توقيع بروتوكول لإنشاء ميناء جاف بأكادير لتعزيز البنية اللوجستية بجهة سوس ماسة    أخنوش يترأس افتتاح مصنع جديد لمجموعة ليوني    توفير 2373 عونا ناطقا باللغة الأمازيغية بتعبيراتها الثلاث في متم سنة 2025    العمراني يحضر حفل تنصيب ترامب    باكستان تبحث تعزيز التعاون الأمني مع المغرب في مكافحة الإرهاب    اتخاذ تدابير عملية لمواجهة موجة البرد بإقليم شفشاون    ترامب: الحقبة الذهبية لأميركا "بدأت للتو".. سنوقف الحروب وسأكون صانع السلام    بريد المغرب يعزز دوره كرائد في الثقة الرقمية بالمغرب بحصوله على اعتماد من المديرية العامة لأمن نظم المعلومات    ملفات أمنية تجمع حموشي والشودري    الوالي التازي: "أمانديس" ستواصل خدماتها إلى نهاية 2026.. والشركة الجهوية تبدأ التدبير التدريجي ابتداءً من 2025    رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا يجدد التأكيد على دعم المجموعة الثابت لمغربية الصحراء    السياحة الداخلية.. تسجيل 8.5 مليون ليلة مبيت بالفنادق المصنفة خلال سنة 2024    لمواجهة آثار التقلبات المناخية.. عامل إقليم الحسيمة يترأس أشغال لجنة اليقظة والتتبع    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" بستايل رومانسي رفقة سكينة كلامور    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    الخزينة العامة تكشف عن تراجع عجز الميزانية إلى 64.4 مليار درهم    موعد رحيل "مكتب هالا" عن الرجاء    اتحاد نسائي: تعديلات المدونة مخيبة    وزير الفلاحة: نعمل على إحصاء القطيع الوطني وإيجاد حلول للإنتاج    برنامج يواكب الفلاحين بالجنوب الشرقي    مأساة مؤلمة: رضيع اليوتيوبر "عبير" يلحق بوالدته بعد عشرة أيام فقط من وفاتها    الناظور تحتضن بطولة للملاكمة تجمع الرياضة والثقافة في احتفال بالسنة الأمازيغية    الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية والسيد لوديي يستقبلان رئيس أركان القوات المسلحة بجمهورية إفريقيا الوسطى    عمر نجيب يكتب: غزة أثبتت للعالم أنها قادرة على تحمل الحرب الشاملة وعدم التزحزح عن الأرض..    الوزير بنسعيد يعلن عن تعميم خدمات جواز الشباب على الصعيد الوطني    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    بعد غزة.. هل تستمر الهدنة في لبنان؟ ترامب: على إسرائيل الانسحاب من جنوب لبنان قبل ال26 من يناير    إعادة انتخاب فلورينتينو بيريس رئيسا لريال مدريد    الأرصاد الجوية تحذر من رياح قوية    الكشف عن عرض فيلم اللؤلؤة السوداء للمخرج أيوب قنير    إضراب الأطباء بالمستشفى الحسني بالناظور لمدة 5 أيام    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. 116 وفاة و25 ألف إصابة ودعوات لتحرك عاجل    طنجة .. ثلاثيني يضع حدا لحياته بعد هجر زوجته له    أغنية «ولاء» للفنان عبد الله الراني ..صوت الصحراء ينطق بالإيقاع والكلمات    1000 يورو لمن يعثر عليها.. بدر هاري يستعيد محفظته    المغرب وفلسطين: الدعم اللامشروط لا ينتظر "لا جزاء، ولاشكورا"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ترامب يستعد لتسلم مهامه ويصبح الرئيس الأمريكي الأكبر سنا لحظة دخوله البيت الأبيض    المنتج عبد الحق مبشور في ذمة الله    نهضة بركان تنهي دور المجموعات باكتساح شباك ستيلينبوش بخماسية نظيفة    أمن البيضاء يفتح تحقيقا في ملابسات اعتداء على بائعة سمك    ابتسام الجرايدي تتألق في الدوري السعودي للسيدات وتدخل التشكيلة المثالية للجولة 11    سعر "البتكوين" يسجل مستوى قياسيا جديدا بتخطيه 109 آلاف دولار    تنظيم أول دورة من مهرجان السينما والتاريخ بمراكش    أنت تسأل وغزة تجيب..    "تيك توك" تعود للعمل بأمريكا وبكين تدعو واشنطن لتوفير بيئة منفتحة للشركات    عبوب زكرياء يقدم استقالته بعد خسارة الدفاع الحسني الجديدي أمام الوداد    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    منها ذهبية واحدة.. جيدو المغرب يحرز 11 ميدالية    إسرائيل تفرج عن 90 معتقلا فلسطينيا ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل مع حماس    إبداع النساء المغربيات في أطباق البسطيلة المغربية يبهر العالم    فريق كوري يبتكر شبكة عصبية لقراءة نوايا البشر من موجات الدماغ    إسدال الستار على فعاليات الدورة ال3 من المهرجان المغربي للموسيقى الأندلسية    الجزائر.. فيروس ينتشر ويملأ مستشفيات البلاد بالمرضى    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبير التربوي عبد الرزاق بن شريج في حوار مع جريدة بيان اليوم
نشر في بيان اليوم يوم 13 - 05 - 2020

الدروس التلفزية والرقمية التي تقدم حاليا لا تتوفر فيها شروط التعليم عن بعد
قال الخبير التربوي (والمفتش بوزارة التربية الوطنية)، عبد الرزاق بن شريج، إن الدروس الرقمية التي يتم تقديمها حاليا لا تتوفر فيها شروط التعليم عن بعد، وخاصة بالنسبة لسلكي التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي.
وأكد عبد الرزاق بن شريج في حواره مع جريدة بيان اليوم، حول تفاعل وزارة التربية الوطنية مع أزمة كورونا بعد إعلان المغرب عن حالة الطوارئ الصحية، أن أغلب نساء ورجال التعليم انخرطوا طوعا للمشاركة في مبادرة التعليم عن بعد، بالرغم من عدم توفرهم على تكوين أساس أو مستمر لإعداد الدروس الرقمية، إيمانا منهم بأداء مهمتهم التعليمية من خلال استمرار العلاقة مع متعلميهم وتواصلهم معهم وهم في فترة الحجر الصحي.
وأوضح بن شريج أن التعليم عن بعد يتطلب وضع قواعد وتوجيهات ومعاير ملزمة للمدرس والمتعلم، مشيرا إلى أن الدروس التي لا تبنى عبر تفاعل المتعلم(ة) مع ما يقدم له لن تحقق المراد منها.
وأفاد الخبير التربوي أن مصطلح “الطوارئ” مغيب تماما من قاموس الوزارة، التي تشتغل على التدبير اليومي فقط، مشددا بأن ذلك أبان عن ارتباك الوزارة حين أصبحت تبحث عما تقدمه من دروس للمتعلمين واستعانتها بكل ما يوجد عند الأشخاص، مهما كانت درجة جودته.
وبخصوص الأرقام التي تصرح بها الوزارة، حول زيارات الآلاف من التلاميذ للمواقع المحدثة لتلقي الدروس عن بعد، وكذا عدد المشاهدات على شاشات التلفاز، ذكر المتحدث أن هذه المؤشرات ليست دليلا علميا على استفادة أغلب المتعلمين مما يقدم.
وفي سياق متصل، نبه عبد الرزاق بن شريج إلى ضرورة أن تقوم الوزارة الوصية باختيار لجان متخصصة لمراقبة الدروس قبل بثها على القنوات العمومية، أو على مسطحة (telmidtice).
ودعا بن شريج الوزارة إلى إعادة النظر في كل خططها وترتيب أولوياتها، ومن بين الأولويات الأولى التكوين الأساس والتكوين المستمر، مطالبا أيضا بإعداد التجهيزات الضرورية لإنجاح تجربة التعليم عن بعد التي لم يكن أحد يتصور أن هناك إرادة أكبر ستدفع في اتجاه دخول غمار المعركة بما تيسر.
