تستمر في مصر الإجراءات القضائية ضد متهمين بالفساد، بينما جرت الاستعدادات لمسيرة مليونية جديدة بالعاصمة القاهرة أمس الجمعة تحت عنوان «جمعة المحاكمة والتطهير». وأحال النائب العام بمصر عبد المجيد محمود، المتهمين بتلقي رشى من شركة مرسيدس بنز للسيارات إلى المحاكمة الجنائية، وقال بيان صادر عن مكتب النائب العام إن قائمة المتهمين تشمل عبد الحميد وصفي رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات التابعة للهيئة العربية للتصنيع (سابقا) وزوجته ورئيس مجلس إدارة ذات الشركة اللاحق مدني ضيف الله. وكشفت التحقيقات أن المتهم وصفي حصل على حوالي مليون مارك ألماني، بالإضافة إلى حوالي 522 ألف يورو من شركة ديملر الألمانية على نحو غير مشروع نظير بيع منتجات شركة مرسيدس للشركة التي يرأس مجلس إدارتها. كما كشفت التحقيقات أن المتهم الثالث حصل خلال فترة رئاسته للشركة -بطرق غير مشروعة- على منفعة مالية قيمتها 2% من مبيعات شركات ديملر لشركته نظير بيع منتجات شركة مرسيدس للشركة التي يرأسها. وكانت الحكومة الأميركية وجهت اتهامات في مارس 2010 إلى شركة ديملر الألمانية العملاقة لصناعة السيارات والشاحنات وثلاث شركات تابعة لها بتقديم رشاوى لمسؤولين في 22 دولة، بينها مصر، على مدار عشرين عاما من أجل الفوز بعقود حكومية كبيرة لبيع السيارات في تلك الدول. ووفقا للسلطات الأميركية، بلغت قيمة الرشاوى عشرات الملايين من الدولارات حصل عليها مسؤولون في 22 دولة، بينها مصر وروسيا والصين وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا والعراق. ووفقا للائحة الاتهام التي أعلنتها وزارة العدل الأميركية، قامت الشركة الألمانية على مدار فترة طويلة بتقديم رشاوى لمسؤولين أجانب خلال الفترة من العام 1998 إلى 2008 للفوز بالعقود. ووجهت الوزارة لديملر اتهامات بالتآمر وتزوير دفاتر وسجلات بموجب قانون الممارسات الأجنبية وممارسات الفساد الذي يجرم دفع رشى للحصول على أنشطة تجارية في الخارج. من جهة ثانية، أحالت النيابة العامة رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون السابق أسامة الشيخ إلى محكمة الجنايات بتهمة «الإضرار العمدي» بأموال ومصالح جهة عمله في واقعة أخرى مستقلة عن الواقعة التي سبق تقديمه للمحاكمة فيها. وأشار متحدث باسم النيابة العامة إلى تلقي بلاغ يوم 12 فبراير الماضي «بشأن قيام الشيخ بالتعاقد على شراء حق عرض بعض الأعمال الفنية عرضها على شاشات قنوات التلفزيون بأسعار مغالى فيها». يأتي ذلك بينما تدعو عدة قوى وطنية إلى مظاهرة مليونية غدا الجمعة تحت مسمى «جمعة المحاكمة والتطهير». وعقدت اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة مؤتمرا صحفيا بالقاهرة لتنسيق المواقف، حيث جدد المشاركون مطالبهم من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالقبض على الرئيس المخلوع حسني مبارك وعائلته ومحاسبتهم، وإقالة النائب العام وتعيين جهاز قضائي مستقل. هذا وأمرت وزارة العدل المصرية أول أمس الخميس بحبس زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق حسني مبارك 15 يوما على ذمة تحقيقات بتهمة الكسب غير المشروع. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن عصام الجوهري مساعد وزير العدل لشؤون جهاز الكسب غير المشروع استجوب هذا الأسبوع زكريا عزمي أحد أقرب مساعدي مبارك ضمن عدد من المسؤولين الذين يجري التحقيق معهم. يأتي ذلك فيما قررت النيابة العامة المصرية حبس وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم على ذمة التحقيقات الجارية معه بتهم إهدار المال العام. وقال المحامي العام لنيابة الأموال العامة العليا المستشار عماد عبد الله إن أمرا صدر بحبس سليمان لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق لاتهامه بإهدار المال العام. وسليمان هو ثاني وزير سابق للإسكان يلقى القبض عليه في ما يتعلق بالموافقة على تعاقدات مثيرة للجدل، وذلك في إطار حملة ضد الفساد تستهدف شخصيات من عهد الرئيس المخلوع. وكانت قوة أمنية اعتقلت الوزير السابق من منزله بالتجمع الخامس بالقاهرة الأربعاء الأخير، وبدأت استجوابه في عشرات البلاغات المقدمة ضده التي تتهمه بإهدار المال العام وتبديد أراضي الدولة. يذكر أن سليمان عمل وزيرا للإسكان في الفترة من 1993 حتى العام 2006، وتشير تقارير إلى أن هذه الفترة شهدت بيع أراضي مملوكة للدولة ضمن صفقات مع رجال أعمال مقربين من الحزب الحاكم. وقد خضع خلفه بالوزارة أحمد المغربي أيضا للتحقيق. من جهة أخرى قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إن النائب العام المصري أمر بتجميد أموال رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد استجابة لضغوط شعبية باتخاذ خطوات أشد ضد رموز النظام السابق. وأضافت الوكالة أن «قرار النائب العام جاء وسط تحقيقات بشأن تبديد أموال عامة، ويشمل ذلك بيع شركة إسمنت أسيوط المملوكة للدولة». كما ينطبق قرار النائب العام أيضا على «وزير قطاع الأعمال السابق مختار خطاب في عهد عبيد ورئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية محمد الدنف». وشغل عبيد -الذي صدر قرار بمنعه من السفر يوم 23 فبراير الماضي- منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك بين عامي 1999 و2004 حيث استقال وسط ضغوط متنامية من الأوساط التجارية التي تطالب بالإسراع بعملية الخصخصة. وفى سياق ذي صلة قال رئيس جهاز الكسب غير المشروع المستشار عاصم الجوهري إن اللجنة القضائية المشكلة من أجل بحث ثروات مبارك وأسرته التقت بوفد أميركي الأربعاء. وأضاف أن الوفد أكد تعهد الحكومة الأميركية بالالتزام الكامل والدقيق بالاتفاقيات الدولية الخاصة باستعادة تلك الأموال. وتحقق النيابة العامة في مزاعم فساد ضد مسؤولين سابقين ورجال أعمال مرتبطين بنظام مبارك. وفي مظاهرة حاشدة بوسط القاهرة طالب آلاف المصريين يوم الجمعة بمحاكمة مبارك وكبار مسؤوليه متهمين إياهم بالفساد والتربح بصورة غير مشروعة.