نساء «كيش الأوداية» يخطفن الأضواء من شباب حركة 20 فبراير بالرباط تناثرت نساء من مختلف الأعمار على طول الحديقة المقابلة للبرلمان، عشية الثلاثاء الماضي، كما تتناثر حبات الرمل في مهب الريح. بعضهن أرخين بأجسادهن المثقلة بالهموم فوق الكراسي القليلة في المكان، والبعض الآخر اقتعدن العشب المتآكل في جنباته، والأخريات جلسن على حافة الرصيف، كلهن ينتظرن موعد الوقفة الرمزية تخليدا لليوم العالمي للمرأة لإسماع صوتهن. مر عليهن الوقت متثاقلا على حالتهن، يترقبن وجوه المارة كأنهن يستعطفنهم للتضامن معهن في محنتهن، وهن القادمات من هامش العاصمة مسلحات بقضيتهن التي ناضلن من أجلها في السنوات الأخيرة. على بعد بضع دقائق من الساعة الخامسة والنصف، الموعد المحدد للوقفة الرمزية، تحركت النسوة اللواتي قضين ساعات طويلة في تلك الساحة، متجهات إلى مكان الوقفة على مرمى حجر بساحة البريد. وتدافع أشقاؤهن الرجال للالتحاق بهن، ومساندتهن في مطالبهن المشروعة، بعد أن أدهشهم انضباطهن الكبير. وقفت عشرات النساء في يومهن العالمي بملامح مختلفة، كل واحدة منهن تحمل قصة بؤس حقيقية، وتنشد أن يرفع عنها الظلم والحيف، وتطالب المساواة مع شقيقها الرجل في الحقوق. كان أول شعار صدحت به حناجر النساء المطالبة بالمساواة، قبل أن يرفعن مطالبتهن بالاستفادة من الأراضي التي حرمن منه. هؤلاء هن نساء كيش الأوداية اللواتي اخترن التظاهر بوسط العاصمة الرباط في اليوم العالمي للمرأة، لإسماع صوتهن بالمعاناة التي عشنها ويعشنها. بعد برهة قليلة من بدء الوقفة، حج إلى المكان بضع عشرات الشباب من حركة 20 فبراير، وقفوا إلى جانب وقفتهن، قبل أن يقرروا خوض وقفة موازية على بعد خطوات منهن. سرعان ما بدأت تتسع دائرة المشاركين والمتعاطفين مع شباب 20 فبراير، وآثروا الابتعاد لعدم إزعاج هؤلاء النسوة، اللواتي لم يتوقفن عن ترديد الشعارات. كان صوت النسوة يأتي مبحوحا غير مسموع، أمام صوت مكبرات صوت الحركة، فتشجعت إحداهن وطلبت من أحد منظمي الوقفة الموازية أن يعيروهن مكبر صوت، ما داموا يتوفرون على ثلاثة. اعتذر بلباقة بل وطلب منهن الانخراط معهم. واستطاعت النساء القادمات من هامش العاصمة، بالتحديد من مدينة تمارة، أن يخطفن الأضواء عن الشباب، رغم التنظيم والوسائل اللوجيستيكية المتوفرة لهؤلاء، ليس فقط بمشروعية قضيتهن ومطالبهن، بل أولا لأنهن نساء يحتفلن بيومهن العالمي بطريقتهن الخاصة، وأيضا بانضباطهن وتنظيمهن المحكم، بعيدا عن الزعامات والرغبة في الظهور في واجهة التظاهرة. كانت وقفة شباب حركة 20 فبراير ومعهم المنظمات الحقوقية والمدافعين عن حقوق النساء تتحدد معالمها، بل واستأثرت أكثر بالاهتمام، لا فتات مكتوبة بعناية، بكل اللغات، عربية وفرنسية وأمازيغية لإثارة الاهتمام إلى وضعية المرأة. وقفة عنوانها الأبرز «كلنا فدوى العروي» الأم التي أضرمت النار في جسدها للاحتجاج على «الحكرة»، ومن أجل استعادة كرامتها، وفارقت الحياة متأثرة بجراحها مخلفة وراءها طفلين في عمر الزهور. مرت اللحظات والدقائق، النساء يرددن شعاراتهن في جانب، والشباب والمنظمات الحقوقية والنسائية ونشطاء حقوق الإنسان يطالبون بالمساواة بين المرأة والرجل. قبل أن تجتمع الوقفتان في وقفة واحدة تضامنا مع كل النساء في يومهن العالمي، وتوحدت الشعارات والمطالب، وتوحد بنو الجنسين نساء ورجالا، شبابا وكهولا، ينادون بالاستجابة لحقوق المرأة ومنحها نفس الحقوق والمساواة مع الرجل.