قصفت قوات الائتلاف الدولي أول أمس الاثنين عدة مدن ليبية، كما سمعت انفجارات في طرابلس، في حين أكدت مصادر الثوار مقتل 40 من سكان مدينة مصراته في الشرق برصاص قوات موالية للقذافي. وفي اليوم الثالث من العملية الدولية لفرض حظر جوي وشل القوات الليبية بهدف وقف تقدمها نحو المدن التي يسيطر عليها الثوار، ظهرت انقسامات في صفوف الائتلاف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا. وسمع دوي مدفعية مضادة للطيران اعقبتها انفجارات مساء الاثنين في القطاع الذي يوجد فيه مقر العقيد معمر القذافي في طرابلس، كما افاد مراسل لفرانس برس. وأفاد شهود ان القصف اصاب مساء الاثنين قاعدة بوستة البحرية على بعد عشرة كيلومترات شرق طرابلس, وشوهدت السنة النار تندلع منها. وقال المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى إبراهيم في مؤتمر صحافي مساء الاثنين «منذ السبت شنت قوات الائتلاف المعادية غارات جوية وقصفت بالصواريخ طرابلس والزوارة ومصراتة وسرت وسبها، مستهدفة بشكل خاص المطارات». لكنه صحح تصريحه بعد ذلك وقال لوكالة فرانس برس انه كان يريد أن يقول إن سبها «مهددة» فقط ولم «تتعرض للقصف». وتقع سبها على بعد 750 كلم جنوبطرابلس، وهي معقل قبيلة القذاذفة التي ينتمي اليها العقيد معمر القذافي. وقال الناطق ان «مرفأ صيد صغيرا» يقع على بعد 27 كلم غرب طرابلس، تعرض للقصف الاثنين وان الهجمات أوقعت «العديد من الضحايا» بينهم مدنيون خصوصا في «مطار سرت المدني». وسرت هي مسقط رأس القذافي على بعد نحو 600 كلم شرق طرابلس. وكانت ليبيا أكدت مقتل 48 شخصا مساء السبت في الضربات الغربية. لكن لم يتم التحقق من هذه الحصيلة. وبالإضافة الى ذلك، قال ابراهيم ان مدينة مصراته (200 كلم الى شرق طرابلس» قد «تحررت قبل ثلاثة أيام» ولكن قوات النظام ما زالت تواصل مطاردة «عناصر ارهابية» في المدينة. وعلى الرغم من الهجوم الدولي ومن اعلان وقف اطلاق النار الثاني الذي اعلنه النظام الليبي الاحد، قال ناطق باسم الثوار الليبيين ومصدر طبي في مصراته ان 40 شخصا على الاقل قتلوا واصيب 300 بجروح الاثنين بنيران القوات التابعة للقذافي والتي دخلت المدينة وتمركزت في بعض المباني وعلى دبابات. وكان التلفزيون الليبي الحكومي دعا اهالي مصراته، ثالث اكبر مدن ليبيا على بعد 200 كلم شرق طرابلس، إلى «الخروج من بيوتهم والى عودة الحياة الطبيعية الى المدينة بعد تطهيرها من العصابات الإجرامية المسلحة». وفي الشرق، تراجعت القوات الحكومية الليبية التي هاجمت بنغازي صباح السبت الى اجدابيا الاثنين، على بعد 160 كلم جنوب بنغازي. واكد مراسلو فرانس برس ان القوات الموالية للنظام لم توقف القتال. وكانت عشرات الدبابات التي دمرتها الضربات الجوية جاثمة على طول الطريق بين المدينتين. وفرق قصف المدفعية الثقيلة للقوات المتمركزة في اجدابيا المئات من الثوار الذين احتشدوا لاستعادة المدينة. وفي جنوب غرب طرابلس، قال سكان ان القوات الموالية للقذافي تشن منذ ثلاثة ايام قصفا عنيفا على منطقة الجبل الغربي وخصوصا مدينتي الزنتان ويفرن. ويسيطر الثوار على المدينتين. وأعلن دبلوماسي في مقر الأممالمتحدة في نيويورك الاثنين ان مجلس الامن سيعقد الخميس اجتماعا لبحث آخر