بشراكة من فرع اتحاد كتاب المغرب وأصدقاء الخزانة البلدية، نظمت المكتبة الوسائطية مؤخرا لقاء بين الكاتب والناقد إبراهيم الحجري وأصدقاء الكتاب ورواد الخزانة من مثقفي الجديدة ومبدعيها، استهدف التعريف بتجربة الكاتب وسبر أغوارها وما تستضمره من قيم ورسائل، وأيضا حول مسار الكتابة وما يعثوره من عراقيل وصعوبات وإحباطات. وقدم الباحث في مجال السوسيولوجيا عبد الحميد محفاظ، مسار الكاتب مستعرضا تجربته في الكتابة القصصية والنقدية، وما حصده من جوائز واستحقاقات منذ منتصف التسعينيات إلى الآن. ثم تلاه بعد ذلك السوسيولوجي عز الدين الشدادي من كلية الآداب بالجديدة الذي قدم تحليلا للمجموعة الأخيرة للكاتب المعنونة ب»استثناء»، مستفيدا من خبرته في المنهج السوسيولوجي، وقد أبرز أن المتون تقدم معطيات مفيدة للمحلل في هذا المجال خاصة وأنها تنصرف إلى تعرية الأسئلة الواقعية التي يحبل بها قاع المجتمع من فقر وتهميش ودعارة وفساد أخلاقي وخرافة، وأفاد أن الكاتب لا يعيد نسخ هذه الظواهر، بل يجعل القارئ يراها واضحة بشكل أكثر درامية، عبر آلية التشخيص، داعيا المرء إلى التفكير في ذاته، بصيغة تجعله مستنفرا لحمل سؤاله معه أبدا، ردا على الاستسلامية والانطوائية اللتين قهرتا الإنسان العربي طيلة عقود. وفي مداخلته، تطرق الكاتب إبراهيم الحجري لأسئلة الإبداع في علاقته بالأفضية المهمشة. وقد أكد أن المركزية الثقافية والإشعاعية التي اختطفها الهامش من المركز، لم تكن سوى الرد الجزائي على صمود الإنسان المعزول وقساوته مع ذاته من أجل تحقيق الذات، مبرزا الأثر السلبي للوسائط والفضاءات الترفيهية بالمدن الكبرى، هو ما جعل الإنسان المديني يتحول إلى نمط متكرر، وحول المدينة إلى شبح مخيف يقتل مرتاديه على الأقل معنويا، إن لم يكن جسديا. ثم انتقل إلى الأسئلة المقلقة للتجربة الإبداعية الشبابية، خاصة ما يتعلق بالنشر والتوزيع والتشظي والتحول الإبداعي من نمط إلى نمط. وركزت مداخلات الحضور على سؤال العلاقة بين الإبداع وهوية الثقافة وكيف أن الإبداع من الحوامل التي تحفظ القيم الهوياتية، فضلا عن أزمة القراءة وانعكاساتها على المستوى الثقافي، وكيف بمكنة الإبداع إرجاع الثقة للقارئ وحماية الكتاب في عصر استئساد الصور والجاهزية في تقديم المعلومة والقيمة والمعرفة والمتعة.