اللجنة الاستشارية ستقدم للملك مشروع الدستور الجديد قبل عرضه على الشعب للتصويت ردود فعل دولية ترحب بالمبادرة الملكية للإصلاح والتحديث أشرف جلالة الملك محمد السادس، أول أمس الخميس، على تنصيب اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، التي دعاها جلالته إلى اعتماد منهجية الإصغاء والتشاور مع جميع الهيآت والفعاليات المؤهلة، بدون استثناء، والاجتهاد الخلاق، لاقتراح نسق مؤسسي مضبوط، يقوم على التحديد الواضح لسلطات المؤسسات الدستورية، بما يجعل كلا منها يتحمل مسؤوليته كاملة، في مناخ سياسي سليم. وبالنظر إلى ما يكتسيه انخراط الأحزاب السياسية من أهمية في حسن بلورة وتفعيل حكامة دستورية جيدة، ستكون مشاركة هاته الأخيرة موصولة في هذا الإصلاح الهيكلي من بدايته إلى نهايته. وفي هذا الصدد، قرر جلالة الملك إحداث آلية سياسية مهمتها المتابعة والتشاور وتبادل الرأي بشأن مشروع الإصلاح الدستوري، تضم بصفة خاصة، رؤساء الهيآت السياسية والنقابية، وأسندت رئاستها إلى مستشار جلالة الملك محمد معتصم. وهو ما يعني أن اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور ستشتغل بطريقة تكاملية، وفي تنسيق تام مع الهيئات السياسية، من أجل بلوغ مشروع إصلاحي يماثل ما هو معمول به في الدول الديمقراطية الكبرى، يرسخ الفصل بين السلطات بشكل عمودي وجهوي. وستتوج جهود اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، وما يوازيها من متابعة وتشاور من طرف الآلية السياسية، بمشروع دستور سيعرض على الشعب المغربي، صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، عبر استفتاء حر ونزيه. وقد تم تحديد شهر يونيو القادم كأجل لرفع نتائج اللجنة إلى جلالة الملك. مما يعني أن التشاور مع الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني والمنظمات الشبابية والجمعوية والفكرية والعلمية سينطلق في غضون الشهر الجاري، من أجل بلوغ إصلاح دستوري يهدف إلى تلبية المطالب الأساسية، كدسترة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، والارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، وإقرار حكومة ديمقراطية ومسؤولة وتكريس الجهوية. وتتكون اللجنة الاستشارية التي ستعمل على تحديد معالم الدستور الجديد من نخبة متنوعة، يرأسها عبد اللطيف المنوني أستاذ مبرز للقانون الدستوري (كلية الحقوق الرباط أكدال)، تضم علماء السياسية وعلماء القانون الدستوري والاقتصاد، وتتوفر على إمكانية الإبداع للخروج بتصور جديد، مواكب للتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المغرب. وقد خلف الإعلان الملكي عن الإصلاح الدستوري العميق ردود فعل دولية، أجمعت على وصفه بالنقلة النوعية التي ستستجيب للطموحات المشروعة للشعب المغربي، وبالنموذج الإيجابي الذي ينبغي على باقي الحكومات الأخرى بالمنطقة العربية أن تستلهمه، وأن تطلع عليه عن كثب قبل فوات الأوان. هذا وقد أعرب الاتحاد الأوروبي، في بلاغ مشترك للمسؤولين الأوروبيين، عن استعداده لدعم المغرب في جهوده الرامية إلى تنفيذ إصلاحات كبرى، تمثل التزاما بديمقراطية متقدمة بالمغرب، وتهم عناصر أساسية للتحديث، في إشارة إلى مسلسل الجهوية، واستقلالية القضاء، وفصل السلط، وتعزيز دور الحكومة والمساواة بين الجنسين. وفي بلاغ لها، صدر الخميس المنصرم، اعتبرت الخارجية الأمريكية، على لسان النائب الأول لرئيس اللجنة الوطنية للسياسة الخارجية الأمريكية، بيتر فام، أن الإصلاحات الدستورية، التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس، تثبت مرة أخرى أن المغرب يشكل نموذجا للتطور التدريجي والمنظم والراسخ في التاريخ، المتجه بعزم نحو المستقبل. من جانبها أشادت وزارة الشؤون الخارجية البريطانية باتجاه جلالة الملك محمد السادس نحو تكثيف وتسريع وتيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي. وقال وزير الشؤون الخارجية البريطاني ويليام هاغ، «إن انخراط المغرب لفائدة تكثيف وتسريع وتيرة الإصلاح الاقتصادي والسياسي سيعزز استقلالية المؤسسات وسيستجيب لتطلعات المجتمع المغربي». وقد حظيت القرارات والتوجهات التي أعلن عنها جلالة الملك، في إطار التحديث المتواصل للمؤسسات وللمجتمع المغربيين، بإشادة ملك إسبانيا خوان كارلوس والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك. كما خصصت الصحافة والوكالات الدولية حيزا هاما من إصداراتها، يوم الخميس المنصرم وأمس الجمعة، للإصلاحات المعلنة التي تنضاف إلى الأوراش السابقة التي انخرطت فيها المملكة المغربية.