دعت مسؤولة أممية في منظمة الصحة العالمية، مؤخرا، دول العالم إلى عدم إغلاق الحدود، أو وضع القيود على السفر والتجارة مع الكونغو الديمقراطية، مذكرة بأن فيروس الإيبولا يمثل تحديا واحدا فقط، من بين تحديات أخرى عديدة تواجهها البلاد. وجددت الدكتورة مارغريت هاريس، متحدثة من جنيف، نداء المنظمة إلى المجتمع الدولي لإبداء الدعم والتضامن مع شعب جمهورية الكونغو الديمقراطية. وأكدت المتحدثة أن داء الحصبة قد تسبب وحده في قتل أعدادا من الناس هذا العام، أكثر مما فعل فيروس الإيبولا. وأضافت هاريس أن أكثر من 2000 شخص قد راحوا ضحية داء الحصبة خلال عام 2019، بينما أودى فيروس الإيبولا منذ غشت الماضي بحياة 1705 شخصا في مقاطعتي إيتوري ونورد كيفو. وقالت الدكتورة مارغريت هاريس التي تزور العديد من أرجاء البلاد بانتظام إن “الناس هناك يرون في الحصبة مشكلة أكبر من الإيبولا، وهي ليست في قمة أولوياتهم. فهم يودون أن يتمتعوا بشوارع وطرق جيدة وأن يحصلوا على المياه النظيفة. ويرغبون في ألا يموت الأطفال بسبب الحصبة”. بالإضافة إلى الحصبة والملاريا ونقص الخدمات الأساسية، فمنذ أوائل يونيو الماضي، نزح أكثر من 300 ألف شخص في مقاطعتي إيتوري وشمال كيفو الغنيتن بالموارد الطبيعية، بسبب عنف الجماعات المسلحة، حسب مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وأعربت الدكتورة هاريس عن تفاؤلها بأن الاهتمام العالمي، بسبب إعلان فاشية الإيبولا في البلاد حالة طوارئ صحية عامة ذات مخاوف دولية، قد يركز الانتباه على تأمين مستقبل أكثر سلاما واستدامة للمجتمعات التي تعاني في جمهورية الكونغو الديمقراطية. “لا تغلقوا الحدود” وفي حديثها للصحفيين في جنف ذكرت الدكتورة هاريس بأن الرسالة الأساسية التي ينبغي أن توجه إلى بقية دول العالم هي أن دعم جمهورية الكونغو الديمقراطية وأنه “لا داعي للهلع”. ودعت المتحدثة إلى عدم إغلاق الحدود أو وضع القيود على السفر والتجارة في التعامل مع إعلان حالة الطوارئ. وفي إشارة إلى دراية لجنة الخبراء التي نصحت منظمة الصحة العالمية بإعلان حالة الطوارئ الدولية بالأضرار المحتملة على اقتصاد البلاد، قالت الدكتورة هاريس إن العالم تعامل حتى الآن بشكل جيد مع المسألة “ولم يقفل على البلد الشاسع الواقع في وسط أفريقيا”. حالة طواريء وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت في وقت سابق أن وباء إيبولا الذي يتفشى في جمهورية الكونغو الديمقراطية أصبح “حالة طوارئ صحية تثير قلقا دوليا”، في تصنيف نادر يقتصر على أخطر أنواع الأوبئة. وتم احتواء وباء إيبولا في المناطق النائية بعد عام على تفشيه في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، لكن لاحقا تم رصد حالة لمصاب بالفيروس في مدينة غوما عاصمة المقاطعة الشرقية، وهي الأولى في مدينة رئيسية. وكانت المنظمة قد امتنعت عن إعلان حالة الطوارىء الصحية في مناسبات ثلاث سابقة، لكن تأكيد إصابة مبشر إنجيلي في غوما كان نقطة تحول، لأن المدينة هي بوابة العبور إلى منطقة البحيرات العظمى في أفريقيا. وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدحانوم غبريسوس في بيان “لقد حان الوقت لكي يحتاط العالم”. وهذه هي المرة الخامسة التي تعلن فيها المنظمة حالة الطوارئ. وكانت المنظمة قد أعلنت حالة الطوارئ بعد جائحة فيروس إتش1 إن1 أو إنفلونزا الخنازير في عام 2009، وتفشي فيروس شلل الأطفال في عام 2014، ووباء إيبولا في غرب إفريقيا بين عامي 2014 و2016، وفيروس زيكا في 2016. ورحب الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بقرار المنظمة. وأعلن في بيان عن أمله بأن يسهم القرار “الذي لا يغير الواقع على الأرض بالنسبة للمصابين أو للشركاء المنخرطين في التصدي، في إعطاء الأزمة الاهتمام الدولي الذي تستحق”. الأمل في لقاح جديد كما أمل أن يكون احتواء تفشي الوباء أكثر سهولة هذه المرة بفضل لقاح جديد. وفي حين تم تطعيم أكثر من 160 ألف شخص في مقاطعتي كيفو الشمالية وإيتوري المتأثرتين بالوباء، فقد تعرضت جهود الاحتواء للإعاقة بسبب الاضطرابات الأمنية في المنطقة وانعدام الثقة في المجتمعات المحلية تجاه العاملين الصحيين. وأعربت لجنة من كبار مسؤولي منظمة الصحة العالمية الذين اجتمعوا في جنيف لإعلان حالة الطوارئ عن “خيبة أملهم من التأخير في التمويل الذي أعاق الاستجابة” لتفشي المرض. ومن المتوقع في الأيام المقبلة أن توجه الأممالمتحدة نداء جديدا لتأمين مئات الملايين من الدولارات المطلوبة لتغطية أعباء الأشهر الستة التالية. تغيير الأساليب وردا على إعلان حالة الطوارئ دعت جوان ليو رئيسة منظمة أطباء بلا حدود إلى “تغيير الأساليب” في مواجهة تفشي الوباء، وقالت “نحتاج إلى تقييم ما هو فعال وما هو غير فعال”. وانتقد وزير الصحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية أولي إيلونغا كالينغا دافع بعض المنظمات غير الحكومية في جمع التبرعات لمواجهة الأزمة. وقال إنه في الوقت الذي “يقبل” فيه قرار منظمة الصحة العالمية بإعلان الطوارىء الصحية، فقد كان يأمل ألا يكون ذلك “نتيجة لضغوط من مجموعات مختلفة (…) ترغب في استغلال البيان كفرصة لجمع الأموال لهيئات إنسانية فاعلة”. وتسببت الحمى النزفية في وفاة 1668 شخصا منذ الإعلان عن الوباء في الأول من غشت العام الماضي، بحسب وزارة الصحة الكونغولية. الفيروس شديد العدوى ويبلغ معدل الوفيات فيه حوالي 50%. ينتقل إلى البشر من الحيوانات البرية وينتشر بين الناس من خلال اتصال وثيق مع الدم أو سوائل الجسم أو إفرازات أو أعضاء الشخص المصاب.