بنك المغرب يتوقع تراجع التضخم إلى 0.8% في الفصل الرابع من 2024    وضعية إشتغال مركز تسجيل السيارات بالجديدة.. العمل داخل ''كراج'' بدلاً من مرفق عمومي يثير التساؤلات    الملك يعزي الرئيس ماكرون في ضحايا إعصار تشيدو بأرخبيل مايوت    ما هي التحديات الكبرى التي تواجه القيادة السورية الجديدة؟    ريال مدريد يتوج بلقب كأس القارات على حساب باتشوكا المكسيكي    برعاية مغربية .. الفرقاء الليبيون يتوصلون إلى اتفاق جديد في بوزنيقة    حجز آلاف الأدوية المهربة في مراكش    النقض يرفض طلب "كازينو السعدي"    وزير الخارجية الشيلي: العلاقة الشيلية المغربية توفر إمكانيات كبيرة للتعاون    الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي يخضع للرقابة بسوار إلكتروني لمدة سنة بعد إدانته بتهم الفساد واستغلال النفوذ    في يومها العالمي..ائتلاف يدق ناقوس الخطر إزاء ما يتهدد لغة الضاد في المغرب من محاولات الهدم    ألباريس: لم نقدم أي تنازلات للمغرب في ملف الصحراء والعلاقات بين البلدين تعيش أفضل لحظاتها    فرنسا تقيم الخسائر بعد إعصار مايوت    الأمن يطلق بوابة الخدمات الرقمية    شباب جمعية "أسوار فاس" يواصلون الإبهار بعروض مسرحية متنوعة بطنجة    تسجيل أول حالة إصابة خطيرة بإنفلونزا الطيور في أمريكا    مؤجلات الجولة 31 من الدوري الاحترافي .. الوداد ضيف ثقيل على الجيش الملكي بالقنيطرة والكوديم يتحدى نهضة بركان    تألق رياضي وتفوق أكاديمي للاعبة الوداد الرياضي سلمى بوكرش بحصولها على شهادة الدكتوراه    حزب العدالة والتنمية يواجه رئيس الحكومة بتهم تنازع المصالح بعد فوز شركته بصفقة تحلية المياه    شركة "أطلنطاسند" للتأمين تعلن عن تقليص مدة الخبرة والتعويض إلى 60 دقيقة فقط    بوريطة يؤكد الحاجة الماسة إلى "روح الصخيرات" لحل الملف الليبي    مفوضة أوروبية: المغرب «شريك أساسي وموثوق» للاتحاد الأوروبي    الرجاء يستجدي جامعة كرة القدم لمساعدته في رفع المنع من التعاقدات    معاناة متجددة لمرضى السل بفعل انقطاع الدواء باستمرار        وداعا أمي جديد الشاعر والروائي محمد بوفتاس    فاس.. انطلاق أشغال الدورة العادية السادسة للمجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة    زيان يسقط فجأة خلال محاكمته ويُنقل للإسعاف    المغرب وإسبانيا يعيشان "أفضل لحظة في علاقاتهما الثنائية" (ألباريس)    حفل توقيع "أبريذ غار أوجنا" يبرز قضايا التعايش والتسامح        الناظور.. ارتفاع معدل الزواج وتراجع الخصوبة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    جمعيات تعبر عن رفضها لمضامين مشروع قانون التراث الثقافي    أزمة اللحوم الحمراء بالمغرب بين تراجع الأغنام وسياسات الاستيراد    مزور يشرف على انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ بالبيضاء    اختيار الفيلم الفلسطيني "من المسافة صفر" بالقائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي    تداولات الافتتاح ببورصة الدار البيضاء    الجواهري: سنكون من أوائل الدول التي ترخص العملات المشفرة    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير معدلة وراثيا لبيع أعضائها للبشر    علماء يطورون بطاطس تتحمل موجات الحر لمواجهة التغير المناخي    الطلب العالمي على الفحم يسجل مستوى قياسيا في 2024    مقر الفيفا الأفريقي في المغرب.. قرار يعزز موقع المملكة على خارطة كرة القدم العالمية    كأس إيطاليا: يوفنتوس يفوز على كالياري برياعية ويتأهل لربع النهاية    الكعبي عقب استبعاده من جوائز الكرة الذهبية: "اشتغلت بجد وفوجئت بغيابي عن قائمة المرشحين"    شباب مغاربة يقترحون حلولا مبتكرة للإجهاد المائي    حماس تصف محادثات الدوحة حول الهدنة بأنها "جادة وإيجابية" وإسرائيل تنفي توجه نتانياهو للقاهرة    دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبير التربوي عبد الرزاق بن شريج في حوار مع جريدة بيان اليوم
نشر في بيان اليوم يوم 13 - 05 - 2020

الدروس التلفزية والرقمية التي تقدم حاليا لا تتوفر فيها شروط التعليم عن بعد
قال الخبير التربوي (والمفتش بوزارة التربية الوطنية)، عبد الرزاق بن شريج، إن الدروس الرقمية التي يتم تقديمها حاليا لا تتوفر فيها شروط التعليم عن بعد، وخاصة بالنسبة لسلكي التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي.
