الضمان الاجتماعي مطالب بتطبيق النظام من أجل نجاعة أفضل للتغطية الصحية الإجبارية دعا فاعلون جمعويون، يوم الخميس الماضي بالدار البيضاء، إلى تعميم نظام الطرف الثالث المؤدي بالمغرب كخطوة نحو تحسين الولوج للعلاج. وأكد الفاعلون الجمعويون، في ندوة حول «الطرف الثالث المؤدي.. من أجل أفضل تغطية طبية بالمغرب»، على أهمية هذا النظام في تحسين الوضعية الصحية للساكنة، وعقلنة مصاريف العلاج لمؤسسات السداد. وأضافوا أن هذا الإجراء يتيح أيضا تدبيرا أفضل لمصاريف الرعاية الصحية بصفة عامة، ومنظمات التغطية الصحية الإجبارية على الخصوص. وأوضح عبد المطلب أبو الفضل، الرئيس المؤسس لجمعية مركز مساعدة المريض «Cap Santé» المنظمة للندوة، أن «المرضى المنخرطين في نظام التغطية الصحية يعانون من كونهم يتحتم عليهم تسبيق مصاريف الأدوية الباهظة ثم انتظار التعويض الذي غالبا ما يتأخر». وحسب أبو الفضل، فإن نتائج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الجماعي في هذا المجال تؤكد على أهمية اعتماد إجراء من هذا القبيل، مبرزا ضرورة تعميم نظام الطرف الثالث المؤدي على جميع هيئات التأمين الصحي. وأشار أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي شرع في التفكير في هذه المسألة. لكن، يقول أبو الفضل، «في اعتقادي حان الوقت للمرور إلى التطبيق. خاصة وأن تخفيف معاناة المرضى رهين به». وأضاف أن هذا اللقاء نظم من أجل تحسيس جميع الفاعلين المعنيين بهذا الموضوع، والبحث عن الوسائل الملائمة للحفاظ على دوام وتعزيز النظام الخاص بالحماية الاجتماعية. من جهته، ذكر عبد الجليل جناني، الكاتب العام لمركز مساعدة المريض، أن تطبيق هذا النظام يعتبر البديل الذي يندرج في أفق تعزيز المكتسبات الهامة في مجال التغطية الصحية للمرضى. فبفضل هذا التطبيق، يضيف المتدخل، المريض يعفى من أداء نفقات العلاج الطبي. «أما فيما يتعلق بالخدمات العلاجية فهو يتلقى مباشرة من الهيئات المؤمنة التي ينخرط فيها المريض، فالأداء عن التدخل يكون في إطار التغطية الصحية الإجبارية». أما الدكتور عبد الوهاب بناني، من المركز كذلك، فيشدد على أن «هذا الإجراء سيخول بكل تأكيد ليس فقط ضمان الولوج للعلاج بالنسبة لكل المرضى، ولكن أيضا التشخيص المبكر الذي يعد جزء مهما في مسلسل العلاج، فكلما تم اكتشاف المرض بفعالية مبكرا، كلما كانت فرص الشفاء أكبر». وتجدر الإشارة أن الطرف الثالث المؤدي قد تم اعتماده منذ مدة طويلة على نطاق واسع بفرنسا، وأثبت دعما ملحوظ في نجاح المخطط الصحي الرامي إلى الإنصاف بالنسبة للولوج للعلاجات. وتأكدت، أيضا، مساهمته في حل مشكل السداد المتأخر. ولا أحد يجهل بهذا الخصوص أن هذه الإشكالية تخلق عوائق عديدة للمرضى الذين يكون مصيرهم أحيانا عدم الالتزام بمتابعة العلاج. في هذا الإطار، يشار إلى أن الدراسة التي أنجزها مركز البحث والدراسات والتوثيق في اقتصاد الصحة، سنة 2000 خلصت إلى أن الثلث المؤدى يمكن من «تعديل الفرق بين المداخيل ومن ثمة يصبح بمثابة عامل لتقليص اللامساواة في الاستفادة من الخدمات العلاجية، الناتجة عن الفوارق في هذه المداخيل. فهو يقرب بين نفقات المؤمنين الأقل غنى