شهد مؤتمر التقدم والاشتراكية حضور أزيد من عشرين وفدا أجنبيا مثلوا أحزاب من مختلف مناطق العالم، وتحول المؤتمر، بذلك، إلى محفل سياسي تقدمي أممي لم تعرفه مؤتمرات الحزب أو بقية الأحزاب المغربية منذ سنوات. واعتبر التقدم والاشتراكية دائما العمل الدبلوماسي والخارجي محورا لا يخلو من أهمية في عمله الوطني والسياسي، واستثمره، كواجهة للدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب ولحشد التضامن مع النضال الوطني والسياسي للشعب المغربي، وضل الحزب، بفضل ذلك، مرتبطا ببعده التقدمي على الواجهة العربية والعالمية، وتمكن من نسج شبكة علاقات قوية وفاعلة مع أحزاب من مختلف القارات، وتواجد دائما في المحافل الدولية والإقليمية بمواقفه ومن خلال منظمته الشبيبية أيضا. واليوم، عندما تغيرت ميكانيزمات العلاقات الدولية المعاصرة، وتقوت مكانة الدبلوماسية الموازية والحزبية، بقي حزب التقدم والاشتراكية محافظا على ديناميته، ما جاء المؤتمر الثامن ليكرسه، ويضيف إليه نجاحا لافتا، إن من حيث عدد الوفود التي حضرت، أو من حيث امتداداتها الجغرافية والسياسية. إن حضور قائد تاريخي مثل الحسين آيت أحمد، ومشاركة عدد مهم من الأحزاب الجزائرية وأيضا الموريتانية والتونسية، مسألة لم تمر عابرة في المؤتمر، ومثلت تحية تقدير للحزب وللبلاد... وإن حضور ثلاث قوى سياسية فلسطينية، وأحزاب من لبنان والعراق وسوريا، كل هذا يدل على استمرار التقدير الذي يحظى به الحزب في الأوساط التقدمية العربية، حتى أن بعض هؤلاء الضيوف طلبوا من الحزب بلورة مبادرة تجميعية في اتجاه اليسار العربي، واستثمار علاقاته التاريخية على هذا الصعيد لتفعيل دينامية الحوار اليساري والتقدمي على المستوى الأورو متوسطي. وكان لافتا أيضا حضور أحزاب تقدمية من أنغولا ومن السينغال، وأيضا من الصين والفيتنام وقبرص واليونان واليابان وفرنسا واسبانيا، وهي مكاسب يدرك الحزب ضرورة استثمارها مستقبلا وتفعيل دينامياتها لفائدة القضايا الحيوية للشعب المغربي. وبالفعل فإن العمل الدبلوماسي بالنسبة لحزب مثل حزب التقدم والاشتراكية يتطلب إمكانيات مالية مهمة، لكنه في الوقت ذاته فهو يملك رصيدا من التقدير التاريخي في أوساط تقدمية عبر العالم، وحنكة في تدبير حضوره الدولي والإقليمي، وبإمكان كل هذا تقديم خدمة جليلة للقضايا الوطنية المغربية. لم يكتف ضيوف مؤتمر التقدم والاشتراكية بمتابعة المؤتمر والتعرف على المناضلين وعلى المغرب، إنما انخرطوا في نقاشات سياسية مهمة مع قياديين من الحزب على رأسهم الأمين العام، ومع وزراء الحزب شملت القضايا الوطنية والديمقراطية والسياسية للمغرب. كما ألقوا كلمات أمام المؤتمرين، ومثل كل ذلك لحظات للتعبير عن مواقف، منها ما هو مثير ومهم في حق بلادنا ووحدتها الترابية وديناميتها الديمقراطية. نجاح مؤتمر التقدم والاشتراكية صنعه أيضا هذا المحفل الدبلوماسي الهام...