وأكد عبد الرزاق بن شريج في حواره مع جريدة بيان اليوم، حول تفاعل وزارة التربية الوطنية مع أزمة كورونا بعد إعلان المغرب عن حالة الطوارئ الصحية، أن أغلب نساء ورجال التعليم انخرطوا طوعا للمشاركة في مبادرة التعليم عن بعد، بالرغم من عدم توفرهم على تكوين أساس أو مستمر لإعداد الدروس الرقمية، إيمانا منهم بأداء مهمتهم التعليمية من خلال استمرار العلاقة مع متعلميهم وتواصلهم معهم وهم في فترة الحجر الصحي.
وأوضح بن شريج أن التعليم عن بعد يتطلب وضع قواعد وتوجيهات ومعاير ملزمة للمدرس والمتعلم، مشيرا إلى أن الدروس التي لا تبنى عبر تفاعل المتعلم(ة) مع ما يقدم له لن تحقق المراد منها.
وأفاد الخبير التربوي أن مصطلح “الطوارئ” مغيب تماما من قاموس الوزارة، التي تشتغل على التدبير اليومي فقط، مشددا بأن ذلك أبان عن ارتباك الوزارة حين أصبحت تبحث عما تقدمه من دروس للمتعلمين واستعانتها بكل ما يوجد عند الأشخاص، مهما كانت درجة جودته.
وبخصوص الأرقام التي تصرح بها الوزارة، حول زيارات الآلاف من التلاميذ للمواقع المحدثة لتلقي الدروس عن بعد، وكذا عدد المشاهدات على شاشات التلفاز، ذكر المتحدث أن هذه المؤشرات ليست دليلا علميا على استفادة أغلب المتعلمين مما يقدم.
وفي سياق متصل، نبه عبد الرزاق بن شريج إلى ضرورة أن تقوم الوزارة الوصية باختيار لجان متخصصة لمراقبة الدروس قبل بثها على القنوات العمومية، أو على مسطحة (telmidtice).
ودعا بن شريج الوزارة إلى إعادة النظر في كل خططها وترتيب أولوياتها، ومن بين الأولويات الأولى التكوين الأساس والتكوين المستمر، مطالبا أيضا بإعداد التجهيزات الضرورية لإنجاح تجربة التعليم عن بعد التي لم يكن أحد يتصور أن هناك إرادة أكبر ستدفع في اتجاه دخول غمار المعركة بما تيسر.
