يحضر المغرب في الدورة 69 لمهرجان برلين السينمائي الدولي بفيلمين، “نزهة ليلية” و “أحداث بدون دلالة”، ويعرض هذا الأخير لأول مرة في فئة “فوروم كوكبة من الأرشيف”، حيث تم منعه في المغرب قبل 45 عامًا. فيلم “أحداث بدون دلالة” من إخراج مصطفى الدرقاوي، تم تصويره سنة 1974، وعرف مشاركة العديد من الأسماء الوازنة في مجال التمثيل و الموسيقى و الرسم و الصحافة بالمغرب، تكاثفوا بهدف إبداع فيلم قريب للواقع المغربي. المخرج كان وقتها في الثلاثين من عمره، عاد إلى المغرب بعد دراسته في معهد السينما “لودز” ببولونيا، و الذي تخرج منه عدد من المخرجين المعروفين مثل رمان بولونسكي، وكان يحلم بإنجاز فيلم بكادرات مقربة من وجوه الممثلين وحركاتهم. وتدور أحداث الفيلم حول مجموعة من الشباب المثقف الحالم المثالي، وهم يجوبون أزقة الدارالبيضاء وحاناتها وميناءها، بحثا عن فكرة لإنجاز فيلم قريب من المواطن المغربي في سبعينيات القرن الماضي، التي تعرف بسنوات الرصاص، بسبب موجة الاعتقالات التي عرفتها، نتيجة التوتر السياسي. ولتمويل الفيلم، اقترح صديق للمخرج تنظيم مزاد علني للوحات فنية داخل منزله، وقام العديد من الفنانين التشكيليين المعروفين نهاية 1973 بالتبرع بلوحاتهم مجانا، كمساهمة منهم، أبرزهم محمد قاسمي و محمد شبعة . كما تمكن المخرج من إقناع أسماء معروفة بالمشاركة، مثل محمد الدرهم نجم مجموعة جيل جيلالة، وعبد العزيز الطاهري وعمر السيد نجمي مجموعة ناس الغيوان، و الصحفي المعروف خالد الجامعي، والشاعر مصطفى نيسابوري و المخرج شفيق السحيمي، أما موسيقى الفيلم فكانت من إبداع الفنان البولوني Włodzimierz Nahorny. “كانت تجربة فريدة، لأن هذا الفيلم أنجز تقريبًا بدون مال”، حسب تصريح سابق لمخرجه لموقع “تيل كيل”،إلا أن السلطات المغربية، أصدرت الأمر بمنع عرضه، واعتبرته “غير مناسب للمغرب”. ولم يرفع الحظر عنه حتى التسعينيات، واليوم تم ترميم نسخة الفيلم لإعادته إلى الحياة وعرضه في المهرجانات الدولية وداخل المغرب أيضا، بمساهمة ليا مورين، مديرة مرصد بنية الفن والبحث بالدارالبيضاء، ومؤسسة فيلموتيكا بكاتالونيا، حيث تم العثور على نيكاتيف الفيلم سنة 2016 .وسيتم إصدار كتاب حوله في ربيع 2019. وقال مدير المركز السينمائي المغربي السابق نور الدين الصايل في هذا الإطار: “إنه أحد أوائل أفلام سينما المؤلف بالمغرب، مبني على بحث سينمائي مميز، عرف الدرقاوي كيف يفرض فيه أسلوب حكي متفرد إلى حد ما، أعتقد أن ترميمه وعرضه خبر رائع”. أما الفيلم الثاني الذي يمثل المغرب في الفئة الموجهة للمهنيين و الموزعين بمهرجان برلين، فهو إنتاج مغربي أمريكي بعنوان”Night Walk”, (نزهة ليلية)، للمخرج الشاب عزيز التازي، يحكي قصة صحافي أجنبي يقع في حب فتاة عربية أمريكية، ويشارك فيه الممثل الأمريكي اريك روبرتس و النجمة المغربية سناء الزعيمي. يعرض في “البرلينال” هذا العام 400 فيلم، 38 منها في المسابقة الرسمية، بينهم 17 تتنافس على الدب الذهبي، وسيتم الإعلان عن الفائزين يوم 16 فبراير الجاري.