انكبت ورشة موضوعاتية حول النموذج الصحي بالمغرب، نظمت أول أمس الثلاثاء بسلا في إطار فعاليات الندوة الوطنية حول تمويل النموذج الصحي، على دراسة واقع حال هذه المنظومة وآفاق تطويرها. وأكد الكاتب العام لوزارة الصحة هشام نجمي في تدخله بهذه المناسبة، أن المنظومة الصحية الوطنية توجد في مرحلة تحولات كبرى في ظل تحسن عدد من المؤشرات من ضمنها ارتفاع أمد الحياة (74.8 سنة) وانخفاض معدل وفيات الأمهات (72.6 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة جديدة). وقال نجمي “نلاحظ تطورا هاما لان ميزانية الوزارة قد تضاعفت تقريبا. فحاليا بلغنا 65 مليار درهم من النفقات، أي 6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام و 7.7 في المائة من الميزانية العامة للدولة”. وأشار إلى أن الأسر تؤمن 50 في المائة من النفقات في القطاع الصحي، وهي نسبة مهمة مقارنة مع الهدف الدولي الذي ينبغي أن يكون في حدود 25 في المائة، مبرزا أن المغرب، وعلى غرار البلدان السائرة في طريق النمو، يواجه نفس التحديات المتصلة بالتمويل الصحي، ولاسيما منها القيود على الميزانية وارتفاع التكلفة. وأبرز، في هذا الصدد، أهمية إعادة تنظيم المؤسسات الاستشفائية (قوانين جديدة) وتعزيز تدبير الموارد البشرية وإحداث هيئات حكومية جديدة (القانون 09-34) من قبيل وكالات وطنية والمجلس الاستشاري الوطني للصحة. وذكر بأن المملكة تعززت سنة 2013 ب2865 مؤسسة للعلاجات الطبية الأولية، وب158 مؤسسة استشفائية عمومية، بطاقة استيعابية تقدر ب230 ألف سرير، مضيفا أن المغرب يتوفر أيضا على 358 مصحة خاصة ب9800 سرير. وفضلا عن النموذج المغربي، ناقشت الورشة إصلاح المنظومة الصحية بتركيا وتمويل المنظومة الصحية بالسينغال وبفرنسا، حيث شكلت مناسبة لتقاسم مختلف التجارب الدولية. وشارك في الندوة الوطنية، المنظمة بشراكة مع المنظمة العالمية للصحة والبنك العالمي والاتحاد الأوروبي والبنك الإفريقي للتنمية، الوزراء المعنيون وعدد من الخبراء والفاعلين في مجال التمويل الصحي، والشركاء المؤسساتيون المحليون والدوليون، وممثلو المهنيين والنقابات في قطاع الصحة، والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية. وشكلت هذه الندوة الوطنية، التي نظمت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مناسبة لتبادل التجارب الدولية في مجال التمويل الصحي، بغية الاستفادة من نتائجها في بلورة خارطة الطريق من أجل إعداد استراتيجية وطنية للتمويل الصحي، تأخذ بعين الاعتبار البعدين الاقتصادي والاجتماعي للسياق الوطني، لاسيما من خلال دراسة الإمكانيات المتاحة لتعبئة موارد مالية عمومية إضافية وتحديد الفرص الممكنة التي يوفرها التمويل المبتكر والتمويل البديل لتعبئة موارد إضافية لفائدة القطاع الصحي. كما تهدف الندوة إلى مواكبة تفعيل التغطية الصحية الشاملة، وذلك تماشيا مع الأهداف المسطرة في مخطط الصحة 2025، خاصة وأن هذا المخطط يولي أهمية بالغة لاستكمال ورش التغطية الصحية الشاملة، بتعزيز المساواة وتوفير الجودة المثلى مع حماية المواطنين من التبعات المالية المرتبطة بالولوج إلى العلاج. كما كانت الندوة فرصة أيضا للانكباب على هذه المحاور وغيرها في إطار جلستين عامتين مخصصتين لتبادل التجارب الوطنية والدولية في مجال تمويل النظام الصحي وحكامته، وكذا ست ورشات عمل موضوعاتية للنقاش وتبادل الخبرات بهدف إصدار توصيات يتم اعتمادها من أجل إعداد استراتيجية وطنية للتمويل الصحي.