وفيما يلي تفاصيل نص الحوار الذي أجرته جريدة بيان اليوم، مع عبد الرزاق بن شريج:
قال إن مصطلح “الطوارئ” مغيب تماما من قاموس وزارة التربية الوطنية
مر على توقيف الدراسة الحضورية زهاء شهر ونصف، فما تقييمك لهذه المرحلة من التعليم عن بعد؟
للجواب عن هذا السؤال، لابد من تقسيمه إلى قسمين:
القسم الأول، يخص ما أعدته وزارة التربية الوطنية لتجاوز الأزمة المفاجئة، حيث أعادت الجائحة طرح مخرجات برنامج جيني وما تم تنزيله في هذا الصدد، فالبرنامج الذي بدأ منذ 2009 لم يعد لمثل هذه الطوارئ أي شيء يذكر، وهو ما ترتب عنه بعض الاستعجال في إعداد دروس رقمية لا تتوفر فيها شروط التعليم عن بعد، وخاصة بالنسبة لسلكي التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي.
والقسم الثاني، هو تجند أغلب نساء ورجال التعليم طوعا للمشاركة، بما لديهم من إمكانات شخصية ودون تكوين أساس أو مستمر لإعداد الدروس الرقمية، واستمرار العلاقة مع متعلميهم في إطار التعليم عن بعد.
إذا يفهم من هذا أن الوزارة لم تنجح فيما أسمته التعليم عن بعد؟
من الطبيعي أنها لن تنجح إن أردنا الحديث عن الشروط الأساسية للتعليم عن بعد، أما إن أردنا الحديث عن عدد الدروس المعدة، وعدد زوار منصة (TelmidTice)، وعدد متتبعي القنوات التلفزية، كما جاء في بلاغ الوزارة الوصية، دون الأخذ بعين الاعتبار جودة المنتوج، وإمكانيات إيصاله للمتعلم، فالإحصائيات الرسمية للوزارة تشير للنجاح الباهر، وهذا دورها دفاعا عن لغة الرسميات.
ماذا تقصد بالشروط الأساسية للتعليم عن بعد؟
كما يفهم من تسميته فهو تعليم لا يلتقي فيه المدرس بمتعلميه أو طلابه، فالمتعلم يتلقى مادته العلمية في أقراص CD أوDVD، أو في أوراق ترسل عبر البريد، أو كما يحصل الآن عن طريق التلفزة والأنترنيت (المواقع والمنصات والغرف الصوتية، وباقي الوسائط)، وهذه طرق جديدة لم يتدرب عليها المدرس(ة)، فالأخير كان يقدم دروسه في تفاعل مع تلامذته وفي مدد زمنية تناسب المضمون والطريقة المعتمدة في التدريس، ومن بين الشروط كذلك الأخذ بعين الاعتبار حاجات المتعلمين، وما تتطلبه المقررات الدراسية، ليتم اختيار التكنولوجيا التعليمية الملائمة لتدريسها.
فمثلا قرار تكييف مضمون درس مدته ساعتان لتصبح 26 دقيقة، والذي مدته ساعة أو 45 دقيقة تصبح 10 أو 15 دقيقة عملية تحتاج نقاش الخبراء التربويين وخبراء التكنولوجيا الحديثة، وهو ما لم تفكر فيه الوزارة، بل لا نعرف على أي أساس تم التقسيم، كما أن للقسم الافتراضي، الذي تتحدث عنه البلاغات الرسمية، طرائق ومنهجيات تدبيرية وتربوية لم يكون فيها المدرس(ة)، فالتعليم عن بعد يتطلب وضع قواعد وتوجيهات ومعاير ملزمة للمدرس والمتعلم، فالدروس التي لا تبنى عبر تفاعل المتعلم(ة) مع ما يقدم له لن تحقق المراد منها.
أما توفر الوسائل والأدوات التكنولوجية وغيرها (الحاسوب، والتلفاز، والكهرباء، والأنترنيت) فلا يتسع المجال للحديث عنها، رغم أنها من بين أهم ركائز التعليم عن بعد.
