شدد عبد الأحد فاسي فهري وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والسكنى وسياسية المدينة، على أن توجهات خارطة الطريق التي سيتم اعتمادها في قطاع الإسكان وبرامجها المستقبلية من شأنها بعث نفس جديد في القطاع، مبرزا أن خارطة الطريق المشار إليها تسعى إلى إعادة تأطير آليات الدعم الممنوح من طرف الدولة لبرمجة عرض سكني جيد يراعي القدرة الشرائية للفئات الاجتماعية المستهدفة، مؤكدا أن الغرض الأساسي لخارطة الطريق يكمن في تنويع العرض السكني الميسر للفئات الاجتماعية الهشة والطبقة المتوسطة. وسجل الوزير في هذا الحوار مع جريدة «بيان اليوم»، أن قطاع السكن يكتسي أهمية كبرى، باعتباره مجالا ذو وقع اجتماعي واقتصادي مهم على المواطن حيث يسجل نتائجا اقتصادية إيجابية على عدة مستويات مباشرة وغير مباشرة، فهو يساهم بنسبة 6.3 في المائة من الاقتصاد الوطني، كما يساعد في استمرارية عمل أكثر من مليون شخص، وهي نسبة، حسب الوزير، جد مهمة يجب المحافظة عليها وتشجيعها، كما أنه يذر موارد جبائية هامة على خزينة الدولة ومداخيل الجماعات الترابية على حد سواء. وأبرز فاسي فهري أن الوزارة، حرصا منها على تحقيق شروط الجودة والسلامة، تتدخل باتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير كلما توصلت بأي شكاية تشير إلى اختلالات أو تجاوزات، للقيام بالتشخيص اللازم للتأكد من مضمون الشكاية وحث المتدخلين لمعالجتها، ووضع آليات التتبع والمراقبة للمشاريع التي تقوم بها المصالح الخارجية للوزارة الوصية معية باقي الشركاء بالقطاع على الصعيدين الجهوي والإقليمي بمختلف مراحلها. في الآونة الأخيرة، شهد قطاع العقار ركودا ملحوظا أثر على معاملات الفاعلين في القطاع، لكن في المقابل لا تزال أسعار العقار مرتفعة، ما السر في ذلك؟ لا بد من الإشارة إلى أن قطاع السكن يكتسي أهمية كبرى، باعتباره مجالا ذو وقع اجتماعي واقتصادي مهم على المواطن، حيث يسجل نتائجا اقتصادية إيجابية على عدة مستويات مباشرة وغير مباشرة، فهو يساهم بنسبة 6.3 في المائة من الاقتصاد الوطني، كما يساعد في استمرارية عمل أكثر من مليون شخص وهي نسبة جد مهمة يجب المحافظة عليها وتشجيعها، كما أنه يذر موارد جبائية هامة على خزينة الدولة ومداخيل الجماعات الترابية على حد سواء. أما بخصوص الدينامية العامة للقطاع، فهي تخضع إلى نشاط دوري منتظم، حيث عرف السوق العقاري ارتفاعا هاما خلال سنوات 2011 إلى حدود 2014، وذلك بفضل انطلاق برنامج السكن الاجتماعي 250.000 درهم سنة 2010 والذي أعطى دفعة قوية لجميع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، بعد هذه الفترة عاد القطاع إلى مؤشراته الطبيعية، حيث سجلت بعض المناطق توازنا بين العرض والطلب. إلا أنه سنة 2018 عرفت ارتفاعا في العديد من المؤشرات. ففيما يخص الإنتاج الإجمالي للوحدات السكنية، وعلى سبيل المثال فقد بلغ سنة 2018، أكثر من 160.000 وحدة وإطلاق الأشغال بأكثر 180.000 وحدة، ونعمل حاليا على ضمان استمرارية هذه النتائج الإيجابية وخلق مناخ ملائم لتشجيع الإنتاج السكني. أما بالنسبة لأسعار العقار فهي مرتبطة أساسا بالانعكاس المباشر لثمن الأراضي العقارية على ثمن المنتوج السكني، فعنصر الأراضي العقارية يعتبر مكونا أساسيا لتكلفة العقار، حيث يرتفع سعر هذا الأخير حسب الموقع والقرب من التجهيزات وهو أيضا مرتبط بالطلب حيث كلما كان الطلب مرتفع في منطقة ما، كلما ارتفع ثمن العقار وبالتالي ثمن البيع. ما زالت مواصفات السكن الاجتماعي والاقتصادي تطرح إشكالات متعددة فيما يتعلق بمطابقة الوعود بما في الواقع؟ استجابة للتعليمات الملكية السامية الرامية إلى تمكين المواطن المغربي من الحصول على سكن لائق تتوفر فيه كافة شروط السلامة والجودة، وتنفيذا لمختلف البرامج الحكومية المسطرة من طرف وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان وسياسة المدينة، المتعلقة بشكل خاص بالسياسات العمومية في مجال السكن، عملت الدولة، من خلال الوزارة الوصية على القطاع منذ سنة 2008، على إبرام اتفاقيات مع المنعشين العقاريين بهدف انجاز برامج سكنية متنوعة تهم السكن الاجتماعي بقيمة 250.000 درهم والسكن منخفض التكلفة بقيمة 140.000 درهم، تروم إلى جانب تقليص العجز السكني، ضمان الجودة والسلامة في البناء عبر إلزام المنعشين العقاريين المتعاقدين باحترام دفتر التحملات المرفق بالاتفاقية من حيث المواصفات المعمارية والهندسية والتقنية. وحرصا منها على تحقيق شروط الجودة والسلامة، تتدخل الوزارة باتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير كلما توصلت بأي شكاية تشير إلى اختلالات أو تجاوزات، للقيام بالتشخيص اللازم للتأكد من مضمون الشكاية وحث المتدخلين لمعالجتها، ووضع آليات التتبع والمراقبة للمشاريع التي تقوم بها المصالح الخارجية للوزارة الوصية معية باقي الشركاء بالقطاع على الصعيدين الجهوي والإقليمي بمختلف مراحلها، بدءا بمرحلة التعاقد حيث تقوم المصالح المركزية بإخبار ممثليها على المستوى الجهوي بفحوى الاتفاقيات التي تم إبرامها بشكل دوري حتى يتسنى لهذه الأخيرة مباشرة تتبع المشاريع المزمع إنجازها من طرف المنعشين. ثم مرحلة ما قبل انطلاق المشروع، من احترام المنعش العقاري للإجراءات القانونية والتنظيمية المعمول بها في مجال التعمير للحصول على «رخصة البناء»، وتقديم الوثائق الإدارية والتقنية والتصاميم المعمارية وضرورة اللجوء إلى ذوي الاختصاص من مهندسين معماريين وطبوغرافيين مساحين ومهندسين مدنيين لإجراء الدراسات التقنية والمعمارية، زيادة على الاستعانة بمختبر المراقبة لضمان جودة وسلامة البناء، وأيضا تسليم ملف كامل لممثل الوزارة على المستوى الجهوي، وذلك بناء على ما ينص عليه دفتر التحملات. وعند مرحلة الإنجاز تقوم المصالح الجهوية للوزارة في إطار لجنة محلية على التتبع والمراقبة الميدانية للمشروع بإنجاز تقارير دورية لتقدم أشغال البناء من طرف المنعش العقاري وتسليمها للمصالح الجهوية للوزارة وتسليم رخصة السكن من طرف الجماعة الترابية تنص على مطابقة البناء للمعايير المعمول بها وأيضا السهر على تطبيق مبدأ إلزامية تسليم «شهادة المطابقة» لبنود دفتر التحملات من طرف ممثل الوزارة على الصعيد الإقليمي والجهوي، وعلى أساس الشواهد الإدارية والتقنية التي يدلون بها المتدخلون في جميع أطوار عملية البناء. وتنتهي العملية بمرحلة التسليم وما بعد التسليم تحت إشراف الموثق لضمان شفافية المعاملات في اقتناء الشقق، هذا الأخير يسهر على تضمين عقود البيع لآجال التسليم. كما يلزم دفتر التحملات المنعش العقاري بالتكفل بأشغال الصيانة قبل التسليم المؤقت وكذا بعده لمدة سنة، يتحمل خلالها تكاليف الأضرار الناتجة عن اختلالات في قنوات مياه المطر والصرف الصحي