أعرب وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، أول أمس الاثنين، خلال جوابه أمام أعضاء لجنة المالية والتنمية الاقتصادية والتخطيط بغرفة المستشارين، وذلك عقب النقاش العام لمشروع القانون المالي 2020، عن أمانيه بأن تتوافق مكونات المجلس على الصيغة التي تم اعتمادها للمادة التاسعة. وتابع بنشعبون، خلال كلمته، أن ذلك يجب أن يتم من منطلق المصلحة العامة التي تأخذ بعين الاعتبار ضرورة الحفاظ على التوازنات المالية للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، مبرزا أن ما يدعو إلى ذلك أساسا هو قيمة الحجوزات على أموال الدولة، مشيرا إلى أنها بلغت خلال الثلاث سنوات الأخيرة ما يقارب عشرة ملايير درهم. وأضاف بنشعبون أن الحكومة إذا كانت مسؤولة عن التوازنات، فالبرلمانين مسؤولون عنها بموجب الفصل 77 من الدستور، مؤكدا على أن الحكومة لا تنوي من خلال اقتراح هذه المادة لا خرق الدستور ولا إفراغ الأحكام القضائية من محتواها. وأوضح بنشعبون أن الهدف، في إطار مشروع قانون المالية برمته، هو توطيد ثقة المواطن في مؤسسات بلاده وليس العكس، مؤكدا أن الحكومة حريصة أشد الحرص على احترام الأحكام القضائية، وعلى التنفيذ السريع لهذه الأحكام حتى حتى تترسخ ثقة المواطن في قضاء بلاده. وأكد بنشعبون أن الحكومة حريصة في نفس الوقت على ضمان استمرار المرفق العام في أداء الخدمات المقدمة للمواطن بشكل خاص. وشدد بنشعبون في الصدد ذاته أنه لا يمكن أن يتأتى ذلك إلا بتحصين الأموال المرصودة، مع إيجاد وسائل بديلة تضمن إلزامية تنفيذ الحكم القضائي في مواجهة الدولة، معتبرا أن اقتراح منع الحجز على أموال أو ممتلكات الدولة، لا يعتبر عاملا تفضيليا للدولة بقدر ما هو إجراء لضمان استمرارية المرفق العام، مضيفا أن منع الحجز يبقى مقيدا بمجموعة من الضوابط المنصوص عليها في المادة 9 من مشروع قانون المالية لسنة 2020 في صيغتها المعدلة لضمان حق المتقاضين في الحصول على حقوقهم كاملة، من خلال إرساء مساطر مبسطة وتحديد آجال مضبوطة لتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة. وفي كلمته أمام أعضاء لجنة المالية والتنمية الاقتصادية والتخطيط بغرفة المستشارين، عرج محمد بنشعبون، على تجارب لدول لأخرى، مؤكدا أن معظم تشريعاتها تتضمن مقتضيات تمنع الحجز على أموال وممتلكات الدولة بما في ذلك الأملاك التابعة للمؤسسات العمومية والشركات المملوكة كليا أو جزئيا للدولة، مبرزا أن الأبحاث التي قاموا بها في هذا الشأن همت حوالي 22 دولة من بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية، وألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وهولندا، وكندا، وسويسرا، وتركيا، وقطر،…. وقال بنشعبون إنه فيا يخص النقاش المستفيض الذي هم المادة 9 ومشروع قانون المالية لسنة 2020 سواء داخل البرلمان أو خارجه، يبقى شيئا إيجابيا ومحمودا ما لم يحد عن الموضوعية واستحضار المصلحة العليا للوطن والمواطنين. ونوه وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بالتوافق الذي حصل بين مكونات مجلس النواب أغلبية ومعارضة من خلال التصويت على تعديل يوازن بين الحفاظ على حقوق المواطنين واستمرارية المرفق العام، من خلال تقييد منع الحجز على أموال وممتلكات الدولة بمجموعة من الضوابط، التي تضمن تنفيذ الأحكام القضائية عبر توفير الاعتمادات المالية الضرورية في آجال محددة. وأبرز