قلت في جواب سابق، إن الوزارة لم تعد للتعليم عن بعد أي شيء يذكر، هذا يعني أنها لم تفعل القانون الإطار؟
حقيقة القانون الإطار للتربية والتكوين يتحدث في مادته 33 عن تعزيز إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النهوض بجودة التعلمات وتحسين مردوديتها، وكذا- إدماج التعليم الإلكتروني تدريجيا في أفق تعميمه، ولكن نعرف جيدا كيف يسير تنزيل أي مشروع بالمغرب، وليس فقط في مجال التربية والتكوين، فالقانون الإطار نفسه لم يصادق عليه إلا بعد مرور أزيد من سنتين على طرحه للنقاش المؤسساتي، وبالتالي الموضوع ليس موضوع وجود قانون إطار من عدمه، بل الإشكال في غياب المحاسبة، فقبل ذلك الوزارة الوصية خلقت مديرية تهتم بالتكنولوجيا التربوية منذ أكثر من 10 سنوات ولم تهيئ في ما خلقت لأجله ما يفيد المنظومة خلال هذه الأزمة، ولا أحد يلتفت لهذا المأزق الذي عرت عنه جائحة كورونا.
إن كنت تقصد مديرية جيني، فما مهامها القانونية في مجال التعليم عن بعد؟
نعم، هذه مديرية خلقت في فترة من الزمن، ولا وجود لها في الهيكلة الرسمية لوزارة التربية الوطنية، ولا يهمنا هنا المديرية بقدر ما يهمنا البرنامج الذي تكلفت به، وهو تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالتعليم، وهو أحد المشاريع المهيكلة للورش الوطني الرقمي 2013، ويعتبر من المشاريع المحورية في البرنامج الاستعجالي، حيث يرتكز على تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصال في المجال التربوي، في أجل يبتدئ من سنة 2009 وينتهي في سنة 2013.
ومن بين أهدافه المساهمة في تحسين جودة التعلمات عبر تعميم الأداة المعلوماتية بمختلف استعمالاتها داخل المدرسة المغربية. ويستهدف هذا المشروع خمسة محاور، وهي: 1- تجهيز كافة المؤسسات التعليمية بالعتاد المعلومياتي وربطها بشبكة الأنترنيت؛ 2- تكوين وإنماء القدرات المهنية المتصلة باستعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المجال التربوي لفائدة الفاعلين التربويين (هيأة التدريس، هيأة التأطير التربوي، هيأة الإدارة التربوية)؛ 3- اقتناء وملاءمة وإنتاج الموارد الرقمية ووضعها رهن إشارة المدرسات والمدرسين والتلميذات والتلاميذ عبر البوابة الرقمية الوطنية؛ 4- تطوير استعمالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال التحسيس بقيمتها المضافة في التدريس ومصاحبة وتتبع الممارسات المرتبطة بإدماج هذه التكنولوجيات في منظومة التربية والتكوين؛ 5 – قيادة البرنامج من خلال تصريف الاستراتيجية الوطنية على الصعيد الجهوي والإقليمي والمحلي في إطار تدبير تشاركي بين الإدارة المركزية والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية. ولك أن تقيم الوضع الذي عليه الوزارة في الظرفية الحالية وماذا أعد الساهرون على هذا البرنامج في مجال التعليم عن بعد.
ورغم ذلك فالحل الأنسب هو ما قامت به الوزارة تجنبا لكارثة انتشار الوباء، أليس كذلك؟
لا خلاف بين كل المهتمين أن إغلاق المؤسسات التربوية كان قرارا صائبا، بل واجبا على الدولة القيام به حفاظا على المواطنين(ات)، لكن حديثنا هنا عن قصور رؤية الحكومات المتعاقبة في مجال تطوير التعليم بصفة عامة، والتعليم عن بعد خاصة، فمصطلح “الطوارئ” مغيب تماما من قاموس الوزارة، التي تشتغل على التدبر اليومي فقط، وهو ما أبان عن ارتباك الوزارة حين أصبحت تبحث عما تقدمه من دروس للمتعلمين واستعانتها بكل ما يوجد عند الأشخاص، مهما كانت درجة جودته.
كيف يستقيم هذا الكلام وبلاغ الوزارة يتحدث عن مئات الدروس وآلاف زوار مسطحاتها وآلاف مشاهدي القنوات التلفزية التعليمية؟
أولا، لا توجد بالمغرب قنوات تعليمية، أي قنوات متخصصة في التعليم، وهذا دليل آخر على أن الحكومات المغربية لا تفكر بجدية في التعليم عن بعد.
