بعد كتابه «الفن التشكيلي من القرن التاسع عشر إلى سنة 1945»، أصدر الفنان التشكيلي والباحث المغربي عفيف بناني كتاباً جديداً باللغة الفرنسية تحت عنوان «معجم الفنون التشكيلية»، يضم تعريفات دقيقة حول المفردات التقنية القديمة والمستحدثة مع توالي المدارس الفنية. وهكذا يقدم الكتاب تعريفاً بحوالي 504 مفردة مرتبطة بالتشكيل وتقنياته ووسائل إنجازه. وحرص المؤلف على التمثيل للوسائل والأدوات التشكيلية بصور مناسبة، كما أنه مَثّل لكل حركة أو تيار بلوحة معبّرة تعكس خصوصيته الفنية. وأشار عفيف بناني في مقدمة كتابه إلى أن تضاعف الاتجاهات التشكيلية عبر العالم أدّى إلى ظهور مفاهيم ومصطلحات تقنية جديدة، أُسيء تعريفها واستيعابها وفهمها. ولاحظ أنه في مقابل السرعة التي تتطور بها الفنون التشكيلية بالمغرب، فإن هناك نقصاً في مجال التأليف المورفولوجي المتعلق بالمصطلحات التشكيلية، بخلاف ما هو موجود في الخارج، حيث لا يتوقف النقاد والباحثون عن ضخ المكتبة الفنية بمؤلفات جديدة. وأوضح المؤلف أنه لا يمكن الفصل بين الجانب الفكري والجانب التقني في مضمار التشكيل، باعتبار أن جهلً أبعادِ أدوات الاشتغال ودلالاتها ينعكس سلباً على قيمة العمل الفني المنجز. يغوص المؤلف في تمظهرات التعبيرات الفنية في الآداب والفلسفة، مؤكدا أن «الفن ليس في الأشياء وإنما في الروح»؛ لينتقل إلى تقديم تعريفات واضحة ومبسطة للمفردات والتقنيات المرتبطة بالفن التشكيلي. ثم يعرج على مختلف المدارس والحركات التشكيلية التي ظهرت على امتداد خمسة قرون منذ عصر النهضة الإيطالية إلى أيامنا هذه، مع تقديم نماذج لها من الفنانين المعروفين. وبعد ذلك، يقدم دليلاً للأيام العالمية المرتبطة بالفنون الجميلة. كما يختم كتابه - الواقع في 294 صفحة من القطع المتوسط - بلائحة لمجموعة من المصطلحات التشكيلية باللغة الفرنسية مع مقابلاتها في اللغة العربية. ورغم الجهد الفكري المبذول من طرف المؤلف، فإنه يقول بتواضع إن عمله هذا ليس جامعاً ومانعاً، وإنما يعود له فقط أجر الاجتهاد والوجود، وتبقى للباحثين الآخرين مهمة إضافة لبنات أخرى إلى صرح الثقافة التشكيلية. يقول الناقد الفرنسي دانييل كوتيريي إن هذا الكتاب المرجعي عمل مثير للإعجاب والتقدير، وذو إفادة عملية، إنْ بالنسبة للفنان المحترف أو بالنسبة للهاوي أو للقارئ والمهتم، إنه معجم من اللائق أن يجد مكانته في المكتبة الفنية والأكاديمية، خاصة وأنه لا يوجد مثيل له اليوم بهذا الشكل وهذه الشمولية في عالم الفن. تبقى الإشارة إلى أن الفنان عفيف بناني حاز عام 2010 جائزة «اللوحة الذهبية» عن عمله حول المدرسة البوعنانية في فاس، وذلك في مسابقة عالمية نظمتها الأكاديمية الفرنسية للفنون. كما سبق لإدارة «بريد المغرب» أن اختارت لوحته «رقصة الكدرة» لتزين بها طابعاً بريدياً.