وفيما يلي تفاصيل نص الحوار الذي أجرته جريدة بيان اليوم، مع عبد الرزاق بن شريج:
قال إن مصطلح “الطوارئ” مغيب تماما من قاموس وزارة التربية الوطنية
مر على توقيف الدراسة الحضورية زهاء شهر ونصف، فما تقييمك لهذه المرحلة من التعليم عن بعد؟
للجواب عن هذا السؤال، لابد من تقسيمه إلى قسمين:
القسم الأول، يخص ما أعدته وزارة التربية الوطنية لتجاوز الأزمة المفاجئة، حيث أعادت الجائحة طرح مخرجات برنامج جيني وما تم تنزيله في هذا الصدد، فالبرنامج الذي بدأ منذ 2009 لم يعد لمثل هذه الطوارئ أي شيء يذكر، وهو ما ترتب عنه بعض الاستعجال في إعداد دروس رقمية لا تتوفر فيها شروط التعليم عن بعد، وخاصة بالنسبة لسلكي التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي.
والقسم الثاني، هو تجند أغلب نساء ورجال التعليم طوعا للمشاركة، بما لديهم من إمكانات شخصية ودون تكوين أساس أو مستمر لإعداد الدروس الرقمية، واستمرار العلاقة مع متعلميهم في إطار التعليم عن بعد.
إذا يفهم من هذا أن الوزارة لم تنجح فيما أسمته التعليم عن بعد؟
من الطبيعي أنها لن تنجح إن أردنا الحديث عن الشروط الأساسية للتعليم عن بعد، أما إن أردنا الحديث عن عدد الدروس المعدة، وعدد زوار منصة (TelmidTice)، وعدد متتبعي القنوات التلفزية، كما جاء في بلاغ الوزارة الوصية، دون الأخذ بعين الاعتبار جودة المنتوج، وإمكانيات إيصاله للمتعلم، فالإحصائيات الرسمية للوزارة تشير للنجاح الباهر، وهذا دورها دفاعا عن لغة الرسميات.
ماذا تقصد بالشروط الأساسية للتعليم عن بعد؟
كما يفهم من تسميته فهو تعليم لا يلتقي فيه المدرس بمتعلميه أو طلابه، فالمتعلم يتلقى مادته العلمية في أقراص CD أوDVD، أو في أوراق ترسل عبر البريد، أو كما يحصل الآن عن طريق التلفزة والأنترنيت (المواقع والمنصات والغرف الصوتية، وباقي الوسائط)، وهذه طرق جديدة لم يتدرب عليها المدرس(ة)، فالأخير كان يقدم دروسه في تفاعل مع تلامذته وفي مدد زمنية تناسب المضمون والطريقة المعتمدة في التدريس، ومن بين الشروط كذلك الأخذ بعين الاعتبار حاجات المتعلمين، وما تتطلبه المقررات الدراسية، ليتم اختيار التكنولوجيا التعليمية الملائمة لتدريسها.
فمثلا قرار تكييف مضمون درس مدته ساعتان لتصبح 26 دقيقة، والذي مدته ساعة أو 45 دقيقة تصبح 10 أو 15 دقيقة عملية تحتاج نقاش الخبراء التربويين وخبراء التكنولوجيا الحديثة، وهو ما لم تفكر فيه الوزارة، بل لا نعرف على أي أساس تم التقسيم، كما أن للقسم الافتراضي، الذي تتحدث عنه البلاغات الرسمية، طرائق ومنهجيات تدبيرية وتربوية لم يكون فيها المدرس(ة)، فالتعليم عن بعد يتطلب وضع قواعد وتوجيهات ومعاير ملزمة للمدرس والمتعلم، فالدروس التي لا تبنى عبر تفاعل المتعلم(ة) مع ما يقدم له لن تحقق المراد منها.
أما توفر الوسائل والأدوات التكنولوجية وغيرها (الحاسوب، والتلفاز، والكهرباء، والأنترنيت) فلا يتسع المجال للحديث عنها، رغم أنها من بين أهم ركائز التعليم عن بعد.