ثانيا، ما تقدمه القنوات التلفزية المغربية (الثقافية / العيون / الأمازيغية / الرياضية ) التي قدمتها وزارة التربية الوطنية على أنها تبرعت على التلاميذ ببث الدروس، وهذه لغة لا تليق بقنوات تمول من جيوب المغاربة، أقول هذه دروس عبارة عن اجتهادات نساء ورجال التعليم مشكورين على ذلك، لم يتلقوا في شأنها أي تكوين، أو دعم، ورغم ذلك كانوا مجندين خدمة للصالح العام، وهي بذلك تحتاج الشروط المتحدث عنها سابقا.
ووفرة الدروس بأشكال متنوعة (التصوير بالهاتف، البوربونت، الساقط الخلفي، الاكتفاء بالصوت، …) سواء التي تبث على القنوات التلفزية أو منصة (تلميذ تيس) أو على صفحات التواصل الاجتماعي لدليل على استعداد أغلب رجال ونساء التعليم وقصور يد الوزارة في هذا الباب.
أما آلاف المشاهدات وآلاف الزوار فليس دليلا علميا على استفادة أغلب المتعلمين مما يقدم، فتلك إكراهات أخرى تهم القدرة الشرائية والموقع الجغرافي للمتعلم(ة) وتوفر وسائل التواصل، مع الإشارة إلى أن بمغربنا مناطق لا تتوفر على الربط بالكهرباء مما يعفينا من الحديث عن باقي الوسائل، لذا يجب التركيز على النسبة الكبيرة التي لم تسعفها ظروفها في الاستفادة مما يوجد سواء على القنوات أو على الأنترنيت.
هل يفهم من كلامك أن على الوزارة تبني التعليم عن بعد حتى بعد الجائحة؟
قد يكون الجواب هنا ب”نعم” وب”لا “في الوقت نفسه، وقبل ذلك يجب الإشارة إلى أننا نتحدث عما يلزم وزارة التربية الوطنية، لأن التعليم عن بعد مسؤولية حكومية، فليس من مسؤولية وزارة التربية الوطنية الرفع من مستوى الدخل الفردي، ولا تغطية الدواوير والمداشر بالكهرباء والأنترنيت، وغيرها من شروط تنزيل مشروع التعليم عن بعد.
قد يكون التعليم عن بعد مفيدا لفئات وغير مفيد لفئات أخرى، وسأبدأ بالتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي، حيث لا يمكن أن يعوض الحضوري، بل يكون مكملا للحضوري فقط، لأنه لا يمكن المتعلمين من التربية على القيم التي يجد تطبيقها عمليا بين الأقران بحضور المدرس، فهو يقدم المعلومة جافة لا روح فيها، بالإضافة إلى الشروط المتحدث عنها سلفا.
وبالنسبة للثانوي التأهيلي والجامعي، فقد يكون ضروريا لتجاوز مشكل الاكتظاظ، وقد يكون مكملا كذلك في بعض التخصصات. أما بالنسبة لتكوين الكبار بالمراكز فيمكن اعتباره ضرورة حتمية، لكن الأمر يحتاج دراسة وتحليلا.
بصفتك مفتشا تربويا لأكثر من 28 سنة، ما رأيك في الأخطاء التي يرتكبها المدرسون(ة) خلال تقديمهم لدروس عبر الوسائط التكنولوجية؟
للتوضيح فقط، أنا هنا لا أتحدث بصفة مفتش، وبالنسبة لسؤالك فإن كان المقصود بالأخطاء مشكل عدم التمكن من الكفايات التدريسية، فهذا ليس مفاجئا بحكم توظيف أزيد من 75 ألف متعاقد (موظفو الأكاديميات) بدون تكوين بيداغوجي كاف، فكيف سنتكلم عن التكوين في إعداد الدروس الرقمية؟
فإعداد درس رقمي يقتضي احترام المعايير التقنية للتصوير، وكذا مراقبة المحتوى البيداغوجي والمصادقة عليه، بخلاف غالبية ما يروج في موقع “اليوتوب” من دروس رقمية صورت بمبادرات شخصية، أو حتى بعض ما تنشره قناة الرابعة، أو المسطحة الإلكترونية، كما سبقت الإشارة إليه، لذلك اختلط الجيد بغيره.
