فعاليات الإقليم تتجند لمواجهة التحدي البيئي نظمت عمالة إقليم مديونة بمقبرة الغفران الواقعة بتراب الجماعة القروية المجاطية أولاد الطالب حملة نظافة مكثفة، انخرطت فيها جمعيات محلية مهتمة بالشأن البيئي وعدد من فعاليات الإقليم، وتندرج هذه العملية غير المسبوقة والنوعية في سياق التأسيس لثقافة بيئية تتوخى دعم التوازنات التنموية، والإسهام بفعالية قوية في توفير شروط الإقلاع التنموي الذي يمر حتما عبر خلق دينامية بيئية واجتماعية داعمة لحصد الرهانات الأساسية للتغيير الهادف ، كما تهدف هذه العملية أيضا التي خلفت وقعا ايجابيا في صفوف زوار هذا المرفق الذي يعرف حركة نشيطة من لدن ساكنة جهة الدارالبيضاء الكبرى، إضفاء مشهد لائق يعكس الخصوصيات الروحية والدينية، على اعتبار انه يشكل فضاء لتلاقي الزوار أثناء عملية الدفن أو زيارة الموتى من الأقارب، حيث جندت لهذه العملية حوالي 150 منخرط يمثلون جمعيات المجتمع المدني وجانب مهم من اليد العاملة ثم الساكنة المحلية، من خلال شن حملة على الأكياس البلاستيكية والأعشاب الطفيلية،إلى جانب طلاء معظم الممرات المؤدية إلى المقابر، من اجل تيسير عملية الولوج إلى هذا المرفق الذي يحظى بعناية خاصة من لدن السلطات الإقليمية. ونظرا لأهمية العملية التي تروم ترسيخ ثقافة بيئية حقيقية في صفوف ساكنة الأحياء المستهدفة التي تعاني تحديا بيئيا لافتا، فقد شهدت العملية نفسها حضور فعاليات محلية وازنة لتعزيز هذه المبادرة النبيلة التي تتقاطع مع قيم التحديث والتجديد، باعتبارها ركن من أركان البناء والتشييد، في زمن حريص على تبويء الخيار البيئي المكانة التي يستحقها، ثم لأنها تشكل العمود الفقري لأي مشروع تنموي مندمج ومتكامل. من جانبه أوضح فاعل جمعوي حضر العملية ذاتها، أن الإقدام على هذه العملية في ظرفية مطبوعة بتحولات تنموية هادفة يجد مبرراته الأساسية في تعزيز منظومة الإصلاحات الشاملة التي انبنت على أجندة عملية دقيقة تروم تحقيق نهضة تنموية ملموسة تستجيب لطموحات ساكنة إقليم يزحف بخطى ثابتة نحو التغيير المنشود، مضيفا في السياق ذاته أن التحديات البيئية المطروحة بإقليم مديونة وخاصة بالجماعة القروية للهراويين أصبحت تسائل الجميع باعتبارها قضية جوهرية تستأثر باهتمام المواطنين في المقام الأول، وزاد المتحدث معلقا، أنه لايمكن بلورة الإصلاح المنشود خارج معالجة جذرية لقضايا البيئة باعتبارها تشكل معضلة من المعضلات التنموية المطروحة التي تستدعي التسريع بفتح نقاشات عمومية حولها للحد من افرازاتها المتدفقة، التي تقف حجر عثرة أمام تنفيذ السياسات التنموية المتوخاة، مضيفا في السياق ذاته أن مبادرة السلطة الإقليمية والتي تشكل إجابة حقيقة على التحدي البيئي المطروح بحدة، ينبغي أن نصفق لها باعتبارها جاءت في الوقت المناسب، إلى جانب أنها ستساهم بدون شك في زرع ثقافة المواطنة والتربية على البيئية في صفوف المشاركين في هذا الورش النموذجي الذي يسعى إلى وضع قطيعة عميقة مع العقليات وأدوات الاستعمال القديمة، التي أبانت عن فشلها وعجزها في مواكبة إيقاع الإصلاح الذي يعرفه بلد يتحول باتجاه التحديث الشامل، لافتا في السياق ذاته أن الاندراج الايجابي والفعال في صلب هذه العملية، من شانه أن يعزز مجهود التغيير المعمق الذي انخرطت فيه رجالات المرحلة. الانتقال من التنظير إلى الاجرأة خيار تتقاسمه المكونات الحية داخل الإقليم والجدير بالذكر ان هذه الإصلاحات المعمقة التي شهدها إقليم مديونة تذير الجدل الواسع في صفوف القوى الحية المحلية، على خلفية أن هذه الإصلاحات كشفت عيوب الأمس، وعرت النقاب على مجموعة من الاختلالات التنموية التي ظلت قابعة في معطف المنطقة، في غياب إرادة بشرية قوية وحازمة من شأنها رفع مجموعة من التحديات التي شكلت حتى وقت قريب هاجسا يقض مضجع الطامعين في خدمات عمومية مثلى تتجاوب مع تطلعاتهم. لقد شكلت التجربة الحالية، مرحلة جديدة من تاريخ إقليم عانى في صمت عزلة قاتلة، وذاق مرارة التهميش واللامبالاة في غياب التفاتة مواطنة من شانها إعادة الروح إلى الأجساد المنهوكة والجريحة التي ظلت مشدودة إلى وعود عرقوبية لاتقوى على مجابهة الحقيقة المرة. أن الإصلاحات التي عرفها إقليم مديونة بشكل متكافئ ومتوازن، تجعلنا بحق أمام حقيقة مفادها أن هذا الجزء من تراب جهة الدارالبيضاء الكبرى لم يستفد بشكل عادل من المشاريع التنموية المبرمجة، وهذا يحيلنا إلى نقطة أخرى أكثر عمقا، هو أن عملية جر هذه المشاريع إلى هذه الرقعة كان يتحكم فيها وازع قضاء المآرب الشخصية والضيقة، دون اكثرات إلى وضعية ساكنة مفجوعة ظلت تئن خارج الديناميكية التنموية التي تعرفها الجهة نفسها، وهو ما انعكس سلبا على الحياة داخل هذا الإقليم الذي كان من المفروض أن يشكل وجهة سياحية واستثمارية نموذجية بالنظر إلى خصوبة مؤهلاته الطبيعية والبشرية، لكن البعض فضل السير نحو وجهة أخرى تتأسس على رؤى ضيقة وجانبية طمعا في مصلحة شخصية عاجلة.