قلت في جواب سابق، إن الوزارة لم تعد للتعليم عن بعد أي شيء يذكر، هذا يعني أنها لم تفعل القانون الإطار؟
حقيقة القانون الإطار للتربية والتكوين يتحدث في مادته 33 عن تعزيز إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النهوض بجودة التعلمات وتحسين مردوديتها، وكذا- إدماج التعليم الإلكتروني تدريجيا في أفق تعميمه، ولكن نعرف جيدا كيف يسير تنزيل أي مشروع بالمغرب، وليس فقط في مجال التربية والتكوين، فالقانون الإطار نفسه لم يصادق عليه إلا بعد مرور أزيد من سنتين على طرحه للنقاش المؤسساتي، وبالتالي الموضوع ليس موضوع وجود قانون إطار من عدمه، بل الإشكال في غياب المحاسبة، فقبل ذلك الوزارة الوصية خلقت مديرية تهتم بالتكنولوجيا التربوية منذ أكثر من 10 سنوات ولم تهيئ في ما خلقت لأجله ما يفيد المنظومة خلال هذه الأزمة، ولا أحد يلتفت لهذا المأزق الذي عرت عنه جائحة كورونا.
إن كنت تقصد مديرية جيني، فما مهامها القانونية في مجال التعليم عن بعد؟
نعم، هذه مديرية خلقت في فترة من الزمن، ولا وجود لها في الهيكلة الرسمية لوزارة التربية الوطنية، ولا يهمنا هنا المديرية بقدر ما يهمنا البرنامج الذي تكلفت به، وهو تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالتعليم، وهو أحد المشاريع المهيكلة للورش الوطني الرقمي 2013، ويعتبر من المشاريع المحورية في البرنامج الاستعجالي، حيث يرتكز على تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصال في المجال التربوي، في أجل يبتدئ من سنة 2009 وينتهي في سنة 2013.
ومن بين أهدافه المساهمة في تحسين جودة التعلمات عبر تعميم الأداة المعلوماتية بمختلف استعمالاتها داخل المدرسة المغربية. ويستهدف هذا المشروع خمسة محاور، وهي: 1- تجهيز كافة المؤسسات التعليمية بالعتاد المعلومياتي وربطها بشبكة الأنترنيت؛ 2- تكوين وإنماء القدرات المهنية المتصلة باستعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المجال التربوي لفائدة الفاعلين التربويين (هيأة التدريس، هيأة التأطير التربوي، هيأة الإدارة التربوية)؛ 3- اقتناء وملاءمة وإنتاج الموارد الرقمية ووضعها رهن إشارة المدرسات والمدرسين والتلميذات والتلاميذ عبر البوابة الرقمية الوطنية؛ 4- تطوير استعمالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال التحسيس بقيمتها المضافة في التدريس ومصاحبة وتتبع الممارسات المرتبطة بإدماج هذه التكنولوجيات في منظومة التربية والتكوين؛ 5 – قيادة البرنامج من خلال تصريف الاستراتيجية الوطنية على الصعيد الجهوي والإقليمي والمحلي في إطار تدبير تشاركي بين الإدارة المركزية والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية. ولك أن تقيم الوضع الذي عليه الوزارة في الظرفية الحالية وماذا أعد الساهرون على هذا البرنامج في مجال التعليم عن بعد.
ورغم ذلك فالحل الأنسب هو ما قامت به الوزارة تجنبا لكارثة انتشار الوباء، أليس كذلك؟
لا خلاف بين كل المهتمين أن إغلاق المؤسسات التربوية كان قرارا صائبا، بل واجبا على الدولة القيام به حفاظا على المواطنين(ات)، لكن حديثنا هنا عن قصور رؤية الحكومات المتعاقبة في مجال تطوير التعليم بصفة عامة، والتعليم عن بعد خاصة، فمصطلح “الطوارئ” مغيب تماما من قاموس الوزارة، التي تشتغل على التدبر اليومي فقط، وهو ما أبان عن ارتباك الوزارة حين أصبحت تبحث عما تقدمه من دروس للمتعلمين واستعانتها بكل ما يوجد عند الأشخاص، مهما كانت درجة جودته.
