قام وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة٬ السيد الحسن عبيابة٬ بزيارة خاصة للفنان المسرحي عبد القادر اعبابو بمقر إقامته بمدينة أكادير، قصد الاطمئنان على حالته الصحية. وخلال هذه الزيارة٬ أكد السيد الوزيرالحرص التام والعناية الخاصة التي توليهما مصالح الوزارة لكافة الفنانين والمبدعين٬ مشيرا إلى أنه٬ ومنذ توصله بخبر الأزمة الصحية التي ألمت بالمسرحي اعبابو، قام بتكليف المسؤولين على الصعيدين المركزي والجهوي لمتابعة حالته، باعتباره أحد رموز الفن المسرحي المغربي. وقد رافق السيد الوزير كل من السيد محمد خيا لغضف المدير الجهوي للثقافة بأكادير، والسيدة رجاء حليلة المديرة الجهوية لقطاع الاتصال، والسيد لحبيب نونو عن التنسيقية الجهوية للفنانين ورئيس الفرع الإقليمي للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بأكادير. وقد خلفت هذه الزيارة أثرا طيبا في نفوس فناني جهة سوس من مختلف التعبيرات والحساسيات والأجيال، متمنين لزميلهم الفنان عبد القادر عبابو الشفاء العاجل حتى يعود لخشبة المسرح ولإبداعه وجمهوره. ومعلوم أن الفنان عبد القادر عبابو شاعر وكاتب وممثل ومخرج مسرحي، كتب وأخرج عدة مسرحيات سواء لما كان يقود جمعية أنوار سوس للثقافة والفن منذ الستينيات من القرن الماضي أو بعد أن غادرها ليؤسس محترف أونامير في أواسط التسعينيات.. ومن أهم العروض المسرحية التي بصمت مساره المسرحي الحافل والمتميز، مسرحية “ثورة الزنج” للشاعر الفلسطيني معين بسيسو، ومسرحية “المهمة، ذكريات عن ثورة” للكاتب الألماني هاينر مولر، ومسرحية “القرى تصعد إلى القمر” للكاتب السوري فرحان بلبل، وعدد من النصوص المسرحية للكاتب المغربي المسكيني الصغير، نذكر منها “الجندي والمثال” و”رحلة السيد عيشور” و”الجاحظ وتابعه الهيثم” و”باب أربعة” و”أونامير” عن “الرجل الحصان”… كما أخرج نصوصا من تأليفه ومن تأليف كتاب آخرين كعبد الكريم برشيد وسعد الله عبد المجيد.,. اشتهر المخرج عبد القادر اعبابو بانخراطه الجدي في التنظير المسرحي، فبعد أن كان من بين الموقعين على بيان المسرح الثالث لصاحبه المسكيني الصغير، في مطلع الثمانينات، بادر إلى اقتراح تنظير جديد، ضمن النسق الفكري للمسرح الثالث، عرف بالإخراج الجدلي، وصارت كل أعماله الدرامية مؤطرة جماليا وفكريا بالمرتكزات النظرية للإخراج الجدلي كما وضعها ورسمها بنفسه. وفي هذا الباب، يقول عبد القادر عبابو في ورقة قدمها في المؤتمر الفكري لدورة الرباط للمهرجان المسرح العربي (يناير 2015): “المنهجية الجدلية في الكتابة الدرامية والإخراج المسرحي مكنتنا في واقع الأمر من تجاوز معضلة إشكالية التعامل مع التراث عموما والأسطورة على وجه الخصوص، لأن الثقافة القديمة والأشكال التقليدية في الإبداع تكسب لنفسها هي الأخرى سحرية خاصة بها وجاذبية نسبية تستطيع عبر عمليات تطبيعية معقدة، الخفي منها أكثر من الظاهر، أن تأسر الأفكار والوعي الفردي والجمعي وتوجه الرؤى والمواقف وتنمط الأذواق والسلوكات لدى الناس، وتراكم عبر السنين ترسانات لا يستهان بها من المرجعيات والنصوص والأساليب الإبداعية والتوجهات النظرية والجمالية والفكرية والأيديولوجية والأخلاقية… كل ذلك من أجل ضمان الحماية والاستمرار لنظام القيم الذي ترتبط به. المنهج المسرحي الجدلي وجد نفسه ضمن هذا السياق في مواجهة مباشرة ليس فقط مع تلك التراكمات في حد ذاتها ولكن مع أثرها المتجذر عميقا في أذواق الناس ووعيهم وسلوكاتهم الطبيعية. وتلك هي المعضلة الكبرى، معضلة وضعت أمام التجربة أسئلة عصية لا يتيسر حل مغالقها إلا بإحداث منظومة إبداعية مناقضة، من المفروض أن تزود بكل ما يلزم من الطاقات البشرية المبدعة القادرة على إنتاج القيم الجمالية والنظرية المجددة المتجددة، وإعداد مختلف الأساليب الفنية والتقنية واللوجيستيكية الملبية لمستوجبات هذا التوجه الجديد، ومن تم الانخراط الواثق في معركة المواجهة بين جماليتين: جمالية مسرحية مغايرة صاعدة وأخرى تقليدية آيلة للزوال، معركة المجادلة المسرحية الدياليكتيكية، معركة الاتصال والانفصال، معركة الانتماء والانزياح، معركة التجذير والتغيير، معركة الإرضاء والتخييب، معركة الإسعاد والتبئيس، معركة التلذيذ والتقريف، معركة التهديء والإزعاج، معركة التفكيك والبناء، معركة وجع المخاض وفرحة الولادة.. ولادة مسرح جديد يشبهنا ويشبه من يشبهنا من المفقرين المستغلين في هذا العالم، مسرح يخصب متعتنا وفرحتنا وأحلامنا ورؤيتنا للوجود والحياة..”.