والمؤمنين المرتاحين ماديا. ولذلك خلصت الدراسة الاقتصادية تميل إلى أن «الطرف الثالث المؤدي هو نمط للأداء منصف اجتماعيا.» يذكر إلى أن جمعية مركز مساعدة المريض، التي تأسست مؤخرا بالمغرب، هي مركز لدعم المرضى تعتمد على تحليل الوضعية التغطية الصحية، كما تطمح إلى بلورة شراكة بناءة مع مقدمي خدمات الصحة، والتأمينات، والسياسات الوطنية المتبعة على هذا المستوى، كما تطمح إلى إبراز ودعم الحلول لفائدة المرضى. شهادات ربيعة 45 سنة «أعيش بفضل التبرعات... حصلت على قروض من الأصدقاء والعائلة والزملاء... أخجل من لقاء الناس لأنني مدينة للجميع. بعت مجوهراتي، وأثاث المنزل... ورغم ذلك فأنا مازلت مريضة لأن الألم الذي أشعر به لا يمكن علاجه، يتعين على تناول الدواء باستمرار». بهذه العبارات وصفت ربيعة تجربتها مع المرض، والعلاجات والتغطية الصحية الإجبارية. هذه الموظفة البسيطة (45 سنة) التي لا يتجاوز راتبها 2200 درهم، أنهكتها سنوات العلاج من الربو وارتفاع الضغط الدموي. فهي في حاجة إلى علاج مستمر لتتمكن من أن تحيا حياة عادية. ربيعة لا تستوعب لماذا لا يمكنها الاستفادة من العلاج دون معاناة انتظار، رغم أنها تدفع حصة شهريا. طبيبها اضطر مرارا وتكرارا إلى تغيير دوائها، لأنه لا يندرج في إطار لائحة الأدوية المعوض عنها. «لا أسترجع سوى جزء زهيدا من النفقات التي أدفعها، لا أفهم حساباتهم». «أنا لدي التزامات أخرى غير الأدوية، الكراء، الفواتير الماء والكهرباء والتكفل بوالدي... لكن ليس بيدي حيلة فليس لدي سوى الصبر». سعيدة 50 سنة سعيدة مازالت تحت تأثير الصدمة فهي علمت منذ أشهر قليلة أنها مصابة بسرطان المبيض. رغم أن سنها لا يتجاوز الخمسين فهي ليس أمامها الكثير من الحظ بالنظر إلى هذا الداء الذي عانت منه في صمت قبل أن تعلم بالأمر. «في البداية أخبرني الطبيب أن لدي دمل ويجب علي اتباع العلاج. فيما بعد علمت أنني أعاني من السرطان». وكانت الصدمة أكبر عندما علمت أن الأدوية باهظة الثمن. «إحدى الأدوية يعادل سعرها 2500 درهم، في حين انا لا أتقاضى إلا راتبا في حدود 3500 درهم. كيف سأعيش؟ وكيف يمكنني التكفل بحاجيات ابن شقيقتي من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذي أرعاه منذ وفاة شقيقتي؟ عندما بدأت اقتطاعات التغطية الصحية الإجبارية ظننت أنني سأعيش بكرامة ولن أكون بحاجة إلى أحد. لم أعلم أن هذه الاقتطاعات لا تساوي شيئا. فمن أجل إجراء التحاليل المخبرية يتعين علي الاستفادة من قرض أو الانتظار طويلا قبل الحصول على التكفل الطبي. بصراحة لم أعد أعرف ما ينبغي علي فعله، ولا أعرف إن كان هناك أمل في الشفاء، أو أنه من الأفضل أن استسلم إلى قدري». وتابعت سعيدة حديثها بالتطرق إلى ما حكت لها صديقة قاطنة بفرنسا، بخصوص أن المرضى هناك «ليس عليهم سوى تقديم بطاقة صغيرة للاستفادة من الأدوية أو إجراء التحاليل اللازمة». محنة سعيدة ومرضى آخرين ستستمر بما أن العلاج متوفر فقط للذين يتوفرون على إمكانيات مادية للدفع للصيدليات والطبيب والمختبرات. هذه الآلام والمعاناة تتزايد مع اقتطاعات التغطية الصحية من الراتب التي تقزم أجرا هو في الأصل زهيد، دون أن يستفيد المريض من ذلك.