كيف يستقيم هذا الكلام وبلاغ الوزارة يتحدث عن مئات الدروس وآلاف زوار مسطحاتها وآلاف مشاهدي القنوات التلفزية التعليمية؟
أولا، لا توجد بالمغرب قنوات تعليمية، أي قنوات متخصصة في التعليم، وهذا دليل آخر على أن الحكومات المغربية لا تفكر بجدية في التعليم عن بعد.
ثانيا، ما تقدمه القنوات التلفزية المغربية (الثقافية / العيون / الأمازيغية / الرياضية ) التي قدمتها وزارة التربية الوطنية على أنها تبرعت على التلاميذ ببث الدروس، وهذه لغة لا تليق بقنوات تمول من جيوب المغاربة، أقول هذه دروس عبارة عن اجتهادات نساء ورجال التعليم مشكورين على ذلك، لم يتلقوا في شأنها أي تكوين، أو دعم، ورغم ذلك كانوا مجندين خدمة للصالح العام، وهي بذلك تحتاج الشروط المتحدث عنها سابقا.
ووفرة الدروس بأشكال متنوعة (التصوير بالهاتف، البوربونت، الساقط الخلفي، الاكتفاء بالصوت، …) سواء التي تبث على القنوات التلفزية أو منصة (تلميذ تيس) أو على صفحات التواصل الاجتماعي لدليل على استعداد أغلب رجال ونساء التعليم وقصور يد الوزارة في هذا الباب.
أما آلاف المشاهدات وآلاف الزوار فليس دليلا علميا على استفادة أغلب المتعلمين مما يقدم، فتلك إكراهات أخرى تهم القدرة الشرائية والموقع الجغرافي للمتعلم(ة) وتوفر وسائل التواصل، مع الإشارة إلى أن بمغربنا مناطق لا تتوفر على الربط بالكهرباء مما يعفينا من الحديث عن باقي الوسائل، لذا يجب التركيز على النسبة الكبيرة التي لم تسعفها ظروفها في الاستفادة مما يوجد سواء على القنوات أو على الأنترنيت.
هل يفهم من كلامك أن على الوزارة تبني التعليم عن بعد حتى بعد الجائحة؟
قد يكون الجواب هنا ب”نعم” وب”لا “في الوقت نفسه، وقبل ذلك يجب الإشارة إلى أننا نتحدث عما يلزم وزارة التربية الوطنية، لأن التعليم عن بعد مسؤولية حكومية، فليس من مسؤولية وزارة التربية الوطنية الرفع من مستوى الدخل الفردي، ولا تغطية الدواوير والمداشر بالكهرباء والأنترنيت، وغيرها من شروط تنزيل مشروع التعليم عن بعد.
قد يكون التعليم عن بعد مفيدا لفئات وغير مفيد لفئات أخرى، وسأبدأ بالتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي، حيث لا يمكن أن يعوض الحضوري، بل يكون مكملا للحضوري فقط، لأنه لا يمكن المتعلمين من التربية على القيم التي يجد تطبيقها عمليا بين الأقران بحضور المدرس، فهو يقدم المعلومة جافة لا روح فيها، بالإضافة إلى الشروط المتحدث عنها سلفا.
وبالنسبة للثانوي التأهيلي والجامعي، فقد يكون ضروريا لتجاوز مشكل الاكتظاظ، وقد يكون مكملا كذلك في بعض التخصصات. أما بالنسبة لتكوين الكبار بالمراكز فيمكن اعتباره ضرورة حتمية، لكن الأمر يحتاج دراسة وتحليلا.
بصفتك مفتشا تربويا لأكثر من 28 سنة، ما رأيك في الأخطاء التي يرتكبها المدرسون(ة) خلال تقديمهم لدروس عبر الوسائط التكنولوجية؟
للتوضيح فقط، أنا هنا لا أتحدث بصفة مفتش، وبالنسبة لسؤالك فإن كان المقصود بالأخطاء مشكل عدم التمكن من الكفايات التدريسية، فهذا ليس مفاجئا بحكم توظيف أزيد من 75 ألف متعاقد (موظفو الأكاديميات) بدون تكوين بيداغوجي كاف، فكيف سنتكلم عن التكوين في إعداد الدروس الرقمية؟
فإعداد درس رقمي يقتضي احترام المعايير التقنية للتصوير، وكذا مراقبة المحتوى البيداغوجي والمصادقة عليه، بخلاف غالبية ما يروج في موقع “اليوتوب” من دروس رقمية صورت بمبادرات شخصية، أو حتى بعض ما تنشره قناة الرابعة، أو المسطحة الإلكترونية، كما سبقت الإشارة إليه، لذلك اختلط الجيد بغيره.