التطورات في ليبيا. وأعلنت قوات الائتلاف الدولي انها تهدف الى قطع الامدادات اللوجستية عن قوات القذافي، بعد تاكيدها نجاح الضربات التي نفذتها السبت والاحد ضد الدفاعات الجوية والمدرعات بالقرب من خطوط الثوار. ونفذ الطيران الفرنسي الاثنين عملية دمر خلالها مدرعة لقوات القذافي على بعد مئة كلم جنوب بنغازي، شرق ليبيا، كما اعلن المتحدث باسم رئاسة الاركان الفرنسية تيري بوركار في المساء. وكان المتحدث قد قال بعد الظهر ان القوات الفرنسية التي وجهت اولى الضربات في ليبيا السبت، لم توجه اي ضربات الاحد، موضحا ان الطائرات التي نفذت الاحد 55 طلعة لم تشتبك مع قوات القذافي. واوضح ان الطائرات الفرنسية على متن حاملة الطائرات شارل ديغول ستبدأ عملياتها في سماء ليبيا منذ الثلاثاء. وقال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه «ان النجاح الأول لتدخلنا واضح لأننا لو كنا وقفنا مكتوفي الأيدي فان بنغازي كانت ستشهد حمام دم(..) لقد أنقذنا المدنيين في بنغازي». وبدأت اربع مطاردات اف-16 بلجيكية بعد ظهر الاثنين مهمة بهدف «حماية المدنيين»، كما قال وزير الدفاع البلجيكي بيتر دو كريم. وليل الأحد إلى الاثنين، دمر صاروخ مبنى اداريا داخل مجمع مقر اقامة القذافي في جنوبطرابلس. وقال مسؤول عسكري في التحالف انه يؤوي مركز «قيادة ومراقبة» للقوات الحكومية. والمبنى المعني يقع على بعد نحو خمسين مترا من الخيمة التي اعتاد القذافي ان يستقبل فيها زواره، لكن عددا من المسؤولين في التحالف اكدوا ان هذا الاخير لا يسعى الى استهداف العقيد القذافي مباشرة، وقال ضابط اميركي كبير ان الجيش الاميركي يجهل مكانه. وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما الاثنين ان موقف الولاياتالمتحدة يتمثل في ضرورة رحيل الزعيم الليبي معمر القذافي من السلطة، وانها ستبقى ملتزمة بالتفويض الذي حدده قرار الاممالمتحدة رقم 1973 في تحركها العسكري في ليبيا. وقبل ذلك، اعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان الهدف النهائي للولايات المتحدة وحلفائها هو رحيل الزعيم الليبي معمر القذافي. وعزز الاتحاد الاوروبي الاثنين عقوباته على نظام القذافي معلنا استعداده لايصال المساعدات الانسانية، من دون ان ينجح في التغلب على الانقسامات داخله. وبرزت خلافات حتى بين الدول الاوروبية المشاركة في الائتلاف الدولي وهي فرنسا وبريطانيا وايطاليا وبلجيكا والدنمارك واليونان واسبانيا. وقال وزير خارجية ايطاليا فرانكو فراتيني «لا ينبغي ان نشن حربا على ليبيا» وانما تطبيق قرار الاممالمتحدة. وطلب رئيس الوزراء الايطالي سلفيو برلوسكوني مساء الاثنين ان يتولى حلف شمال الاطلسي قيادة عمليات الائتلاف في ليبيا، «وان تجري عملية التنسيق بصورة مختلفة عما هي عليه الان». وقال برلوسكوني ان الطائرات الايطالية «لا تطلق النار ولن تطلق النار» وستكتفي بطلعات الدورية لتطبيق «منطقة الحظر الجوي» التي اقرتها الاممالمتحدة. ولكن طيارين ايطاليين اكدوا صباحا انهم استهدفوا وبنجاح بطاريات مضادة للطيران لقوات القذافي في بنغازي. وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما الاثنين في سانتياغو ان «حلف شمال الاطلسي سيقوم بدور» في المرحلة العسكرية