والإصلاحات التي تهم المرافق المشتركة، كما يساعد المستفيدين من أجل وضع نقابة الملاكين، يؤدي فيها مستحقات المساكن الشاغرة إلى حين تسلميها. وتجدر الإشارة إلى أن جميع مشاريع السكن المتعاقد بشأنها مع الدولة، تخضع لعمليات التتبع التي تقوم بها تمثيليات الوزارة المتواجدة بمختلف ربوع المملكة، والتي تعمل على دراسة ومراقبة مدى مطابقة المشاريع المنجزة لبنود دفتر التحملات من قبل المنعشين العقاريين، ذلك أن عدم احترام هذه البنود يترتب عنه عدم تسليم شهادة المطابقة التي تعتبر شرطا أساسيا من أجل استفادة المنعشين من الإعفاءات الضريبية. كما تعمل المفتشية العامة على البث في الشكايات المتوصل بها من طرف المواطنين حسب كل حالة على حدة، وذلك بإجراء البحوث والتقصيات الضرورية لإنصاف حالات المتضررين. تبنت الوزارة خارطة طريق للنهوض بمجال السكن، ما هي أهم معالمها؟ في الواقع تكمن أهمية خارطة طريق قطاع الإسكان في كونها ثمرة مسلسل تشاوري، تضم جميع المتدخلين في القطاع وبإسهام كبير لخبراء وأكاديميين. كما أتت كتتويج لعمل المجلس الوطني للإسكان في دورته الثانية المنعقدة في أكتوبر 2018، حيث تم عرض وتبني توجهاتها العامة. وتهدف خارطة الطريق هاته، إلى بلورة رؤية وتوجهات وبرامج مستقبلية من شأنها بعث نفس جديد بالقطاع وذلك أولا من خلال إضفاء البعد الترابي على سياسة وبرامج السكن، بغية تحقيق عدالة مجالية تدمج المناطق التي تعرف خصاصا في الولوج إلى السكن اللائق والمرافق والتجهيزات العمومية، بما فيها العالم القروي. كما تروم هذه الخارطة إعادة تأطير آليات الدعم الممنوح من طرف الدولة لبرمجة عرض سكني ملائم وذي جودة، يراعي القدرة الشرائية للفئات الاجتماعية المستهدفة. علما بأن الغرض الأساسي لخارطة الطريق يكمن في تنويع العرض السكني الميسر ليس فقط للفئات الاجتماعية الهشة، بل أيضا لفئات الطبقة المتوسطة التي، وكما نعلم، لا تجد في كثير من الأحيان عرضا سكنيا ملائما لها لا من حيث الكلفة ولا من حيث الجودة المطلوبة. وقد تبنت هذه الوثيقة حلولا لإشكالية العقار المخصص للسكن، من خلال اقتراح آليات عملياتية لتكثيف وضبط عرض عقاري ميسر. وذلك من خلال تفعيل حقيقي للمناطق الجديدة للتعمير يدمج أبعاد التخطيط العمراني. وبالنسبة لإشكالية السكن غير اللائق، تضمنت خارطة الطريق مقترحات للرفع من نجاعة البرامج مع التشديد على أهمية البعد الوقائي. وقد أولت هذه الوثيقة أهمية بالغة لتحسين مناخ الاستثمار في القطاع، من خلال الدعوة إلى تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية في هذا الشأن، وأفردت حيزا مهما للمقاولات الصغرى والمتوسطة للإنعاش العقاري فضلا عن أهمية تأطير وتشجيع السكن التشاركي والتعاوني. ما هي الأسباب التي جعلت منتوج السكن المحددة قيمته في 140 ألف درهم، لا يعرف إقبالا من المنعشين العقاريين، في حين يفضلون الاستثمار في السكن الاجتماعي أو الاقتصادي؟ طرح المنتوج السكني ذي القيمة المنخفضة المحددة في 140.000 درهم سنة 2008، للاستجابة لشريحة عريضة للمواطنين وكآلية وقائية الهدف منها محاربة السكن العشوائي. ولحث المنعشين العقاريين على الاستثمار في هذا المنتوج الذي تم إعفاؤه كليا من الضرائب ومنحت، بناء عليه، قدمت تسهيلات عقارية عن طريق تعاقدات مع مجموعة التهيئة العمران مع وضع معايير للاستهداف. وقد عرفت الانطلاقة نجاحا نسبيا إلى غاية اعتماد منظومة السكن الاجتماعي ل 250.000 درهم ابتداء من سنة 2010، حيث أدى وجود البرنامجين إلى توجه المستثمرين العقاريين نحو المنتوج الأكثر مردودية أي منتوج 250 ألف درهم. وإذا كان المنتوجان لا يستهدفان مبدئيا نفس الشرائح المجتمعية، إلا أن المواصفات الخاصة بالمسكن لكلا البرنامجين سواء من الناحية التقنية أو من حيث المساحة تعد متشابهة إلى حد كبير، وهذا غير معقول على مستوى نجاعة البرنامجين وأثرهما المتوخى. فالطلب على سكن 140 ألف درهم كان وما يزال حاضرا بقوة. ومن هنا أشير إلى الإجراء الذي تضمنته خارطة طريق قطاع الإسكان، واقترحناه في مشروع قانون المالية لسنة 2019، عبر برنامج مندمج لصالح المنعشين العقاريين، يدمج في آن واحد إنتاج وحدات سكنية بحصص معينة تدمج ثلاث (3) منتوجات سكنية هي سكن 140 ألف درهم و 250 ألف درهم ومنتوج 450 ألف درهم لصالح الفئة الأولى للطبقة المتوسطة. من جهة أخرى، ساهمت بعض العوامل الأخرى في عدم نجاح سكن 140 ألف درهم إذ ما فتئت تعاني من ندرة الرصيد العقاري المناسب لإنجاز هذا النوع من السكن، فضلا عن الإكراهات المرتبطة بتعقد مساطر التسويق. ومهما يكن، فإن أهمية وجود هذا المنتوج لا تحتاج إلى بيان، لأنه يستهدف الفئات الأشد عوزا مما يتطلب إعادة تأطير شامل للبرامج العمومية للسكن برمتها حتى تؤدي كلها الأهداف الاجتماعية التي استدعت إحداثها. هناك إجراءات جديدة ترتبط بالجانب الضريبي المتعلق بالسكن الاجتماعي، والشروط التي يجب أن تتوفر في المستفيد من هذا السكن، ما هي هذه الإجراءات وكيف يمكن ضبط تنزيلها؟ في النظام الحالي للسكن الاجتماعي، تعلمون أن الشرط الوحيد الذي ينبغي توفره لأجل الاستفادة من هذا المنتوج هو عدم الملكية، وهو شرط أساسي ومعقول سمح للعديد بالولوج إلى الملكية. لكن التجربة أبانت بالمقابل، وفي حالات معينة، أن هذا المعيار وحده غير كاف بالنظر لنجاعة الاستهداف. فإذا كان الغرض الأساس من وضع البرنامج هو التوجه إلى فئات اجتماعية ذات دخل محدود أو غير مستقر، فإن التقييم الذي أجرته الوزارة، أبان عن وجود حالات من الانزياح لدى فئات تنتمي إلى الطبقات الوسطى، استفادت من هذا المنتوج. وعليه، فإن التوجه المستقبلي ينبغي أن ينحو في اتجاه مزيد من الضبط في مسألة الاستهداف، بأن يتم الإبقاء على عدم الملكية وتدعيمه بشرط الدخل الذي يعد قاعدة أساسية لاستحقاق الدعم العمومي، وذلك حتى تتجه برامج السكن الاجتماعي نحو الفئات الاجتماعية الأكثر خصاصا. وبالنسبة للجانب الجبائي، من المعلوم أن منظومة السكن الاجتماعي استفادت من نظام تحفيزي شامل لصالح المنعشين العقاريين، وبضع آليات لصالح المقتنين (الضريبة على القيمة المضافة) الشيء الذي انعكس بشكل إيجابي على القطاع اجتماعيا واقتصاديا أيضا، بما فيه تضاعف العائدات الضريبية، إلا أنه ورغم ذلك، نطمح أن تكون الجبايات المتعلقة بالسكن الاجتماعي أكثر نجاعة. وفي الواقع، هناك توجه أساسي إلى أن ينحو نظام المساعدة العمومية إلى الدعم المباشر للأسر المحتاجة، بغية الارتقاء بقدرتها على الولوج إلى السكن اللائق، على ألا يتم اللجوء إلى دعم منظومة العرض إلا عندما يكون الأمر مبررا. كما أن الدعم العمومي قد يصبح دون فائدة تذكر إذا لم يستهدف المجالات التي تشكو خصاصا وعجزا سكنيا واجتماعيا، بحيث من غير المعقول ألا تستعمل آليات المساعدة العمومية (تحفيزات جبائية أو دعم مباشر) من أجل تحقيق أكبر قدر من العدالة المجالية والتي تأتي في صلب النموذج التنموي الذي تطمح إليه بلادنا. منذ اعتماد عقد VEFA يلاحظ أن أغلب المنعشين العقاريين لا يتقيدون بمقتضيات هذه العقدة، كيف يمكن مراقبة تطبيق ما ورد في العقدة؟ الأمر لا يتعلق بعقد بل هو نظام لتمويل الولوج المتدرج للملكية العقارية يقوم على دفع المستفيدين لأقساط وفق قدراتهم وحسب مراحل إنجاز المشروع مقابل ضمانات قانونية وإدارية وقضائية. وهو نظام قانوني يتكون من ثلاث عقود، الأول للتخصيص والثاني ابتدائي ثم عقد نهائي، يقوم بتحريره مهني مخول له كتابة العقود وفق ضمانات تتعلق باسترجاع الاقساط أو باستكمال انهاء الاشغال أو ضمانة بنكية او التأمين. ولئن كان هذا العقد، يمكن التعاقد بشأنه حسب مقتضيات القانون الذي صدر منذ 2016، خاصة في حال اختيار التأمين أو الضمانة البنكية التي كان معمولا بها بموجب القانون القديم الصادر منذ 2002، فإنه فيما يتعلق أساسا بضمانة إنهاء الأشغال يبقى الأمر متوقفا على صدور النص التنظيمي الذي أحال عليه القانون. هذا النص يوجد في مراحل متقدمة للمصادقة حيث تمت إحالته على الأمانة العامة للحكومة قبل أكثر من سنتين وذلك بعد التوافق على مضامينه من قبل جميع المعنيين من منعشين وبنكيين ومقاولات تأمين وموثقين وعدول وهيئات حماية المستهلك وإدارة الضرائب والمحافظة العقارية. وننتظر إحالته على المجلس الحكومي في أقرب الآجال بعد أن تمت الاستجابة لكل التحفظات التي تم إبداؤها من قبل مصالح الأمانة العامة للحكومة. كيف يمكن محاربة إشكال المضاربات العقارية، وهل تعتقدون أن مؤشر أسعار العقار الذي بدء العمل به، كفيل لوحده للحد من هذه الظاهرة؟ فيما يتعلق بالأثمنة المتداولة في السوق العقاري، فهي تخضع لعاملين أساسيين وهما أولا، وكما تم التذكير به سابقا، عامل العرض والطلب، حيث ترتفع الأثمنة في المناطق والمدن ذات نسبة الطلب المرتفعة. والعامل الثاني وهو عامل ثمن العقار (الأراضي) حيث إن ثمنه يمثل نسبة قد تصل أحيانا إلى 60 في المائة من ثمن التكلفة الإجمالي. وللتذكير فقط، فإن قطاع العقار خاضع كما هو معلوم الى السوق الحرة كباقي القطاعات الأخرى، غير أنه بالنظر للدور الاجتماعي الذي يلعبه، فقد قامت الدولة في العشرية الأولى من هذا القرن بتعبئة حوالي 8800 هكتار من العقارات العمومية خصصت لدعم السكن الاجتماعي ومحاربة السكن غير اللائق وإحداث مدن وأقطاب حضرية جديدة وفتح مناطق جديدة للتعمير مما ساهم في تحقيق بعض التوازن بين العرض والطلب. خاصة وأن جزءا هاما من هذه الأراضي تم استعماله في إنجاز برامج السكن المنخفض التكلفة، وكذا في برامج محاربة السكن غير اللائق، وللإشارة فقد تم إعلان 59 مدينة بدون صفيح من أصل 85 وتحسين ظروف عيش أكثر من مليون شخص. أما فيما يخص مؤشر أسعار العقار الذي جاء في سؤالكم، فهي منهجية تهدف إلى تنظيم وعقلنة الأثمنة المعمول بها، وقد أبانت التجربة أن هذا المؤشر يستلزم مراجعته بصفة منتظمة لضمان نجاعته في المستقبل ومصداقيته. ما حصيلة برنامج القضاء على دور الصفيح منذ انطلاقه إلى اليوم، وهل تكفي المبادرات التي تمت إلى حدود الساعة للقضاء على هذا الإشكال؟ بفضل التعليمات الملكية السامية الرامية إلى تحسين ظروف سكن المواطنين، أعطت الحكومة سنة 2004 انطلاقة البرنامج الوطني مدن بدون صفيح. وقد حدد عدد الأسر المستهدفة بالبرنامج عند انطلاقته رسميا سنة 2004 في 270.000 أسرة. لكن، على إثر التحيينات الإحصائية أصبح البرنامج يهم 471.259 أسرة، تتوزع على 85 مدينة ومركز حضري؛ مما يشكل زيادة تقدر بنحو 75 في المائة مقارنة مع 2004 أي بزيادة 14,000 أسرة سنويا. ويمكن تفسير ذلك بتوسع المدارات الحضرية والتزايد الطبيعي للأسر والتزايد الناتج عن تقسيم دور الصفيح (البراريك). تقدر الكلفة الإجمالية لهذا البرنامج ب 32 مليار درهم، تتحمل فيها الدولة 10 ملايير درهم، أي ما يمثل 31 في المائة، وتتوزع 69 في المائة المتبقية بالتساوي بين عائدات الموازنة ومساهمات الأسر المستفيدة. وبلغة الأرقام، يمكن تقييم تقدم البرنامج بنسبة 77 في المائة، أي تحسين الظروف السكنية لما يزيد عن 282.156 أسرة (60 في المائة من العدد الإجمالي المحين) و39.245 أسرة يمكن ترحيلها فورا إلى الوحدات المنجزة الشاغرة ما يمثل 8 في المائة، و42.375 أسرة معنية بمشاريع في طور الإنجاز، أي ما يعادل نسبة 9 في المائة. وتعتبر هذه النسبة ( 77 في المائة) استثنائية إذا ما قورنت ببرامج مماثلة، إن على الصعيد القاري أو العربي أو العالمي. كما أنه تم تحقيق نسبة انخفاض بالنسبة للعجز السكني بالنصف أي من 840.000 وحدة سنة 2012 إلى 420.000 سنة 2016. ومكنت الجهود المبذولة، منذ انطلاق هذا البرنامج سنة 2004 ، من إعلان عن 59 مدينة بدون صفيح من جهة أخرى، ومن أجل تقييم آثار برامج معالجة السكن غير اللائق على ظروف عيش الأسر، أنجزت الوزارة بتعاون مع هيئة الأممالمتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة ONU Femmes، في يونيو 2014، بحثا وطنيا أفضى إلى كون برنامج «مدن بدون صفيح» مكن جل المستفيدين من الحصول على إطار جديد للعيش اللائق يضمن الاستقرار للمستفيدين بالمساكن المكتسبة من خلال البرنامج (97,5 في المائة من الأسر المستفيدة أعربت عن شعورها بالاستقرار بالمساكن المحصل عليها من خلال برنامج «مدن بدون صفيح». وبالإضافة إلى ذلك عبر 84 في المائة من المستفيدين عن ارتياحهم من المواقع التي أنجز بها المشاريع سواء للإسكان أو للإيواء. كما أن 92,7 في المائة من المستفيدين عبروا عن ارتياحهم تجاه علاقات الجوار. وعلى الرغم من النجاحات المحققة حتى الآن للقضاء على دور الصفيح، فلا يمكن إغفال وجود العديد من المعيقات والاختلالات التي تواجه تنفيذه، أهمها ارتفاع عدد الأسر الناتج خصوصا عن التزايد الطبيعي للأسر القاطنة بهذه الأحياء، وتفشي ظاهرة تقسيم البراريك، وتوسع المدارات الحضرية، ورفض بعض الأسر الانخراط في البرامج المعدة لاستقبالهم، إضافة الى صعوبة الاستجابة لطلبات الأسر المتفرعة، وتغيير معايير الاستفادة، وندرة العقار القابل للتعبئة، وصعوبة ولوج الأسر المعنية للقروض البنكية. أما بخصوص الإجراءات والتدابير المتخذة لمواجهة الإكراهات المسجلة في هذا الإطار، فإن هذه الوزارة، بشراكة مع باقي المتدخلين والقطاعات المعنية، تعمل على توفير الدعم المالي والمواكبة اللازمتين للرفع من وثيرة إنجاز المشاريع المرتبطة بهذا البرنامج، وتسريع عملية ترحيل الأسر إلى الوحدات المنجزة للإيواء، كما تعمل على إيجاد صيغ مناسبة للاستجابة لطلبات الأسر المتفرعة، والتنسيق مع السلطات المحلية لتشديد الرقابة للحد من توسع رقعة الأحياء الصفيحية، مع توحيد المعايير المعتمدة لاستفادة الأسر من البرامج، وتعبئة العقار اللازم لفائدة الأسر المتبقية، وكذا العمل على تسهيل ولوج الأسر للقروض البنكية. يرى العديد من المتتبعين أن برنامج القضاء على دور الصفيح يحتاج إلى مراجعة شاملة وجذرية على اعتبار أن ظاهرة السكن العشوائي ما زالت قائمة في مدن كثيرة، ومنها بعض المدن التي أعلنت مدنا بدون دور الصفيح؟ في البداية، لابد من الإشارة إلى أن كل قراءة على المستوى الوطني تبقى عامة، ذلك أن التقييم الدقيق ينبغي أن يتم على مستوى كل مدينة بناء على العقد الموقعة. ومن جهة أخرى، لا يمكن إغفال أن العديد من المعيقات تحول دون استكمال البرنامج في بعض المدن. أمام هذه المعيقات، وجب التأكيد على أن المغرب يوجد في خضم تحولات جذرية على مستوى الحكامة والاتجاه نحو إرساء الجهوية، وهو ما نسعى إليه عبر دعم مقاربات القرب المبنية على الالتقائية والشراكة مما سيمكن من إرساء أسس جديدة من أجل التفاعل مع ما تبقى من هذا النوع من السكن وذلك عبر 7 نقاط أساسية مرتبطة بتفعيل لجان التتبع وتطبيق المقتضيات المنصوص عليها في العقد المبرمة وتشديد المراقبة، وتسريع عملية الترحيل الخاصة بالأسر المعنية بوحدات جاهزة، وأيضا تسريع العمليات الموجودة في طور الإنجاز وتعبئة العقارات التي ستمكن من إنجاز مشاريع سكنية لفائدة الأسر المتبقية، وتفعيل دور اللجنة الثلاثية بهدف تسريع الوثيرة ب5 مدن كبرى هي الدارالبيضاء والرباط وسلا وتمارة، ومراكش والعرائش والقنيطرة، أما النقطة الأخيرة فهي مرتبطة بتوفير الظروف والوسائل اللازمة لبرمجة عمليات لفائدة الأسر المتبقية. بحسب العديد من التقارير ما زال هناك عجز سكني، في الوقت الذي توجد فيه منتوجات سكنية لم تسوق بعد، إلى ما يرجع ذلك؟ من الضروري التوضيح أن العجز السكني في انخفاض مستمر منذ 2002، حيث انتقل من 1.2 مليون وحدة ليصل حاليا إلى 400.000 وحدة سكنية وذلك بفضل الإصلاحات الهيكلية التي عرفها القطاع. ونذكر على سبيل المثال، إحداث صندوق ضمان السكن والذي ساهم في تيسير الولوج للقروض بالنسبة للأسر ذات الدخل غير القار، وفتح مناطق ومدن جديدة لتوفير العقار الصالح للبناء، وتعميم وثائق التعمير، وتعبئة العقار العمومي، وإحداث صندوق التضامن للسكن والاندماج الحضري لمكافحة السكن غير اللائق. وجوابا على إشكالية الوحدات الشاغرة التي لم تسوق بعد، والمتواجدة في عدد من المناطق التي بها خصاص، فهذا راجع الى عدة أسباب مرتبطة بدراسات الجدوى أو بعوامل مرتبطة بتطورات اجتماعية أو سلوكية أو تجارية. ثم إن نوعية المنتوجات المنجزة من طرف بعض المنعشين، لا تتلائم مع الطلب المعبر عنه. وهنا أتوجه إلى المعنيين بعملية البناء بضرورة القيام بدراسات جدوى تحدد مواصفات العقار المطلوب والقدرة الشرائية للأسر قبل الشروع في البناء. يواجه العديد من الراغبين في اقتناء السكن ( الاقتصادي/ الاجتماعي)، صعوبات في الولوج إلى هذا السكن، ما هي الإجراءات التي يمكن أن تقوم بها الوزارة لتجاوز هذه الإكراهات؟ بالنسبة للراغبين في السكن الاجتماعي، فبعد عملية انتقاء الشقة، ينبغي على المقتني اللجوء إلى الموثق الذي يقوم بالإجراءات اللازمة لإتمام عملية البيع، ويتكلف بالحصول على مبلغ القيمة المضافة الذي تدفعه الدولة لصالح الأسر المستفيدة، ويقوم بمواكبة المقتني ومتابعة عملية البيع الى نهايتها. إنجاز: حسن أنفلوس