احتضن مقر الأممالمتحدة في نيويورك، خلال الأسبوع الماضي، أشغال المنتدى السياسي الرفيع المستوى للتنمية المستدامة الذي بحث سبل تسريع تنفيذ أجندة التنمية المستدامة لسنة 2030، بمشاركة المغرب. وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى الهام، الذي حضره رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ووزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، عزيز الرباح، باعتماد المشاركين، بالاجماع، لإعلان سياسي حمل عنوان «التأهب لعقد من العمل والإنجاز من أجل التنمية المستدامة»، والذي تعهدت فيه الدول الأعضاء في الأممالمتحدة بحشد التمويل وتعزيز التنفيذ على المستوى الوطني وتقوية المؤسسات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول الموعد المحدد. ودعا رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، الأممالمتحدة إلى إحداث صندوق مالي لدعم تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في القارة الإفريقية. وأكد العثماني، في كلمة خلال القمة التي نظمت في إطار أشغال الدورة ال74 للجمعية العامة، على حاجة الدول الإفريقية الماسة الى اهتمام خاص ومواكبة ملائمة، معربا عن استعداد المغرب لتقاسم تجاربه وخبراته مع بلدان القارة. واعتبر رئيس الحكومة أن كسب رهان أهداف التنمية المستدامة رهين بانخراط والتزام كافة الجهات الفاعلة، على أساس تضامن وثيق وبناء، لا سيما تجاه إفريقيا، ما يفتح باب الأمل للساكنة التي تعاني من الهشاشة و ضيق الآفاق، وضمان سلامة كوكب الأرض لأجيال الحاضر و المستقبل. وبعد أن أكد أن اعتماد «خطة سنة 2030 للتنمية المستدامة» سنة 2015 شكل خطوة تاريخية في مسار الجهود الدولية المشتركة، سجل السيد العثماني أن النتائج المحرزة على صعيد بعض دول العالم لا ترقى بعد إلى مستوى الطموحات والتطلعات، داعيا الى بلورة رؤية جديدة للعشرية القادمة لتسريع و تيرة تنفيذ هذه الخطة وليشمل نجاحها كل البلدان. وفي هذا السياق، أبرز رئيس الحكومة أن المغرب انخرط منذ سنوات، في تنفيذ التزاماته في هذا المجال، و أرسى مؤخرا نظام حكامة بإحداث لجنة وطنية، تضم مختلف المتدخلين من أجل ضمان تتبع أدق وتنسيق والتقائية أنجع. وأشار الى أن المغرب تمكن من تحقيق تقدم ملحوظ على مستوى عدد من الأهداف السبعة عشر خاصة في مجال تقليص عدد الوفيات عند الولادة و محاربة الفقر وتيسير الولوج إلى الخدمات العامة الأساسية وتحسين الظروف المعيشية للساكنة، كما قطع المغرب أشواطا مهمة في ما يتعلق بتطوير البنيات التحتية وتعزيز الحقوق والحريات من أجل ترسيخ أسس الممارسة الديمقراطية السليمة. و أبرز أن هذه المكاسب تحققت بفضل إصلاحات واسعة، منها الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تم إطلاق مرحلتها الثالثة سنة 2018، وبرنامج الطاقات المتجددة، التي تروم الحصول على قدرة إنتاجية للطاقة الخضراء بنسبة 52 بحلول سنة 2030، والرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين 2015-2030. وبغية إعطاء هذا المسار التنموي دفعة قوية، يضيف السيد العثماني، أطلق جلالة الملك محمد السادس ورش تجديد النموذج التنموي الوطني، لتعزيز مسيرة التقدم والنماء، والاستثمار في الرأسمال البشري، وتقليص الفوارق االاجتماعية والمجالية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قد دعا في كلمة افتتاح القمة، الدول الأعضاء إلى اتخاذ «قرارات جريئة» لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030. وقال غوتيريس «لقد حان الوقت لاتخاذ قرارات جريئة على المستويين الفردي والجماعي»، مؤكدا على الحاجة إلى تعبئة المزيد من الموارد، كما دعا الدول الأعضاء إلى الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالدعم العمومي من أجل التنمية. وأضاف أمين عام الأممالمتحدة «نحن بحاجة إلى تجديد موارد الصناديق العالمية للمناخ والصحة بشكل كامل ورفع قيمة التمويل المخصص للتعليم ولأهداف التنمية المستدامة الأخرى، وكذا دعم أشكال مبتكرة للتمويل ومنها على سبيل المثال، السندات ذات الوقع الاجتماعي والعمل على توفير إمكانية أكبر للبلدان الهشة من أجل الحصول على التكنولوجيات الخضراء والتمويل بتكلفة منخفضة». وأكد أن ثمة حاجة أيضا إلى «زيادة حجم الاستثمارات الخاصة طويلة الأجل من أجل التنمية المستدامة وإحراز تقدم حقيقي في معالجة التدفقات غير المشروعة للأموال وغسل الأموال والتهرب الضريبي لمساعدة الدول النامية على تنفيذ إصلاحاتها السياسية والاقتصادية». كما دعا غوتيريس إلى التركيز على الحلول التي سيكون لها أكبر الأثر على تنفيذ أجندة 2030 ككل، من قبيل المساواة بين الجنسين، والاقتصاد العادل والشامل، والنظم المستدامة للطاقة والغذاء والمدن المستدامة ومكافحة أزمة المناخ.