المركزيات النقابية تؤكد مشاركتها وتطالب بحوار حقيقي يترأس الوزير الأول عباس الفاسي، بمقر الوزارة الأولى، في الساعة الرابعة من بعد زوال يومه الاثنين، افتتاح الدورة الربيعية للحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب. وتأتي الدعوة إلى استئناف الحوار الاجتماعي في ظل سياق عام يميزه حراك اجتماعي مغاير، وحصيلة ثقيلة من الإضرابات والاعتصامات التي همت العديد من القطاعات، والتي تتواصل بدعوة من نقابات فضلت، في مناسبات كثيرة، التنسيق فيما بينها لإسماع صوت الشغيلة. ووفق التصريحات التي استقتها بيان اليوم من المركزيات النقابية، لا ينتظر شيئا من اجتماع يومه الاثنين الذي يعتبر بمثابة جلسة افتتاح يتم خلالها الاستماع للكلمة التي سيلقيها الوزير الأول، قبل مباشرة نقاش لتحديد منهجية العمل، التي من المتوقع أن تكون أكثر فعالية، بالنظر إلى الغليان الذي يميز المجال الاجتماعي وارتباطاته بمطالب الشارع. وتجمع المركزيات النقابية، في تصريحات أدلت بها لبيان اليوم، على ضرورة المضي إلى حوار حقيقي، على اعتبار أن جميع النقط التي تم التداول في شأنها برسم جولات المفاوضات السابقة لم يتم التوصل بشأنها إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، وبالتالي فالدعوة الأخيرة التي وجهها عباس الفاسي، الذي اتصل هاتفيا وشخصيا بكل زعماء النقابات المشاركة في الحوار الاجتماعي، يجب أن تتجاوز الكبوات السابقة، حتى لا تظل مجرد أرضية لمواصلة حوار كان من الأجدى أن يظل وفيا لمواعديه المحددة سلفا، وذلك منذ مأسسة الحوار الاجتماعي. فالملفات المطلبية «معروفة»، يقول نوبير الأموي الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل في حديث لبيان اليوم، و»تشهد عليها إضرابات قطاع التعليم والعدل والبريد والصحة وغيرها من القطاعات التي تصر الحكومة على القفز على مطالب شغيلتها، وتنزلق بمحطات الحوار إلى متاهات أخرى لا تراعي النقاط التي تفرضها مركزيتنا التي فضلت في السابق نهج سياسة الكرسي الفارغ». يضيف الأموي. واستبعد المسؤول الكنفدرالي فرضية الانسحاب من اجتماع يومه الاثنين، بالنظر إلى كم القضايا التي كانت ضمن أجندة الجولات السابقة من المفاوضات، والتي ما زالت «عالقة نتيجة الحوار المغشوش، والتي تنضاف إليها عدد من المشاكل المرتبطة بالمواطنين، في طليعتها موجة الغلاء وتفشي البطالة». بيد أن الأموي رفض الدعوة التي توجهها الحكومة للنقابات لإعداد جدول أعمال، واصفا ذلك ب»التهرب من المسؤولية المناطة بالجهاز التنفيذي» المدعو، يقول المتحدث، «ليس فقط للدلو بدلوه في وضع نقاط واضحة للنقاش، بل أيضا التفكير الجدي، قبل أي اجتماع، في حل المشاكل العالقة وتفادي الارتفاع الحاصل اليوم في درجات المحرار الاجتماعي نتيجة تعطل آلة الحوار». وذلك ما أثار استغراب الاتحاد المغربي للشغل، الذي يرى أن مواعيد سابقة لم يتم الالتزام بها، مثلما لم يتم التجاوب مع العديد من المطالب. وقال ميلودي موخارق الأمين العام لهذه المركزية النقابية، في تصريح لبيان اليوم، إن «دعوة الوزير الأول لاجتماع يومه الاثنين كان من المفروض التوصل بها قبل أسابيع عديدة ميزها توتر اجتماعي غير مسبوق». ولا يعتبر الاتحاد المغربي للشغل هذا التأخير سببا للإخلاف بالموعد. فرغم عدم توصلنا بحرف واحد من الحكومة على مذكرتنا التي بعثنا بها لعباس الفاسي، يضيف ميلودي موخارق، «سنحضر طاولة الاجتماع إلى جانب باقي المركزيات النقابية نظرا للظرفية الاجتماعية الحرجة التي يمر منها المغرب والتي تتشكل من مطالب مشروعة للشغيلة في العديد من القطاعات دافعنا وسنظل ندافع عنها». هذه المطالب تم تحديدها وتدقيقها في اجتماع للأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل، انعقد أول أمس السبت، لنقاش الدعوة المتوصل بها من عباس الفاسي. وقد سارت باقي المركزيات على النهج نفسه. ففيما التأمت قيادة الاتحاد العام للشغالين والاتحاد الوطني للشغل مساء أول أمس السبت، فضلت الفدرالية الديمقراطية للشغل عقد اجتماعها زوال أمس الأحد. والملاحظ أنه رغم وجود اتفاق جماعي واضح على انتقاد التأخير الذي بات يميز الحوار الاجتماعي، إلا أن إلاجماع يظل قائما حول ضرورة المشاركة فيه. فحسب تصريح أدلى به حميد شباط الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين لبيان اليوم، «لم يتم الإفراج عن الحوار إلا بعد إهدار وقت ثمين جدا»، مشيرا إلى أن «الحكومة لا تعترف بشيء اسمه احترام عرف يقضي بعقد اجتماع قبل بداية الدورة الخريفية للبرلمان». ومع ذلك، يضيف المتحدث، «سنشارك يومه الاثنين، وكلنا أمل في أن يكون الاجتماع بوابة حقيقية لحوار اجتماعي متواصل تكون أولوية أولوياته معالجة الملفات المطلبية العالقة بحسن نية». ووصف عبد الرحمان العزوزي الحوار الاجتماعي بالصعب وغير واضح المعالم، مؤكدا مع ذلك مشاركة الفيدرالية الديمقراطية للشغل فيه باعتباره نضالا لا يمكن التراجع عن خوضه، خاصة وأن حصيلة الجولات السابقة كانت هزيلة لا ترتقي إلى مستوى انتظارات الطبقة الشغيلة، بل ودون سقف الملاحظات والاقتراحات المعبر عنها على الدوام, في ظل الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد والخدمات الاستهلاكية الذي ضربت القدرة الشرائية للمواطنين في الصميم. وأوضح العزوزي أن الفيدرالية ستلج الحوار القادم معززة بحلفائها التقليديين، أي الاتحاد المغربي للشغال والاتحاد الوطني للشغل، كجبهة موحدة. أما محمد اليتيم الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل فصرح لبيان اليوم، «أننا سنلج الحوار في تحالف نقابي موحد ومتفق على أفكار منسجمة تضمن الضغط الملائم والمطلوب دفاعا عن ملف مطلبي يعكس انتظارات الطبقة العاملة التي لم تنصفها الجولات السابقة».