وعليه فمن واجب الوزارة الوصية اختيار لجان متخصصة لمراقبة الدروس قبل بثها على القنوات العمومية، أو على مسطحة (telmidtice)، أما إن كان المقصود بعض ما روج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فلا أعتقد أنه صحيح، إذ كيف يمكن التأكد من أن الأمر يعني أساتذة حقا، أم أن الأمر مقصود وغرضه الإساءة إلى الهيأة؟ وحتى إن كان كذلك، فلكل قطاع أكفاء، وغير أكفاء بما في ذلك الوزراء أنفسهم، فمنهم من لا يستحق أن يتحمل تلك المسؤولية.
ما هو المطلوب القيام به بعد العودة إلى التعليم الحضوري؟
في مجال التعليم عن بعد، على الوزارة اعتبار الجائحة بمثابة تدشين لعملية تحدث عنها العديد من المهتمين والخبراء والباحثين، بل أقرها دستور المملكة، والقانون الإطار للتربية والتكوين، لأنها مطلب العديد من الحساسيات.
وعلى الوزارة إعادة النظر في كل خططها وترتيب أولوياتها ومن بين الأولويات الأولى التكوين الأساس والتكوين المستمر، وعلى الدولة المغربية إعداد التجهيزات الضرورية لإنجاح هذه التجربة التي لم يكن أحد يتصور أن هناك إرادة أكبر ستدفع في اتجاه دخول غمار المعركة بما تيسر.
أما بالنسبة للتعليم الحضوري فكل المشاريع التي بدأتها الوزارة الوصية تحتاج مراجعة وترتيبا وتمحيصا يناسب الوضع الجديد الذي ستصبح عليه كل القطاعات بما فيها قطاع التربية والتكوين.
هل ترى أنه بالإمكان إنقاذ السنة الدراسية 2019/2020 وإبعاد شبه سنة بيضاء؟
هذا هو أصعب سؤال، لأنه يعطيك أن تختار بين مشكلتين وليس حلين، لكن قبل ذلك لابد من إقباس تدوينة قرأتها على الفايس بوك لمفتشة تربوية تقول فيها “النجاح نتيجة والانتقال قرار. النجاح له معيار واحد، التمكن من السابق لتعلم اللاحق، أما الانتقال فمعاييره شتى خليط غير متجانس بين ما هو سياسي اقتصادي اجتماعي جائحي…إذا لم نتعلم من الظرفية الحالية أن النجاح أهم من الانتقال، فمصيرنا هو الرسوب مرة أخرى حتى لو انتقلنا بنسبة 100% “، ولم أجد أحسن من هذا التعبير الذي لخص الموضوع في بضع كلمات.
وعليه فانتقال المتعلمين إلى المستوى الأعلى بيد الوزارة الوصية، وغير ذلك بيد المعلم والمتعلم، هذا على المستوى التربوي فالدروس متسلسلة ل ايمكن للمتعلم أن يستوعب الدرس الثاني أو الثالث قبل تلقيه الدرس الأول، وهكذا نجد أن الحل لإبعاد شبح السنة البيضاء هو تعويض عدد أيام الدراسة في الأشهر الموالية وتأجيل الامتحانات إلى شهر شتنبر.
حقيقة للسنة البيضاء خسائر مادية واجتماعية كبيرة، فلا نتوفر على حجرات ومقاعد وأساتذة لإبقاء العدد الحالي بالتعليم المدرسي واستقبال آلاف بالمستوى الأول ابتدائي في السنة الدراسية الموالية، بالإضافة إلى صعوبة إقناع الآباء والأولياء بأن يكرر أبناؤهم السنة الدراسية، ولكن الخسارة الأكبر هي انتقال المتعلمين إلى المستويات الأعلى دون استحقاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.