وعليه فمن واجب الوزارة الوصية اختيار لجان متخصصة لمراقبة الدروس قبل بثها على القنوات العمومية، أو على مسطحة (telmidtice)، أما إن كان المقصود بعض ما روج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فلا أعتقد أنه صحيح، إذ كيف يمكن التأكد من أن الأمر يعني أساتذة حقا، أم أن الأمر مقصود وغرضه الإساءة إلى الهيأة؟ وحتى إن كان كذلك، فلكل قطاع أكفاء، وغير أكفاء بما في ذلك الوزراء أنفسهم، فمنهم من لا يستحق أن يتحمل تلك المسؤولية.
ما هو المطلوب القيام به بعد العودة إلى التعليم الحضوري؟
في مجال التعليم عن بعد، على الوزارة اعتبار الجائحة بمثابة تدشين لعملية تحدث عنها العديد من المهتمين والخبراء والباحثين، بل أقرها دستور المملكة، والقانون الإطار للتربية والتكوين، لأنها مطلب العديد من الحساسيات.
وعلى الوزارة إعادة النظر في كل خططها وترتيب أولوياتها ومن بين الأولويات الأولى التكوين الأساس والتكوين المستمر، وعلى الدولة المغربية إعداد التجهيزات الضرورية لإنجاح هذه التجربة التي لم يكن أحد يتصور أن هناك إرادة أكبر ستدفع في اتجاه دخول غمار المعركة بما تيسر.
أما بالنسبة للتعليم الحضوري فكل المشاريع التي بدأتها الوزارة الوصية تحتاج مراجعة وترتيبا وتمحيصا يناسب الوضع الجديد الذي ستصبح عليه كل القطاعات بما فيها قطاع التربية والتكوين.
هل ترى أنه بالإمكان إنقاذ السنة الدراسية 2019/2020 وإبعاد شبه سنة بيضاء؟
هذا هو أصعب سؤال، لأنه يعطيك أن تختار بين مشكلتين وليس حلين، لكن قبل ذلك لابد من إقباس تدوينة قرأتها على الفايس بوك لمفتشة تربوية تقول فيها “النجاح نتيجة والانتقال قرار. النجاح له معيار واحد، التمكن من السابق لتعلم اللاحق، أما الانتقال فمعاييره شتى خليط غير متجانس بين ما هو سياسي اقتصادي اجتماعي جائحي…إذا لم نتعلم من الظرفية الحالية أن النجاح أهم من الانتقال، فمصيرنا هو الرسوب مرة أخرى حتى لو انتقلنا بنسبة 100% “، ولم أجد أحسن من هذا التعبير الذي لخص الموضوع في بضع كلمات.
وعليه فانتقال المتعلمين إلى المستوى الأعلى بيد الوزارة الوصية، وغير ذلك بيد المعلم والمتعلم، هذا على المستوى التربوي فالدروس متسلسلة ل ايمكن للمتعلم أن يستوعب الدرس الثاني أو الثالث قبل تلقيه الدرس الأول، وهكذا نجد أن الحل لإبعاد شبح السنة البيضاء هو تعويض عدد أيام الدراسة في الأشهر الموالية وتأجيل الامتحانات إلى شهر شتنبر.
حقيقة للسنة البيضاء خسائر مادية واجتماعية كبيرة، فلا نتوفر على حجرات ومقاعد وأساتذة لإبقاء العدد الحالي بالتعليم المدرسي واستقبال آلاف بالمستوى الأول ابتدائي في السنة الدراسية الموالية، بالإضافة إلى صعوبة إقناع الآباء والأولياء بأن يكرر أبناؤهم السنة الدراسية، ولكن الخسارة الأكبر هي انتقال المتعلمين إلى المستويات الأعلى دون استحقاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.