توجت جمعية ورشة للتربية والثقافة والفن، بفضاء الشباب اسباتة بالدار البيضاء، أنشطتها للموسم الحالي بأمسية أدبية وفنية، احتفاء بالدكتور محمد عرش (الشاعر والإنسان)، وذلك بمناسبة صدور مجموعته الشعرية الأخيرة عن بيت الشعر بالمغرب: “مخبزة أونغاريتي”. شارك في الأمسية مجموعة من أصدقاء محمد عرش، من شعراء ونقاد ومبدعين، إضافة إلى براعم من مدرسة المجد، التابعة للمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية مولاي رشيد. الناقد والمترجم لحسن احمامة والشاعر والكاتب محمد بوجبيري، اختارا أن يبصما على مشاركتهما في هذا العرس الثقافي بورقتين نقديتين، تناول الأول منهما إصدار “مخبزة أونغاريتي” ودشن مداخلته بالاستهلال التالي: في قصيدة الوداع “لجيوزيني أونغاريتي” نقرأ: “الشعر هو إنسانية العالم حياته الخاصة انبثقت من الكلام الجميل ومن الدهشة الصافية لهيجان محموم” أونغاريتي شاعر إيطالي ( 1970-1888 ) ولد بالإسكندرية، وتنحدر أسرته من توسكانية. انتقل من الإسكندرية إلى باريس ثم روما، التي استقر بها مؤسسا التيار الشعري المغلق الهرمسي. واختار الثاني منهما تحليل إصدار “كأس ديك الجن” مستهلا ورقته بالتقديم التالي: “السي محمد عرش قدم إلى الشعر منذ أواسط السبعينيات من القرن الماضي، ومع ذلك لم يراكم، كما فعل آخرون، العديد من المجاميع الشعرية، السبب هو أنه زاهد فيما تخف إليه خطى المهرولين. يلوذ كثيرا بالصمت بحثا عن طمأنينة الأعماق، وتفسير يليق بالعالم. يكتب بأناة، ولا يستعجل الحبر، كما أنه لا يجلس إلى البياض إلا عندما تنضج الفكرة وتلح العبارة. وقد غاصت ورقتا كل من احمامة وبوجبيري في الإصدارين الشعريين لمحمد عرش، كل واحدة منهما من زاويتها الخاصة بها، تفرضها تناول إصدارين شعريين مختلفين بالدرس، ثم كذلك اختلاف منهجي القراءة والتحليل عند كل واحد منهما. الشاعر محمد اللغافي والقاص عبد الحق السلموتي، قر عزمهما على الاحتفاء بصديقهما الدكتور محمد عرش بشهادتين في حقه، تطرق الأول منهما للصداقة التي جمعته بعريس الأمسية الأدبية منذ أطلعه على مجموعته الشعرية “حوافر في الرأس” التي لقيت استحسانا من طرف المحتفى به، ترجمه إلى مقالة تحليلية، أشادت بالعمل وبصاحبه، وكانت بداية صداقة استمرت إلى اليوم، تحدث اللغافي بحنين عن جزء من ذكرياتها، بفضاءات متعددة بتراب سيدي مومن في حقبة زمنية معينة. وتناول الثاني منهما في شهادته، القيمة الرمزية لمحمد عرش عند أصدقائه الشعراء الرواد منهم ومجايليه، أما الشباب منهم فيمازحونه ويشاركونه الحديث الطويل، ويطلبون منه النصح والتوجيه دون وجل أو تردد، وبصدر رحب يأخذ بأيديهم ويحتضنهم. كما تناولت الشهادة بشكل مقتضب قصة سفر محمد عرش إلى تونس لملاقاة صديقه الشاعر العراقي الكبير “سعدي يوسف”، لم يكتب له رؤية هذا الأخير، لكن اتحاد كتاب تونس ألقى عليه القبض واحتفى به في أمسية شعرية باذخة، لن يغفل عنها البال، ولن تمحوها الذاكرة أبدا. فيما الشاعرات: كريمة دلياس، كريمة أهنين وخديجة عثمان، باركن لأخيهن هذا الاحتفاء بقراءات لمختارات من إبداعاتهن الشعرية، بإلقاء فني شد اهتمام وانتباه الحاضرين. أما ملح هذا العرس الأدبي والفني، فهي المشاركة المتميزة لبراعم مدرسة المجد، وهي المشاركة التي أثنى عليها وصفق لها طويلا الجمهور الذي واكب أطوار هذا العرس، الذي افتتح بمعزوفتين موسيقيتين على آلة البيانو، عنوان الأولى: “أنا أبدأ” أدتها الطفلة آسية بنلعطار، والثانية: “Boury” أدتها الطفلة “نسرين يحيى”. والبرعمتان معا طالبتان بالسنة الثانية صولفيج والسنة الأولى آلة البيانو بالمعهد الموسيقي التابع للمركب الثقافي مولاي رشيد. وغنت طفلة أخرى وهي “شروق جمالي” بحس فني مرهف أغنية “عصفور طل من الشباك ” للرائعة أميمة الخليل. وتفاعل الحاضرون كذلك مع محاورة مسرحية برزت من خلالها موهبة الطفل “أيمن ضرار” الذي يطمح أن يكون شاعرا. أما كورال هؤلاء البراعم فأدى أغنيتين: ” كن أنت” لمحمود الخضر ثم “شاعرنا الذي نحبه” والتي تغنت بعريس الأمسية، وهي الأغنية التي تجاوب معها الحاضرون بالتصفيق الحار، والتي دمعت لها عينا محمد عرش. هذا العرس الأدبي الكبير الذي قدم مواده وفقراته الشاعر والمترجم نور الدين ضرار، فيما الإشراف الفني كان لكل من عبد الحق أزهر وبوشعيب خرشوف، اختتم بتوقيع إصدار: “مخبزة أونغاريتي” من طرف مؤلفه الدكتور محمد عرش، الذي شكر في كلمة موجزة الجهة المنظمة وجميع الصديقات والأصدقاء الذين حضروا احتفاء به وبإصداره الجديد، وفضل عريس الأمسية أن يكون مسك الختام شعرا، إذ قرأ قصيدة كتبها لهذه المناسبة بعنوان: “رأس الديك”.