أعلن الدكتور محمد اليوبي، مدير مديرية علم الأوبئة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة، زوال أول أمس في الإيجاز الصحفي اليومي، عن مؤشر هام بخصوص الحالة الوبائية ببلادنا، ويتعلق الأمر بتسجيل 102 حالة شفاء في يوم واحد، وهو رقم يتحقق لأول مرة منذ بداية تفشي الفيروس في المغرب. وعلاوة على تحقيق أكثر من مائة حالة شفاء في يوم واحد، فإن تجاوز العدد الإجمالي للمتعافين عدد حالات الوفاة يعتبر بدوره رقما إيجابيا، وأيضا انخفاض نسبة الفتك إلى 3.9%، أي عدد الهالكين من بين حالات الإصابة المؤكدة، ثم هناك كذلك التراجع المسجل في عدد الإصابات المؤكدة في البؤر المسجلة خلال الأيام الأخيرة داخل بعض الوحدات الصناعية والتجارية، وفي المحيط العائلي. هذه الأرقام، برغم ما توحي به من إيجابيات ودواعي التفاؤل، فهي مع ذلك، وبرأي مدير الأوبئة بوزارة الصحة، تستدعي تعاملا حذرا، ذلك أنه يجب تتبع التطور الزمني لهذه المؤشرات على مدى أيام عديدة، حتى يكون بالإمكان استخراج خلاصات جدية من دلالاتها. وعندما نستعرض أرقام حالات الإصابة التي تعلن عنها يوميا منظومة الرصد الوبائي الوطني، من المهم كذلك الوقوف عند كون نسبتها الغالبة تكتشف عن طريق التتبع الصحي للمخالطين، ولا زال آلاف من هؤلاء قيد التتبع، وهذا ينبهنا إلى الأهمية الكبرى للتقيد بالإجراءات الاحترازية والوقائية من لدن المواطنين، سواء بعدم الاختلاط المبالغ فيه واحترام مسافة الأمان الصحي والتباعد بين الأشخاص، أو بارتداء الكمامات عند كل خروج ضروري للشارع، وأيضا الالتزام بقواعد النظافة المستمرة، والبقاء بالمنزل. هذه المؤشرات الرقمية التي يكشف عنها الدكتور محمد اليوبي كل يوم، وتتناقلها مختلف وسائل الإعلام، بقدر ما تبرز الجهود الطبية والعلاجية والميدانية التي تبذلها مصالح وزارة الصحة والسلطات العمومية لمحاصرة الوباء والسعي للانتصار عليه، وهو ما يعترف به الجميع اليوم عبر العالم، وتتعدد الإشادات بالجهد المغربي المبذول، فهي، في نفس الوقت، تؤكد على دور المواطنات والمواطنين، وهو دور من دونه لن تصل كل هذه المجهودات إلى كامل أهدافها، وخصوصا ما يتعلق بتسريع الوصول إلى القضاء النهائي على الوباء. إن مسؤولية المواطنات والمواطنين أساسية في هذه المرحلة، ويجب علينا كلنا أن نتحمل ضغط حالة الحجر الصحي لبعض الوقت لنستطيع تسريع الوصول إلى هدف استعادة حياتنا العادية ورفع حالة الطوارئ الصحية. يجب تفادي مظاهر الاكتظاظ والاختلاط في السويقات المنتشرة خصوصا في الأحياء الشعبية والمناطق الآهلة، ويجب التقيد الصارم بالتباعد بين الأشخاص، والالتزام بارتداء الكمامات، وأساسا لابد أن يقتنع الكل بضرورة البقاء في المنزل والتخفيف ما أمكن من الخروج للشارع. عندما نشاهد عبر كل قنوات التلفزيون من العالم كله الأعداد المهولة للمصابين والضحايا، ونعرف الأوضاع المأساوية التي تحياها بلدان أكثر تقدمًا وثراء من بلدنا، يجب أن نضع كلنا أيدينا على قلوبنا ونخشى على بلدنا وشعبنا، وعلى أنفسنا وعائلاتنا، وأن نتفادى التهور واللامبالاة، وأن ندرك أن الخيار الوحيد أمامنا جميعًا هو الالتزام بمقتضيات الحجر الصحي والبقاء في المنزل، وأن نتقيد بقواعد النظافة المنتظمة واحترام كل الإجراءات الاحترازية والوقائية. إن بعض المؤشرات الرقمية الإيجابية التي نسمعها في الإيجاز الصحفي اليومي لوزارة الصحة، يجب تعزيزها بسلوكنا الوقائي الفردي والجماعي، وذلك، حتى تحقق استقرارها أولًا، وأن تكشف عن تحولات حقيقية في حالتنا الوبائية الوطنية، وعدًا سلوكنا المواطن والمسؤول، فإن هذه الأرقام يمكن أن تتغير وتتراجع في كل حين، ونبقى كل مرة، لا قدر الله، نبدأ من البدايات، وربما نتراجع أو يتفاقم وضعنا، وبالتالي، بدل أن نساهم في الوصول إلى المنحنى وبداية التعافي التام، يمكن لتهورنا أن يعود بنا إلى الخلف، وهذا ما لا نريده لبلادنا. لنتحمل كلنا المسؤولية إذن.