بعد أسبوع واحد من تنصيبها، عقدت اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة الدستور أولى جلسات عملها، أول أمس الثلاثاء، لوضع برنامج عملها خلال الفترة المقبلة، وتحديد جدول المشاورات التي ستعقدها مع مختلف الهيئات والمنظمات. ووافق أعضاء اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة الدستور، في أول اجتماع عقد بمقر أكاديمية المملكة بالرباط، على منهجية العمل للفترة المقبلة، التي ستتلقى فيها مقترحات وتوصيات الفاعلين والمتدخلين، على مختلف مشاربهم، تطبيقا لمضامين الخطاب الملكي ليوم 9 مارس الجاري. وأعطى الخطاب الملكي توجيهات للجنة بالإصغاء والتشاور مع جميع الهيئات والفعاليات المؤهلة، بدون استثناء، وذلك بغية اقتراح نسق مؤسسي مضبوط، يقوم على التحديد الواضح لسلطات المؤسسات الدستورية مع الأخذ بعين الاعتبار المكتسبات والخصوصيات المغربية. وأكد الخطاب الملكي على ضرورة توسيع دائرة الاستشارة وإمكانية الاجتهاد في اقتراح كل الآليات التي تمكن من ترسيخ الديمقراطية والتوزيع المتوازن للسلط وخضوعها لمبدأ المحاسبة. وبينما لم يرشح إلا النزر اليسير عن أول اجتماع للجنة، يتوقع أن تشرع في عملها في الأيام القليلة المقبلة للإنكباب على بلورة تصورات عميقة من شأنها أن تبوّأ المغرب دستورا متميزا، يستلهم المرتكزات السبعة التي حددها الخطاب الملكي، ويأخذ بعين الاعتبار المكتسبات التي حققها المغرب خلال السنوات الأخيرة. وستكون قاطرة المشاورات التي ستفتحها اللجنة المكلفة بالمراجعة الدستورية، مع الآلية السياسية، التي يتولى رئاستها المستشار الملكي محمد معتصم، تلقي تصورات الهيئات والأحزاب السياسية بخصوص التعديلات الدستورية المقبلة، على اعتبار أن هذه الآلية المكلفة بتبادل الرأي في المشروع والمتابعة، تضم زعماء الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية بالبلاد. وفي نفس السياق، بدأت مختلف الهيئات والأحزاب السياسية والنقابات في صياغة مقترحاتها التي سترفعها إلى اللجنة لتأكيد انخراطها في المشروع، في انتظار أن تحدد اللجنة مواعيد لتلقي هذه التصورات. وتكاد تجمع مختلف ردود الأفعال، مع انطلاق ورش الإصلاح الدستوري، على أهمية المبادرة الملكية التي تفتح للمغرب عهدا جديدا في مجال الديمقراطية، وتجعله رائدا في مجال الإصلاحات السياسية والدستورية، ويستجيب لمطلب تفعيل المبادرات والإجراءات التي تعزز هذا المسار الإصلاحي وترفع من فرص إنجاحه. وأعلن جلالته الأسبوع الماضي، إجراء تعديل دستوري شامل، وتكوين لجنة خاصة لمراجعة الدستور، إلى جانب آلية سياسية مكلفة بالتشاور والمتابعة سترفع تقريرها إلى جلالته في شهر يونيو المقبل, على أن يتم عرض مشروع الدستور الجديد على الاستفتاء الشعبي. وأكد جلالة الملك في خطابه أن المغرب حقق مكاسب وطنية كبرى متقدمة على ما يتيحه الإطار الدستوري الحالي، معربا عن التزامه بإعطاء دفعة قوية لهذه الدينامية الإصلاحية، جوهرها منظومة دستورية ديمقراطية، إدراكا من جلالته لجسامة التحديات، ومشروعية التطلعات، وضرورة تحصين المكتسبات، وتقويم الاختلالات.