محمد الصبار: الاستثناء الذي يمثله المغرب في محيطه الإقليمي أكسبه مهارات كبيرة في إدارة الصراع مروزازي: المرحلة الراهنة تقتضي حركة حقوقية تنتصر لقضايا حقوق الإنسان وتضطلع بدور الحماية والترافع وإنتاج المقترحات قال محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان «إن الاستثناء الذي يمثله المغرب في محيطه الإقليمي أكسبه مهارات كبيرة في إدارة الصراع»، في إشارة إلى الأسلوب الذي تنهجه الدولة المغربية في تعاطيها مع الحراك الاجتماعي والسياسي الذي تعرفه البلاد على غرار العديد من البلدان العربية. وأضاف محمد الصبار في مداخلة له في موضوع «الحكامة وحقوق الإنسان وحماية الحريات العامة»، في إطار فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان الثقافي سلوان بسلا، أن الصراع الذي عرفه المغرب في سنوات الرصاص وسجله الأسود في مجال حقوق الإنسان، ووجود حركة حقوقية قوية، بالإضافة إلى الضغط الذي كان يمارسه الاتحاد الأوروبي، والمنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، اضطرت الدولة المغربية إلى التأقلم مع الوضع الدولي، مما مكنها من الوصول إلى نتائج مهمة في إطار تسوية ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وخلال هذه الندوة التي نظمتها جمعية سلا المستقبل، أوضح محمد الصبار أن معالجة الحراك السياسي والاجتماعي في كل من تونس ومصر انطلق من المدخل السياسي، فيما كان المدخل في معالجة الأوضاع في المغرب مدخلا حقوقيا، من خلال إطلاق مجموعة من الإشارات والمبادرات التي وصفها الصبار ب «الهامة»، من قبيل إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان وفق مبادئ باريس، وتوسيع صلاحيات مؤسسات الحكامة كالهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومجلس المنافسة ومؤسسة الوسيط، بالإضافة إلى الورش المتعلق بالإصلاح الدستوري، وأضاف أن كل ذلك يؤكد بأن مغرب الغد هو مغرب جديد بدستور جديد. واعتبر محمد الصبار أن المنطلق الأساسي لأي إصلاح دستوري مرتقب هو ضمان عدم تكرار ما حدث في الماضي من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، والتنصيص على قيم الديمقراطية والمساواة والمواطنة، ودسترة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وإدراج غير القابلة منها للدسترة ضمن قوانين أخرى كالقانون الجنائي، مؤكدا على أهمية القطع مع ما وصفه ب «الدستور الضمني» ودسترة سمو المواثيق الدولية على التشريع الوطني. كما شدد محمد الصبار على مبدإ فصل السلط بما يضمن استقلال فعلي للقضاء، وإعادة النظر في وظائف المجلس الأعلى للقضاء، وفي تركيبته، وتقوية دور الشعب في إمكانية إعمال مراقبة الحاكمين، ووضع حد للازدواجية، من خلال سلطة فعلية للوزير الأول وتوسيع صلاحيات البرلمان لتوسيع مجال التشريع ودور المراقبة، وأن يستند منع الأحزاب على حيثيات مقبولة في مجتمع ديمقراطي، كأن يكون الحزب مؤسسا على أساس عرقي أو إثني أو يدعو إلى الكراهية والعنصرية. من جهتها، ذكّّّّرت خديجة مروازي الكاتبة العامة لجمعية الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، بالموقف الذي اتخذته الجمعية قبل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين الخمس، حيث كانت قد طالبت من خلاله في مذكرة رفعتها إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعنونتها ب «تدابير الثقة ذات الطبيعة الاستعجالية من أجل دعم المراجعة الشاملة للدستور ومسار الإصلاح»، حددتها في سبع تدابير