نظمت المديرية الجهوية للثقافة بتادلة أزيلال، بتعاون مع اتحاد كتاب المغرب والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، يومي 14 و15 ماي الجاري، بغرفة الصناعة والتجارة ببني ملال، المهرجان الوطني للقصة القصيرة بالمغرب، وخصت القاص والمبدع المغربي إدريس الخوري بتكريم خاص.افتتحت فعاليات المهرجان بكلمة عبد الرحيم العلام عن اتحاد كتاب المغرب، أشار فيها إلى أن تقصير الاتحاد تجاه هذا الجنس الأدبي، الذي كان خفيفا وبهيا على ملفات مجلة "آفاق"، وعلى ملتقيات الاتحاد، وأيضا على منشوراته وجائزته، لكن أن يفرد له مهرجان خاص، فهو ما غاب عن أنشطة الاتحاد ردحا من الزمن، إلى أن كبرت الفكرة، وتوفرت الشروط والظروف، ولو أن الأمر كما قال العلام، جرى في ظرف قياسي، خاصة أن جميع الأجناس الأدبية نالت حقها، باستثناء القصة القصيرة، التي غابت عن لقاء مكناس في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، لذلك فالفرصة مواتية لفتح النقاش حول هذا الفن، الذي راكم تجربة مهمة في الأدب المغربي. عبد الكريم الجويطي، ممثل المديرية الجهوية للثقافة بتادلة أزيلال، أشار من جهته إلى أن المهرجان ينظم في خضم دينامية وطنية للاهتمام بالقصة القصيرة، نظرا للعناية التي تحظى بها، خاصة أن مناطق عدة في الخريطة الجغرافية الهامشية للمغرب، أبانت عن إمكانها تنظيم لقاءات كبرى تؤثر في المسار الثقافي المغربي، بالفقيه بن صالح في دورة عربية، والنسخة السابعة في بلقصيري، ثم لقاء زاكورة وغير ذلك، وهو ما يدل على أهمية هذا الجنس الأدبي، لذلك فمدينة بني ملال تنظم مهرجانها الأول، وتكرم في هذه الدورة أحد رموز القصة القصيرة في المغرب، الكاتب إدريس الخوري، الذي يحتفظ بعلاقة متميزة مع هذه المدينة. شارك في الجلسة الأولى، التي أدارها الناقد حسن البحراوي، ممثلو الملتقيات القصصية بالمغرب: محمد الشايب عن جمعية النجم الأحمر ببلقصيري، ورشيد المكي عن جمعية الشعلة، وعبد العاطي الزياني عن نادي الهامش بزاكورة، ومصطفى الغتيري عن الصالون الأدبي بالبيضاء، وعبد المتقي عن جمعية التواصل الثقافي من الفقيه بن صالح. وخصصت الجلسة الثانية، التي سيرها الناقد بشير القمري، مجموعة من القراءات القصصية، لكل من المبدعين: محمد الغرباوي، وأنيس الرافيعي، ومحمد غزناط، والمختار الغرباني، وحسن إغلان. وقدمت قراءات نقدية في المتن القصصي المغربي، إذ قدم محمد زنيبر نبذة عن دراسة نقدية عنونها ب " قبعة الساحر، قراءات في القصة القصيرة بالمغرب"، وركز محمد رمصيص على "أسئلة القصة بالمغرب، مقاربة موضوعاتية"، وتناول محمد الدوهو "جدل الاستمرار والتجاوز، قراءات في القصة المغربية الجديدة". ليلى الشافعي، وعبد العزيز الراشدي، ونور الدين محقق، وجبران الكرناوي، وأحمد الويزي، ومبارك حسن، تحدثوا عن " صورة المغربي في المتن القصصي المغربي"، أما مبارك ربيع، وبشير القمري، وإبراهيم أولحيان، ونور الدين درموش، ومحمد آيت العميم، فتناولوا تشكلات الصورة في الأدب المغربي، وعلاقة ذلك بسؤال الكيف والكم في الأدب، وكيف أن القصة هي التي تخلق موضوعها. اختتم هذا النشاط الثقافي والفني، بشهادات حول التجربة الحياتية والكتابية للمحتفى به، وهو القاص إدريس الخوري. شارك في هذه الشهادات، مبارك ربيع، وأحمد الويزي، وأحمد بومعيز، وأحمد زنيبر، وأحمد المسيح، الذي سرد حياة الخوري في حكاية زجلية طريفة، تلاه القاص عمر العسري، الذي اعتبر الخوري رائد قصة البورتري، وأنهى الشهادات الناقد حسن البحراوي، الذي أكد أنه تعرف على الخوري في سنة 1969، وسرد علاقته بالكاتب. تناولت الشهادات حياة الكاتب إدريس الخوري، الواقعية والفنية والمسرحية، وصور الإنسان فيه، والكاتب والمبدع، والرسام، والصديق، والعصامي، والمبدع، وأحد مؤسسي السرد في المغرب، وصانعيه ومعلميه، خريج مدرسة الحياة والتجربة. وعبر إدريس الخوري في تصريح ل " المغربية"، أنه جد سعيد بهذا التكريم، الذي نظمه اتحاد كتاب المغرب، والمديرية الجهوية للثقافة، الذي جاء في وقته، معتبرا ذلك تكريما رمزيا له ولجيله، ولمن سبق أن كتب القصة القصيرة، وقال إنه شيء جميل أن يحتفى بالكاتب، في غياب أو عدم وجود اعتبار للكاتب المغربي في هذا البلد، وأضاف أنه باستثناء هذه الجمعيات الثقافية، التي تنظم تظاهرات ثقافية هنا وهناك، فدائما الكاتب المغربي يبقى بعيدا عن الاهتمام الرسمي، وهذا ما يحز في النفس، مشيرا أن هذه الجمعيات تحاول أن تعوض هذا النقص أو اللامبالاة، من الأجهزة الرسمية، وختم تصريحه بقوله "المناسبة تكريم جميل في هذه المدينة بالذات، مدينة بني ملال، التي تربطني بها علاقة حميمية، وسبق أن كتبت عنها في صفحات جريدة "القدس العربي"". اختتم الملتقى الثقافي حول القصة المغربية، بمجموعة من التوصيات التي تنص على ضرورة طبع أعمال المهرجان، في كتاب يوثق لهذا الحدث الثقافي النوعي، وعلى جعل مدينة بني ملال، الفضاء المؤسسي المناسب، لعقد هذا المهرجان بشكل دوري كل سنة. وأوصى المشاركون، بتحويل هذا المهرجان من صيغته المحلية، إلى مهرجان عربي، يهتم بالقصة القصيرة، وبنقدها والبحث في محاور وقضايا، تحددها اللجنة التنظيمية المكلفة بذلك، باقتراح من اتحاد كتاب المغرب والمديرية الجهوية للثقافة ببني ملال، مع الحرص على التنسيق مع جميع المنابر والجمعيات والمنتديات، التي تهتم بالقصة القصيرة في المغرب والعالم العربي. وختمت التوصيات، بضرورة مواصلة تقليد التكريم والاحتفاء برموز ورواد الكتابة القصصية في المغرب والعالم العربي، حيث كانت لحظة تكريم الكاتب، القاص المبدع إدريس الخوري، مناسبة للتأكيد على قيمة انعقاد هذا المهرجان، نظرا لما تمثله تجربته القصصية من رمزية في تأسيس هذا الجنس الأدبي، وترسيخه عبر مجموعاته القصصية المتتالية، في انتظار تكريم أسماء وتجارب مغربية وعربية أخرى.