على الانتقال إلى بلورة النموذج التنموي الجديد من خلال تقوية واستثمار الإنجازات الكبرى التي تحققت خلال العشرين سنة الماضية، والقطع مع السياسيات التي تؤدي إلى توسيع الفوارق الاجتماعية والمجالية، وتؤدي إلى الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، بالإضافة إلى العمل على تقوية الرقمنة وتحقيق التحول الرقمي في المغرب للاستفادة من الفرص المتاحة على الصعيد الدولي، سواء بالنسبة للاستثمارات أو بالنسبة لإمكانيات خلق فرص الشغل. وأكد زعيم حزب الاستقلال، على أن المرحلة، الراهنة، تقتضي أولويات جديدة، التي يتعين آخذها بعين الاعتبار، وهي تقوية السيادة الوطنية، وهو ما يفرض بالضرورة ضمان الأمن الغذائي للمغاربة، وضمان التموين الإستراتيجي في مجالات الطاقة والماء وكل المجالات الأساسية، وتقوية المنتوج المغربي ليكون في المستوى وأن تتوجه طلبيات الدولة إلى استغلال المنتوج المغربي بهدف تقوية الاندماج الاقتصادي الوطني. كما دعا إلى تقوية دور الدولة الراعية خاصة في مجالات التعليم والصحة، والعمل على تقديم الخدمات العمومية بجودة عالية وبكيفية منصفة، مقترحا في هذا الإطار وضع قانون يتعلق بوضع الخريطة الصحية، لضمان انخراط القطاعين العمومي والخصوصي، في المجهود الوطني، على أساس الإلزامية، وضمان تكافؤ الفرص للولوج إلى الخدمات الصحية، بالإضافة إلى دعوته لتقوية التماسك الاجتماعي من خلال تقليص الفوارق، والعمل على تحقيق التحول الأيكولوجي وإعمال حكامة جيدة. بدوره، أكد سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة، على ضرورة إطلاق نفس ديمقراطي جديد، متفقا بذلك، مع الدعوة التي أطلقها حزب التقدم والاشتراكية، مشددا في السياق ذاته، على استحالة تحقيق أي تنمية في غياب الديمقراطية، مضيفا أنه “لا ديمقراطية بدون أحزاب سياسية فاعلة تملك قرارها المستقل وديمقراطيتها كذلك”. وأورد سعد الدين العثماني، العمل الذي تقوم به الأحزاب السياسية الجادة، والتي أظهرت ذلك في تعاطيها مع تداعيات جائحة كورنا، مشيرا إلى أن المسؤولية الملقاة على عاتق الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى أدوارها الدستورية، هي أن تكون ديمقراطية، وأن تتفاعل مع المواطنين والمواطنات وأن تتواصل معهم على أوسع نطاق وتقنعهم بجديتها ومصداقيتها. وبحسب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، فإن المرحلة التي تمر منها بلادنا جراء وباء كورنا المستجد، تقتضي إرجاء الخلافات الأيدولوجية والفكرية بين الأحزاب السياسية، والانكباب بشكل جماعي لتجاوز هذه الأزمة في إطار وطني موحد، مذكرا في هذا الصدد، بالمذكرة التي صاغها حزبه، والتي أكد فيها على ضرورة تظافر الجهود بأفق وطني يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. إلى ذلك، نفى سعد الدين العثماني ادعاءات البعض بخصوص تواري الأحزاب السياسية المغربية عن الأنظار في زمن كورونا، مؤكدا على أن الأحزاب السياسية عموما قامت بجهد مقدر في محاصرة تفشي هذا الوباء، من خلال المساهمة في التأطير والتحسيس، وأيضا من خلال تدبير الشأن العام، سواء بالنسبة للمعارضة أو الأغلبية، مشيرا إلى أن هناك زخما للأنشطة السياسية والفكرية والثقافية التي نظمتها الأحزاب السياسية عبر تقنيات التواصل الرقمي.