استعجالية منها على الخصوص إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وفتح الإعلام العمومي والخاص أمام مختلف التعبيرات السياسية والثقافية والجمعوية في تعددها وتنوعها، وبتعزيز حضور فئة الشباب للمساهمة في مرافقة مختلف مراحل هذا الورش الإصلاحي الكبير، وتسريع إجراءات مقاضاة من تبت تورطهم في ملفات الفساد وإهدار المال العام على إثر صدور تقارير لجن تحقيق برلمانية، ومختلف المحاكم المالية، وأجهزة الرقابة والافتحاص. وأثارت خديجة مروازي، من جانب آخر، إشكالية اختلاف المكونات الحقوقية في التعاطي مع حقوق الإنسان، في إطار تفاعلها مع أسئلة الزميل محمد العوني المنسق الوطني لمجلس دعم حركة 20 فبراير الذي أدار هذه الندوة. وذكرت المروازي بالسياقات التاريخية لنشأة الحركة الحقوقية بالمغرب، والتي اتسمت بالتضييق على الفعل الحقوقي، مشيرة إلى أن المرجعية لدى جميع الفاعلين في هذا الحقل هي مرجعية واحدة على المستوى الكوني، لكن السياق المغربي كان يظهر المكونات الحقوقية وكأنها ذات لبوس سياسي. وفي إطار التحولات التي عرفها المغرب، أكدت مروازي على ضرورة مساءلة الذات الحقوقية، حول ما إذا كانت وفية للمعايير الدولية، وأشارت إلى أن إكراهات النشأة لا زالت تخيم على المرحلة الراهنة، حيث لا زال الخلط قائما داخل الحركة الحقوقية، وعدم قدرتها على التمييز بين الحركة الاحتجاجية وحركة الدفاع عن حقوق الإنسان. وأفادت خديجة مروازي، أن المرحلة الراهنة تفرض حركة حقوقية تنتصر لقضايا حقوق الإنسان، وتراقب السياسات العمومية، وتقوم بوظيفة الاقتراح والضغط من أجل انتزاع الحقوق، وعبرت مروازي عن تخوفها في حال استمرار الحركة الحقوقية كحركة احتجاجية، في أن تتحول إلى ما يشبه الحركة النقابية والسياسية، ولا تستطيع حينها التمييز بين ما هو حقوقي وما هو سياسي، في الوقت الذي يتعين فيه أن تضطلع بدور الحماية والترافع وإنتاج المقترحات. ووقف منتصر الساخي أحد الشباب الفاعلين في إطار شباب حركة 20 فبراير، على أهم مميزات الحراك الاجتماعي والسياسي الذي تعرفه بلادنا، مشيرا إلى أن حركة 20 فبراير هي امتداد طبيعي لنضالات الشعب المغربي بكل قواه الحية، الذي ضحى من أجل بناء مغرب ديمقراطي حداثي. وذكر الساخي، أن العشر سنوات الأخيرة كان خطاب الإصلاح يغزو الفضاء العمومي، لكن مع مرور السنوات تأكد أن المغرب لم يتحقق فيه أي شيء، بل الأكثر من ذلك دخل في أزمة حادة على جميع المستويات. وأوضح أن حركة 20 فبراير هي دعوة للاحتجاج وإطلاق دينامية التغيير وليست حزبا سياسيا ولا هي بديلا عن الأحزاب السياسية، مشيرا إلى أن الدولة المغربية لم تستطع القضاء على مظاهر التخلف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وأن ما يسمى ب»العهد الجديد» ما هو في نظره إلا استمرار للعهد القديم وامتداد له. وطالب الشاب عبد الرزاق شهواني بضرورة القطع مع ممارسات الماضي وإغلاق المعتقل السري بتمارة الذي يشكل، بحسبه، مهزلة القرن الواحد والعشرين، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين بمن فيهم معتقلي حركة 20 فبراير، وإقرار إصلاحات حقيقية تتجاوب مع مطالب الشعب المغربي وعلى رأسها محاربة الفساد ومحاكمة المفسدين وإرجاع الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، وإقرار سياسة اجتماعية قادرة على ضمان الحق في السكن وفي التعليم والصحة والشغل لعموم أفراد الشعب المغربي وخاصة الفئات المحرومة والفقيرة التي تعيش في وضعية هشاشة مستدامة.