الجديدة التي ستبدا «خلال ايام وليس اسابيع». بدوره تحدث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن نقل مسؤولية العملية العسكرية الدولية الجارية في ليبيا «الى الحلف الاطلسي في الوقت المناسب»، موضحا ان الائتلاف يعمل الان «بقيادة اميركية بنية نقل مسؤولية مهمته الى الحلف الاطلسي». وصرح وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه في ختام اجتماع للاتحاد الاوروبي ان «الحلف الاطلسي مستعد لدعم الائتلاف في غضون ايام» في ما بدا وكانه دور مكمل للحلف وليس مركزيا. وتبدي فرنسا ترددا في الموضوع خشية ان تمتنع الدول العربية عن الانخراط في تحرك يقوده الحلف الاطلسي، لا بل حتى ان تندد به. وعلقت النرويج مشاركة طائراتها الستة التي أرسلت إلى البحر المتوسط الاثنين في العملية العسكرية في ليبيا إلى حين الاتفاق بشان قيادة العمليات. وقالت وزيرة خارجيتها غريتي فاريمو «المشاركة في العملية تنتظر أوامر جديدة وتفترض وضع نظام للقيادة. هذا سيستغرق عدة أيام». وقال رئيس وزراء اسبانيا خوسيه لويس ثاباتيرو ان البرلمان سيوافق الثلاثاء على المشاركة في العمليات العسكرية لمدة شهر على الاقل. والاثنين, أكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ان العرب «يحترمون قرار مجلس الامن الدولي» الخاص بليبيا موضحا ان هدف الجامعة العربية هو «حماية المدنيين في ليبيا». وقال موسى انه اسىء فهم تصريحاته التي ادلى بها الاحد وقال فيها ان «ما حدث يختلف عن الهدف من الحظر الجوي الذي كنا نريد منه حماية المدنيين وليس قصف مدنيين اضافيين». وكان الغربيون ياملون مشاركة عربية في الائتلاف والعمليات العسكرية. ولكن قطر هي البلد الوحيد المشارك فيها، في حين اعلنت الامارات العربية المتحدة ان دورها سيقتصر على المساعدات الانسانية. وانتقد رئيس وزراء روسيا فلاديمير بوتين قرار الاممالمتحدة الذي يسمح بالقيام بعمل عسكري ضد ليبيا وقال إن نصه تعتريه العيوب ويشبه «دعوة من العصور الوسطى لحملة صليبية». ولكن الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف وصف تصريح بوتين بأنه «غير مقبول». وقال مدفيديف «من غير المقبول تحت أي ظرف من الظروف استخدام عبارات يمكن أن تقود إلى صدام بين الحضارات, مثل عبارة (حملة صليبية) أو غيرها». وانتقد رئيس زيمبابوي روبرت موغابي الغرب الذي قال إنه «يتصرف بالطريقة المنافقة نفسها كما عهدناه». وانتقدت الغابون العضو غير الدائم في مجلس الأمن الضربات العسكرية معربة عن قلقها بشأن وحدة أراضي ليبيا، وطالبت بإعلان وقف لإطلاق النار. واستقبل مدير مكتب وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه عضو المجلس الوطني الليبي الانتقالي علي زيدان الذي عبر عن شكره «باسم المجلس الوطني الانتقالي والشعب الليبي للقرار الشجاع الذي اتخذه الرئيس نيكولا ساركوزي والحكومة الفرنسية» بشن ضربات ضد نظام القذافي الذي يتولى الحكم منذ 42 عاما. وشهدت ليبيا في منتصف فبراير انتفاضة شعبية تعرضت لقمع دام على أيدي قوات القذافي أسفر عنها مئات القتلى، ونزوح نحو 300 ألف شخص. وأدى بدء العمليات العسكرية إلى ارتفاع أسعار النفط الاثنين في آسيا وصولا إلى نيويورك مع توقع ان تستمر الأزمة الليبية طويلا.