ما استفادت منه أسرة المقاومة منذ فجر الاستقلال إلى اليوم لايساوي شيئا أمام الامتيازات الخيالية الممنوحة لنافذين ووزراء وفلاحين كبار هيمنت أجواء الاستياء وإرادة الجنوح نحو الاحتجاج من أجل إثارة أوضاع لم تعد تطاق، في لقاء للمقاومين وأعضاء جيش التحرير بالدارالبيضاء، عقد صباح أول أمس الخميس، حيث كرر مقاومون في مداخلاتهم أن الانتقال إلى أساليب احتجاج واضحة بات ملحا. البعض منهم وصف هذه الأساليب الملحة بضرورة التحرك، آخرون اقترحوا تنظيم وقفة ومسيرة من مقر المندوبية الجهوية للمقاومة إلى الولاية بالدارالبيضاء، أو وقفة سلمية أمام المندوبية السامية للمقاومة بالرباط. إحدى المداخلات طالبت أن يبدأ وفد من المجلس في تمثيل المقاومين في مسيرات الشباب لإسماع صوت أسر المقاومة للشعب المغربي. في بداية اللقاء المذكور، قال الحاج محمد نودير، رئيس المجلس الإقليمي، أن اجتماع اليوم هو امتداد لاجتماع المجلس الإقليمي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لولاية الدارالبيضاء الكبرى يوم 24 فبراير الماضي، الذي رفعه المندوب بدون مسوغ قانوني، والذي أعقبه اجتماع لمكتب المجلس يوم 16 مارس. واستطرد قائلا، وهو يتناول العراقيل والمشاكل القائمة، أن عدة جهات حاولت إجهاض اجتماع المجلس الإقليمي اليوم لكن لم تفلح، ونوه في هذا الصدد بموقف رئيس مجلس الجماعة الذي وضع قاعة المركب الثقافي محمد زفزاف المعاريف رهن المقاومين ليجتمعوا بترخيص خاص منه. لقد تمحور اجتماع المجلس الإقليمي، الذي حرص جل الأعضاء على حضوره، حول الانشغالات الأساسية التي ما فتئ يطرحها المقاومون وأعضاء جيش التحرير بشكل ملح. الانشغال الأول يتمثل في موضوع المجلس الوطني للمقاومة، الذي لم يتم استكمال هياكله وتنصيبه رغم مرور سنة على انتخاب أعضائه ال140. وبالمناسبة جدد المتدخلون التساؤل حول من يعرقل تنصيب المجلس الوطني، وحول خلفيات ذلك. بيد أن ما هيمن على التدخلات هي تلك المشاكل التي اعتبر جميع المتدخلين أن فئات واسعة من أسرة المقاومة تكتوي جراءها منذ سنين، وذهب البعض إلى حد مطالبة المسؤولين بتشكيل لجنة تحقيق للوقوف على أوضاع اجتماعية ومعيشية مزرية لمقاومين ولأرامل وأبناء من رحلوا من المقاومين. في هذا المضمار، لم تخل جل المداخلات من انتقاد المسؤولين على المقاومة وجيش التحرير وأوساط حكومية، بسبب تقاعسهم وتجاهل نداءات أعضاء المجلس الوطني المنتخبين وأعضاء المجالس الإقليمية في عدة أقاليم. كما عاتب الاجتماع موقف بعض الفاعلين السياسيين من المقاومين، سيما أولئك الذين يروجون بشكل مغلوط أن المقاومين استفادوا ما فيه الكفاية. وقد تبنى أعضاء المجلس تدخلين قويين للمقاوم أبو الليث والمقاوم ناصرالدين. وجوابا على ما سمي بالمغالطات، جاء في إحدى المداخلتين أن أسرة المقاومة لم تسمع المندوب أو أي مسؤول يقول في تصريحاته أن هناك 39 مقاوما مكدسين في رخصة واحدة. كما لم يتحدثوا عن أعداد الرخص المتوقفة وتلك التي لم تتحول إلى أرامل وأبناء المقاومين. ولتوضيح أكثر، اعتبرت المداخلة أن ما استفاد منه المقاومون منذ الاستقلال إلى اليوم لا يساوي سوى النزر القليل مقارنة مع الامتيازات التي استفادت منها شرائح من المجتمع، من نافذين وفنانين ورياضيين وغيرهم. فمثلا، خط الدارالبيضاء - الصويرة يستفيد منه 35 مقاوما، وخط الدارالبيضاء - الفنيدق مخصص ل32 مقاوما، وخط الدارالبيضاء - كلميم يجمع 40 مقاوما. وتضيف المداخلة أن دخل كل عضو من المقاومين في أحسن الأحوال، أي أيام العطل والأعياد، يتراوح بين 600 و700 درهم شهريا، أما مستفيدون آخرون من خارج المقاومة فدخل كل واحد منهم يتراوح ما بين 40 و50 ألف درهم شهريا. وعن المعاش، جاء في المداخلة المذكورة، أنه يتراوح بين 170 و800 درهم شهريا، وهناك نسبة مهمة من المقاومين بدون معاش، ومقابل هذا الحيف، تقول مداخلة ثانية، هناك نافذون في المجتمع والدولة استفادوا من امتيازات خيالية، ومنها توزيع 84 ألف هكتار من الأراضي المسترجعة على كبار الفلاحين ووزراء ورياضيين وغيرهم، فيما استثني المقاومون. وإلى جانب معطيات وأرقام مثيرة ومقلقة في ذات الوقت تتعلق بالأوضاع الاجتماعية، أكد الاجتماع، الذي توج بتوجيه برقية ولاء إلى عاهل البلاد دعما للإصلاحات التي يقودها وأعلن عنها الملك، على مواصلة دينامية التحرك، وقال أحد المتدخلين في هذا الشأن «لقد هرمنا، ومع ذلك علينا بالاتحاد وذلك أضعف الإيمان». وللإشارة فإن أصغر المقاومين يتجاوز سنه 76 سنة.