الوزير أنه تم تدعيم مقتضيات هذه المادة بتدبير جديد يمنع على الأمرين بالصرف أو من يقوم مقاهم الالتزام بأي نفقة أو إصدار الأمر بتنفيذها، في إطار الاعتمادات المفتوحة بالميزانية العامة، لإنجاز مشاريع استشارية على العقارات أو الحقوق العينية بالاعتداء المادي ودون استيفاء المسطرة القانونية لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة بالاحتلال المؤقت. معتبرا أن هذا التدبير هام سيمكن من تفادي الاعتداء المادي على عقارات الغير، دون سلوك المساطر القانونية لنزع الملكية ودون توفر الاعتمادات المادية الضرورية لذلك. وبخصوص بعض التدخلات التي ذهبت إلى كون المادة 9 لا تدخل ضمن الاختصاص الحصري للقانون المالي وتعتبر فرسا ميزانياتيا “Cavalier budgetaire”، أكد بنشعبون في معرض كلمته على أن هذه المادة جاءت تنفيذا لمقتضيات المادة 14 من القانون التنظيمي لقانون المالية التي تنص على أن نفقات تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة تندرج ضمن نفقات التسيير التي يتكلف قانون المالية للسنة بتحديدها وبيان كيفية أدائها، وبالتالي فإن إدراج مقتضيات قانونية تنص على كيفية أداء النفقات المذكورة من خلال تحديد الإجراءات التي يتعين على كل من الآمر بالصرف والمحاسب المكلف بالأداء الالتزام بها الأداء هذه النفقات، هو منسجم مع مقتضيات المادة 14 وكذا المادة 6من القانون التنظيمي لقانون المالية، يضيف بنشعبون. ومن خلال ما أشار إليه آنفا شدد بنشعبون على أن التدابير المقترحة في إطار المادة 9 لا يمكن أن تكون إلا في إطار القانون المالي للسنة ولا مجال للحديث عن فرس الميزانية “Cavalier budgetaire”. أما بخصوص الفقرة الأخيرة من هذه المادة، التي نصت على عدم جواز الحجز بأي حال من الأحوال على الأموال وممتلكات الدولة تنفيذا للأحكام القضائية الصادرة ضدها، أوضح بنشعبون أنه مقتضى ينسجم مع طبيعة هذه الأموال المرصودة للمصلحة العامة وغير القابلة للحجز عليها. وأضاف بنشعبون أن هذا المقتضى ينسجم مع ما نصت عليه المادة الأولى من القانون التنظيمي لقانون المالية الذي يحدد طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد وتكاليف الدولة وكذا التوازن الميزانياتي والمالي الناتج عنها، مشيرا إلى أن إجازة الحجز على أموال الدولة وممتلكاتها يخل بالتوازن الميزانياتي والمالي الذي يحكم قانون المالية السنوي. وللذين يقولون بأن هذه المادة تتعارض مع مقتضيات الفصل 126 من الدستور، أكد المتحدث نفسه أن تنزيل الدستور يجب أن تراعى فيه جميع أحكامه ومبادئه، خاصة الفصل 37 من الدستور الذي نص على ضرورة التقيد بالقوانين واحترام الدستور، وبناء على ذلك يتوجب احترام مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية عند اتخاذ القرار بأداء أي نفقة عمومية وإن كانت تنفيذا لحكم قضائي، ثم الفصل 77 من الدستور الذي جعل الحفاظ على التوازنات المالية مسؤولية مشتركة للحكومة والبرلمان، إضافة إلى الفصل 154 من الدستور الذي أوجب الحفاظ على استمرارية المرافق العمومية في أداء خدماتها، معتبرا أنه لن يتأتى ذلك إلى بتحصين الأموال المرصودة لتسييرها من الحجز مع إيجاد وسائل بديلة لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الدولة، مبرزا أنه هو ما قاموا بالتوافق حوله مع فرق الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب من خلال تعديل المادة 9.