تمكن فيلم “حياة مجاورة للموت” لمخرجه لحسن مجيد من حصد ثلاث جوائز في الدورة الرابعة لمهرجان الفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني، الذي نظمه المركز السينمائي المغربي، من 20 الى 23 دجنبر الجاري. فقد حاز هذا الفيلم في هذه التظاهرة السينمائية التي اختتمت فعالياتها، يوم الأحد بقصر المؤتمرات بالعيون على الجائزة الكبرى، وجائزة أحسن إخراج، وجائزة أحسن مونتاج، فيما حصل فيلم “زهو الدنيا فشكاها” للمخرجة مليكة ماء العينين، على جائزة أحسن موسيقى، أما جائزة لجنة التحكيم فقد تم حجبها لانعدام توفر المعايير المطلوبة. ويروي فيلم”حياة مجاورة للموت” ، الذي تم تصويره غير بعيد عن منطقة تندوف بمواقع تشكل امتدادا طبيعيا لسهول وهضاب الحمادة، فضلا عن جبال الوركزيز الصخرية، ونقطة انطلاق الفعل الدرامي، وتتمظهر فيه الشخصيات والأشياء ملتبسة بالأحداث، جوانب من سيرة المقاومة بالمناطق الجنوبية للمملكة وسياقات المخطط الاستعماري لخلق دويلة في الصحراء المغربية. ويستحضر هذا الفيلم، الذي تم عرضه لأول مرة، في إطار فعاليات هذه التظاهرة الثقافية السياق العام لاحتلال الصحراء المغربية من طرف الاستعمار الإسباني سنة 1884 ، مع الإشارة لأهم معارك المقاومة المغربية الصحراوية منذ 1913 ونضالات جيش التحرير بالجنوب، وخطاب جلالة المغفور له محمد الخامس بمحاميد الغزلان كان بمثابة تحذير مغربي موجه لفرنسا، التي كانت قد شرعت في تأسيس “المنظمة المشتركة للأقاليم . كما يكشف الفيلم، الذي أنتجته ” رحاب برود”، من خلال وثائق نادرة، وغير منشورة تنسب لبعض الديبلوماسيين الإسبان تكشف عن محاولة إسبانيا في الستينيات من القرن الماضي وضع نواة لدولة صحراوية منفصلة عن المغرب خلال سنة 1967، وهي الفكرة التي تلقفتها الجزائر لتبني حولها سياستها ضد الوحدة الترابية للمغرب. ويستحضر الفيلم أيضا ، قصة تأسيس “البوليساريو” وملابسة العلاقة مع ليبيا، وتطور الفكر الانفصالي ليخلص إلى أن صلب النزاع كان ولا يزال مع النظام الجزائري، الذي هيأ لبناء المخيمات سنة 1974، لينتقل اعتمادا على الدعم اللوجستيكي لجبهة “البوليساريو” إلى سن سياسة التهجير القسري والاختطافات، منذ تنظيم المسيرة الخضراء وإلى نهاية الثمانينيات. ويكشف الفيلم كيف تحولت الحركة من مطلب الاستقلال إلى مطلب الانفصال، بالإشارة إلى ما تمخض عن المؤتمر التأسيسي ومذكرات مصطفى الوالي التي اعتبر فيها أن الأقاليم الصحراوية ظلت دائما خاضعة كباقي الأقاليم المغربية للسلطة المركزية. اما فيلم ” زهو الدنيا فشكاها ” للمخرجة مليكة ماء العينين والذي حصل على جائزة احسن موسيقى ، فيتناول حياة ابراهيم والحسن وهما فنانان من العيون جمعا بين عشقهما للتمثيل والعمل في مهن أخرى حتى يعيشا حياة كريمة، فاضطر كل منهما الى العمل في عدة مجالات لكي يوفرا لنفسيهما ولأسرتيهما الحياة المناسبة والمال لحاجياتهم اليومية . فرغم المشقة والتعب إلا ان إبراهيم يعيش حالة من المتعة بالتنقل بين التمثيل والعمل كسائق سيارة أجرة بالليل ، وكباحث عن عيدان ” الأتيل” أي “المسواك”، والأعشاب الطبية في غياهب الصحراء بين السمارة والكلتة. وتشمل الأفلام المتنافسة في هذه التظاهرة الثقافية افلام،” مرحبا بك في الجحيم” لفريد ركراكي ( 90 د)، و” الصناعة التقليدية بالصحراء” لقويدر بناني ( 52 د)، و”حياة مجاورة للموت” لحسن مجيد( 92 د)، و”حكايات من ماء ورمال” لعبد العالي الطاهري( 52 د)، و” زهو الدنيا فشكاها” لمليكة ماء العينين( 62 د)، و” أصداء الصحراء” لرشيد قاسمي(96 د)، و”إنسان الصحراء ما قبل التاريخ ” لرشيد زكي( 40 د) . وتكونت لجنة التحكيم التي يترأسها جمال السويسي مخرج وكاتب سيناريو ومنتج، الى جانب السيدة صباح بنداود صحفية مهتمة بالسينما، ولبنى اليونسي منتجة ومخرجة أفلام وثائقية، حمن ماء العينين صحفي بإذاعة العيون الجهوية، وأسماء اكريميش منتجة وموزعة.