قالت مصادر صحفية ومحاسبية أن كلفة استضافة المونديال في الدوحة قد تكلف الميزانية القطرية 100 مليار دولار وربما أن الكلفة قد تصل إلى 120 مليار دولار لكثير من المنشآت التي قد تستخدم لشهر واحد فقط. وأفادت صحيفة التايمز البريطانية نقلا عن شركة المحاسبة برايس ووترهاوس كوبرز، وهي أكبر شركة محاسبة وتدقيق عالمية، أن الحديث عن بناء ملاعب مكيفة لاستضافة مونديال 2022 في الدوحة لا يمثل إلا جزءا يسيرا من كلفة باهظة ستتحملها الميزانية القطرية التي تعتمد على ريع مبيعات الغاز بالدرجة الأولى. وتعتمد شركة المحاسبة في تقديرها على الكلفة الجارية حاليا لاستضافة مونديال 2014 في البرازيل، إذ أن برايس ووترهاوس كوبرز هي شركة المحاسبة والتدقيق المكلفة بمراقبة المشروع. وأفاد تقرير الصحيفة البريطانية الذي كتبه هيو توملينسون أن الكلفة الأولية لاستضافة المونديال والمقدرة ب 50 مليار دولار لا تمثل إلا نصف الكلفة المنتظرة مما يجعل مونديال الدوحة 2022 «المونديال الأكثر كلفة في تاريخ المسابقات الرياضية في العالم». وقال مصدر قطري أن ثمة قلق في الدوحة على المستويين الحكومي والشعبي من أن تنتهي منشآت المونديال إلى الصدأ والتآكل كما هو حال المنشآت الرياضية التي أقامتها اليونان لاستضافة اولمبياد 2004 والتي صار من الصعب إدامتها وصيانتها. وأشار المصدر بشرط عدم ذكر اسمه «يحمل كثيرون المبالغ الخرافية التي أنفقت على أولمبياد اليونان مسؤولية الأزمة الاقتصادية الحالية والتي تكاد أن تطيح باليونان وتجعلها دولة مفلسة. لا أحد يريد أن يرى شيئا مشابها في قطر». وتواجه قطر الكثير من العقبات اللوجستية لإنهاء الإعدادات الخاصة بالمونديال أهمها عدم وجود ميناء كبير يسمح بتلقي التجهيزات المدنية والفنية التي تحتاجها لإقامة الملاعب والفنادق وخطوط النقل والمواصلات. ولا يزال مشروع الميناء الكبير في قطر على الورق بعد سنة من الانتهاء من إعداد التصاميم، وقد ارسي عطاء على شركة صينية لإجراء عمليات الحفر اللازمة للبدء وبكلفة 880 مليون دولار ستضاف على فاتورة المونديال. وفي حال البدء بتنفيذ المنشآت وعدم توفر الميناء على الجزيرة القطرية، فأن الدوحة ستجد نفسها مضطرة إلى استخدام الموانئ السعودية القريبة لاستقدام التجهيزات ونقلها برا إلى الأراضي القطرية مما يرفع كلفة النقل بشكل كبير، وهو ما يطرح إشكالية مركبة. فالتجهيزات العملاقة تحتاج إلى ميناء كبير ومكلف ستنتهي أهميته لبلد صغير المساحة ومحدود السكان. كما أن السقف الزمني للانتهاء من الميناء هو 5 سنوات مما يعني أن على قطر أن تستورد التجهيزات عبر السعودية خلال هذه الفترة بأي حال. وذكر تقرير شركة المحاسبة العالمية أن كلفة الملاعب في البرازيل لن تزيد عن 4% من الكلفة الكلية لكن كلفة استضافة الجمهور ونقلهم تصل إلى 62% من الكلفة الكلية، لكن الأمر سيكون أكثر تعقيدا في حالة قطر التي تعتزم بناء تسعة ملاعب جديدة بمواصفات باذخة. وتتضمن الملاعب التي تعمل بالطاقة الشمسية أنظمة تكييف في أروقتها لإبقاء المشجعين واللاعبين على حد سواء تحت درجة حرارة طبيعية في صيف قطر اللاهب. وتم تخصيص مبلغ 50 مليار دولار للبنية التحتية الجديدة بما فيها مطار دولي جديد، وشبكة للسكك الحديدية ومترو انفاق في العاصمة الدوحة، قادرة على استيعاب خمسمائة الف زائر للبلاد خلال منافسات البطولة الأشهر في العالم، وأغلب البنى التحتية المقرر انجازها عام 2022 كانت ضمن خطة للانتهاء منها عام 2030، الأمر الذي يعني ضغط زمن الانجاز 8 سنوات مما يزيد الكلفة بشكل كبير. وخصصت قطر مبلغاً لم يسبق له مثيلا في تنظيم بطولات كأس العالم بكرة القدم في تنافسها مع دول أخرى، بسبب الثروة المالية التي تمتلكها من الاحتياطيات الهائلة من الغاز الطبيعي، واقتصاد استطاع تحمل الركود العالمي مع ناتج محلي إجمالي يصل إلى 130 مليار دولار. وقدمت الشركات العالمية حزمة من الاستشارات المالية لقطر ودخلت في مشاريع مربحة، ويرى المتابعون لهذا الملف أن إدارة قطر لمونديال 2022 «ما تزال تدير رأسها بأكثر من اتجاه حول كيفية التوجه نحو تنظيم أكبر بطولة في العالم». ووصف مصدر في الدوحة أمر اختيار قطر لتنظيم المونديال بالأسهل! قياساً إلى الصعوبة التي تكمن في ملف النجاح بالتنظيم المرتقب. وقال المصدر «التنظيم لن يكون سهلا والشاهد هو المشكلات الكبيرة التي شهدتها نهائيات الكأس الأسيوية قبل أيام. إذ منعت الشرطة 3000 مشجع من دخول الملعب في النهائيات كانوا قد ابتاعوا تذاكرهم في حين فتحت الأبواب من جانب آخر لدخول مشجعين مجانا بهدف منع الإحراج في أن تظهر مدرجات الملعب فارغة في النهائيات».