لم يف مدرب المنتخب الوطني إيريك غيريتس بوعده عندما وعد جميع المغاربة بأنه سيعود بنقط الفوز من قلب مدينة عنابة، لكن كما يقال «قد فمك قد ذراعك»، فقد أخلف الناخب الوطني وعده في مباراة كانت أسهل مما كان يتوقع الجميع. فقد سبق أن أوضح غيريتس خلال الندوة الصحفية التي سبقت المباراة، أنه لا يعرف الكثير عن المنتخب الجزائري، بيد أنه أكد أن الأخير خاض غمار كأس العالم الأخيرة، ويملك لاعبين جيدين، الشيء الذي يستدعي المزيد من الحيطة والحذر. وأكد أن المنتخب المغربي على أتم الاستعداد لمواجهة نظيره الجزائري وأنه سيفوز بالتأكيد، معرباً عن ثقته باللاعبين وارتياحه للجو السائد والانسجام الحاصل داخل صفوفه، والرغبة الأكيدة لجميع مكوناته في تحقيق نتيجة إيجابية. وشدد غيريتس على ضرورة تدبير هذه المباراة بكيفية أكثر احترافية لتفادي أية مفاجأة محتملة، مضيفاً: لن نلعب بحسب طريقة المنتخب المنافس، لكن وفق أسلوب لعبنا لايجاد مفتاح الفوز ومفاجأة الخصم، وتابع: سنفتح حواراً في ما بيننا لتحرير اللاعبين من الضغط النفسي، والتركيز فقط على هذه المباراة الحاسمة، معتبراً أن الأهم بالنسبة إليه هو خلق جو ملائم والتواصل الجيد والحماسة الفياضة داخل المجموعة. لكن أي شيئ من هذا القبيل حصل خلال مباراة أول أمس الأحد، حيث ظهرت خطوط الفريق الوطني متفككة تفتقر إلى الإنسجام والتناغم، إضافة إلى المبالغة في اللعب الفردي والتمريرات الخاطئة وكثرة الإحتجاج على الحكم الموريسي والتي لم تغير من المباراة في شيئ. وكان من المفروض ان يتدخل المدرب غيريتس لتغيير هذه الأمور، لكن هو الآخر دخل في صراع مع حكم الشرط واحتجاجه الزائد على الأخطاء التحكيمية، هذا في الوقت الذي كان عليه التركيز حول ما يجري داخل رقعة الملعب من أخطاء متكررة بين اللاعبين. فالمدرب غيريتس لم يغير نهجه التكتيكي، حيث ظل وفيا لأسلوبه المعتمد على خطة 4-3-3 في غياب أجنحة حقيقية وترك مروان الشماخ معزولا بدون سند من طرف لاعبي الوسط، وحتى التغييرات التي قام بها لم تقدم إضافات جديدة للمنتخب الوطني، إذ بقي الحال على ما هو عليه حتى نهاية المباراة. لقد كانت موقعة عنابة بمثابة ساعة الحقيقة للمدرب غيريتس الذي أثار حضوره إلى المغرب جدلا كبيرا، على اعتبار أنه كان مطالبا بعد ستة أشهر على تنصيبه مدربا للأسود على تقديم وصفاته التكتيكية التي جعلته أكثر المدربين طلبا من طرف العديد من الأندية العربية والأوروبية. لقد سقط غيريتس في أول اختبار له رفقة أسود الأطلس بعدما كان الجميع يمني النفس بأن الفريق الوطني قد قطع صلته نهائيا مع الإخفاقات والنتائج السلبية، وأن مع المدرب البلجيكي سنفتح صفحة جديدة على الصعيد القاري، وأن الجيل الجديد من اللاعبين قادر على إعادة الإعتبار لكرة القدم المغربية التي فقدت الكثير من بريقها وقوتها. كما أن غيريتس مسؤول عن اختياراته التقنية والبشرية، خصوصا فيما يخص بعض العناصر التي تم إقصاؤها بدون مبرر كما هو الحال بالنسبة للاعب أياكس الهولندي منير الحمداوي الذي كان بإمكانه فك طلاسم دفاع المنتخب الجزائري نظرا للتجربة التي راكمها من خلال المدة التي جاور فيها أصدقاء الشماخ. وإذا كان لقاء عنابة هو الأول بالنسبة للمدرب البلجيكي، فيمكن اعتبارها الأسوأ في تاريخ مباريات المنتخبين، نظرا للمستوى المتواضع للطرفين معا من جهة، وعدم المغامرة من قبل مدربي الفريقين من جهة أخرى، خصوصا غيريتس الذي كان يمني النفس بالعودة بأقل الخسائر وهو ما اتضح من خلال مجريات المباراة. على العموم، فإيريك غيريتس مطالب بتغيير العديد من الأشياء داخل المنتخب الوطني، إذا كان يرغب في حجز بطاقة التأهيل إلى النهائيات وإلا سيكون مصيره كسابقيه، لأننا سئمنا من الإخفاقات والإنكسارات.