يسود في مخيمات البوليساريو الانفصالية، وخاصة بين قيادة الجبهة، ترقب كبير لما ستؤول إليه نتائج الانتخابات الرئاسية في الجزائر، وذلك بسبب الغموض الكبير الذي سيكون عليه الوضع السياسي المقبل في الجارة الشرقية، والتي تعد أبرز الداعمين سياسيا وماليا وعسكريا لجبهة البوليساريو. وتشكل الانتخابات الجزائرية، أهم النقاشات اليومية وسط المخيمات ووسائل الإعلام التابعة لها، وذلك بالنظر ل “الأسئلة المصيرية” التي باتت تطرح أمام قيادة الجبهة من أجل التعامل مستقبلا مع مستجدات الوضع في الجزائر، وما إن كان “النظام الجديد” سيكون حليفا وداعما قويا للجبهة كما في السابق، أم أن الأمور ستتغير لصالح المغرب، في أفق تصفية هذا الكائن الذي ساهم في تأخر اندماج المغرب الكبير. ووفق مصادر إعلامية من المخيمات، فإن قضية الانتخابات الرئاسية الجزائرية وما يحيط بها من غموض، يجعل قيادة الجبهة في الرابوني أمام البحث عن أجوبة لأسئلة الانفصاليين لما قد يقع مستقبلا من تغييرات في “القناعة التضامنية” للنظام الجزائري، وذلك في ظل مؤشرات طفت على سطح النقاشات السياسية بالجزائر، وخاصة بين البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة، والذين يؤكدون من خلالها كثيرا على أهمية توحيد الجهود للنهوض بالمغرب الكبير، والذي لن يتم طبعا إلا بتصفية الكائن الانفصالي الذي يعيق هذا الاندماج منذ عقود. وما يثير الخوف في صفوف الانفصاليين، هو أن المرشحين للانتخابات الرئاسية بالجزائر، يدركون أن الوصول إلى قصر “المرادية” لن تكون الحظوظ فيه وفيرة إلا بتبني خطاب الحراك الشعبي الذي ينادي كثيرا بعودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر إلى وضعها الطبيعي، وذلك عبر فتح الحدود وتعزيز التبادل التجاري والسياحي بين البلدين. وإذا كان المرشح الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية “عبد المجيد تبون” والمدعوم كثيرا من طرف الرجل القوي قائد الجيش القايد صالح، المعروف بكونه أحد الصقور في النظام العسكري الجزائري الداعمين للجبهة الانفصالية، هو الشخص الأكثر قبولا بين الانفصاليين، إلا أنه في خطاباته وتصريحاته حول قضية الصحراء المغربية ظل ينادي بحسن الجوار مع المغرب، وطالب أكثر من مرة قبل دخوله السباق الرئاسي بالتطبيع مع المملكة وفتح الحدود وإحياء مشروع المغرب الكبير، خاصة وأن “تبون” ذي أصول مغربية حيث ينحدر من مدينة فاس. أما باقي المتسابقين في الرئاسة وبالخصوص “علي بن فليس”، المرشح الأقوى والمنافس الأبرز ل “تبون”، فإنه تعهد في حالة انتخابه بفتح الحدود مع الجيران وإنشاء مغرب كبير، حيث قال في حديث مع جريدة “البلاد” الجزائرية: إن “المطلوب هو حسن الجوار مع المغرب وتونس ومالي وموريتانيا، وجميع البلدان الأخرى”، مشددا على ضرورة تكثيف العلاقات مع المغرب، قائلا: “الملف المغربي الجزائري يجب أن ينظر إليه كاملا، ومن الضروري التفاوض والنقاش”، الشيء الذي ينظر إليه قادة الجبهة بشكل غير مريح. الموقف ذاته، عبر عنه أكثر بوضوح، المرشح المثقف والأديب “عز الدين ميهوبي”، رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي بالنيابة، الذي خاض حملة ترشيحه بملصق يضم خريطة المغرب العربي، تضم الصحراء كجزء لا يتجزأ من المغرب، والذي عبر عن رأيه الصريح أكثر من مرة إذا يتشابه مع رأي “عمار السعداني” ويمثل التيار المعادي لملف الصحراء داخل الجزائر والذي يراهن على هذا العداء للانفصاليين من أجل الحصول على الدعم الشعبي. وبالمحصلة، فإن كثيرا من القيادة السياسيين بالجزائر باتوا أكثر إدراكا أن العداء الشعبي في الجزائر للانفصاليين بالرابوني بدأ يتعاظم منذ أن ظهرت ملامحه بعد احتفالات نهائي كرة القدم على الحدود بين المغرب وللجزائر، وهو المعطى الذي يحاول المرشحون للانتخابات الرئاسية استغلاله من أجل نيل أصوات الناخبين بشكل أكبر.