تفاعلت القناة الثانية مع المستجدات التي حملها الخطاب الملكي الأخير، حيث بثت برنامجا خاصا، لم يكن مبرمجا من قبل، في اليوم الموالي لإلقاء الخطاب، تولى تنشيطه الإعلامي خالد مصطفاوي، ووجه الدعوة إلى مجموعة من المحللين والقاعلين السياسيين، لمناقشة مضامين الخطاب: الحبيب بلكوش، حسن طارق، عبدالقادر أزريع، محمد الكلاوي، عبدالمجيد بلغزال. وتم اعتبار الخطاب الملكي الذي فتح ورش الإصلاحات الدستورية، بمثابة محطة تاريخية، وتتويج لمسار طويل من النضال. وذكر بلكوش أن هذا الخطاب يعكس جيلا جديدا من الاصلاحات الدستورية، وأن المطلب الديمقراطي الذي امتد إلى عقود، يجد ترجمته في الخطاب الملكي، كما يتجلى ذلك في الانتقال إلى توزيع السلطة بين المركز والجهات، بمعنى تخويل سلطات أكبر للمتخبين على مستوى الجهات، وبالتالي ضمان الروح الديمقراطية. موضحا أن الخيار الديمقراطي يعد أحد الثوابت الأساسية للأمة، والضامن للانخراط في دينامية العصر، وشدد على أهمية دسترة المنهجية الديمقراطية على مستوى البرامج والرؤية التدبيرية وبناء التحالفات المنسجمة وفق القواعد الديمقراطية. كما تطرق بلكوش إلى قضية دسترة الأمازيغية، مذكرا بأن المسار الذي عرفته يشكل صيرورة تتوج بمكانتها باعتبارها مكونا أساسيا. وحذر من أن تكون الإصلاحات الدستورية لحظة مزايدة. وأكد طارق على أن الخطاب الملكي يتجاوب مع مطالب القوى الديمقراطية وسنوات من النضال لتكريس دستور يتجاوب مع القيم الكونية ومع روح العصر ومع فئة عريضة من الشبيبة. واعتبر الاتجاه نحو الجهوية المتقدمة، جوابا على الديمقراطية المحلية، حيث أن رئيس الجهة سيصبح متمتعا بسلطة تنفيذية، مذكرا بأن طريقة انتخاب الجهات كان يشوبها العبث، لكن اليوم هناك انتقال إلى نمط جديد، يأخذ كذلك بعين الاعتبار تفعيل إشراك المرأة في تسيير الشأن وإعادة توزيع الصلاحيات، مما ينم عن الدخول في هندسة دستورية جديدة من بين أسسها فصل السلط. وأضاف طارق أن الخطاب الملكي يصب في اتجاه تقوية موقع الوزير الأول، مما سيخول تطبيق برنامج التعاقد مع المنتخبين، وهو ما سيقوي روح المسؤولية وإعطاء شحنة سياسة جديدة. معتبرا كذلك أن دسترة المجلس الحكومي من شأنه أن يجعل الحكومة قوية بصلاحيات حقيقية، كما يجعلها مسؤولة أمام البرلمان. ودعا في ختام مداخلته إلى ضرورة إغلاق اللحظة الدستورانية في أقرب الآجال والذهاب توا نحو تحقيق مشاريع التنمية والخوض في قضايا المواطنين، وإقناعهم بأن جوهر السياسة هو القضايا اللصيقة بمعيشهم اليومي. وأوضح أزريع أن الإنصات إلى الشعب مؤكد في مضمون الخطاب الملكي، حيث أنه جاء بحمولة غير متوقعة، يقوي من العزيمة لأجل دولة الحق والقانون، وبالتالي فإن المسؤولية الآن ملقاة علينا لمواكبة الإصلاحات. وأشاد بحركة عشرين فبراير الشبابية بالنظر لوضوح مطالبها والتي جاءت متطابقة مع مضمون الخطاب الملكي، وهو ما يضع حدا للتحليلات التي ما فتئت ترى أن الشباب هم خارج الحس السياسي. ودعا أزريع بعد ذلك إلى وجوب تهييء شروط الانخراط في العمل السياسي، وإعادة النظر في آليات التواصل بين مختلف مكونات مجتمعنا. واعتبر من جهة أخرى أن دسترة الأمازيغية من شأنه يقوي الوحدة ويثري الثقافة المغربية. وعبر عن ارتياحه أنه لأول مرة سيكون بإمكاننا معرفة من يصوغ الدستور، على أمل أن يتم تعميق الحوار مع الشباب. وأكد الكلاوي على أن الخطاب الملكي جاء بأشياء لم نكن نحلم إلا بالقليل منها، واعتبر أن أهميته تكمن في إعادة تجديد التعاقد بين الشعب والملك، بمعنى تفويض السلطة للشعب. مشددا على أهمية دسترة الجهوية، باعتبارها خطوة كبيرة نحو نظام ملكي دستوري ديمقراطي، أخذا بعين الاعتبار أن الجهوية هي أساس الديمقراطية. وذكر بلغزال أن الخطاب أسس للحظة تاريخية بامتياز، من خلال استعادة زمن الإصلاح والزمن الديمقراطي. واعتبر بدوره أن الجهوية المتقدمة هي إطار للتنمية ولفرز نخب تمثيلية حقيقية، من شأنها أن تشكل في الصحراء مدخلا لتهييء فرصة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. واعتبر دسترة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، صيانة لكرامة المواطن المغربي، وتأكيد على سمو المواثيق الدولية التي انخرط فيها بلدنا.