تبحث الولاياتالمتحدة مع مسؤولين مصريين استقالة الرئيس حسني مبارك فورا ونقل السلطة إلى حكومة انتقالية برئاسة نائب الرئيس عمر سليمان حسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أول أمس الخميس, رغم تخوف مبارك من انتشار «الفوضى» عندئذ في البلاد. وكتبت نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ودبلوماسيين عرب, أن الخطة المطروحة والتي تقضي بقيام حكومة انتقالية برئاسة سليمان تهدف إلى الحصول على دعم الجيش المصري. ولم يشأ المتحدث باسم البيت الأبيض تومي فيتور في اتصال اجرته معه وكالة فرانس برس تاكيد الخبر لكنه أوضح أن «الرئيس قال إن الوقت حان للبدء بعملية انتقالية سلمية ومنظمة وذات مغزى تترافق مع مفاوضات ذات مصداقية وتضم الجميع». وتابع فيتور «بحثنا مع المصريين عدة طرق لدفع هذه العملية قدما, لكن يجب ان يأخذ الشعب المصري كل هذه القرارات». غير أن مسؤولا أميركيا كبيرا قال «من الخطأ بكل بساطة القول إن هناك خطة أميركية وحيدة يجري بحثها مع المصريين». في المقابلة, قال الرئيس المصري حسني مبارك الخميس لشبكة «ايه بي سي» التلفزيونية الأميركية انه يود مغادرة السلطة لكنه لا يستطيع خشية أن تنتشر «الفوضى» عندئذ في البلاد. وقال مبارك «ضاق ذرعي من الرئاسة وارغب بمغادرة منصبي الآن» لكن «لا يمكنني ذلك خوفا من ان تغرق البلاد في الفوضى» على ما نقلت عنه مراسلة ايه بي سي كريستيان امانبور بعد مقابلة معه استمرت 30 دقيقة في القصر الرئاسي القاهرة الذي أحاطت به قوة ضخمة من الجيش لحمايته. وردا على سؤال حول الدعوات الأميركية إلى انتقال سريع للسلطة قال مبارك انه صرح لنظيره الاميركي باراك أوباما «إنكم لا تفهمون الثقافة المصرية ولا تدركون ما سيحدث ان استقلت» مؤكدا انه «لم يكن ينوي الترشح» للانتخابات الرئاسية المقررة في سبتمبر ولم يكن يخطط لنجله جمال الذي كان موجودا أثناء المقابلة أن يخلفه. وأضاف «لا يهمني ما يقوله الناس عني. ما يهمني الآن هو بلدي, مصر تهمني». وتعليقا على اعمال العنف التي وقعت في ميدان التحرير الأربعاء والخميس, قال مبارك «كنت مستاء جدا بخصوص أحداث يوم الأربعاء. لا أريد أن أرى المصريين يتقاتلون في ما بينهم». ونفى أن تكون حكومته مسؤولة عن أعمال العنف محملا المسؤولية إلى جماعة الإخوان المسلمين, وذلك في اليوم العاشر من التظاهرات المتواصلة للمطالبة بتنحيه, بحسب ما نقلت عنه امانبور ونشر على موقع التلفزيون على الانترنت. وأدت معارك وقعت بين متظاهرين معارضين لمبارك وآخرين مؤيدين له في ميدان التحرير الأربعاء والخميس إلى مقتل سبعة أشخاص على الأقل وإصابة المئات بجروح. وفي مقابلة موازية أجرتها امانبور مع سليمان, نفى نائب الرئيس بدوره أن يكون عناصر موالون للحكومة قتلوا متظاهرين في أعمال العنف التي وقعت مؤكدا «أنهم أحسنوا التصرف». وقال سليمان «لم يقتل أحد بالرصاص أو من قناصة, هذا غير صحيح إطلاقا», مؤكدا «لن نسمح أبدا باللجوء إلى القوة ضد الشعب». كذلك دعا نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس في اتصال هاتفي بنظيره المصري عمر سليمان إلى ضرورة وقف العنف واتخاذ على الفور خطوات لتامين الانتقال السياسي. من جهة أخرى, أعلن رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الأميرال مايك مولن الخميس أن قادة الجيش المصري «أكدوا له مجددا» أنهم لن يفتحوا النار على المتظاهرين, قبل ساعات من تظاهرة ضخمة جديدة مقررة في مصر بعد صلاة الجمعة. وقال مولن في مقابلة تلفزيونية «خلال المحادثات التي أجريتها مع قيادتهم العسكرية, أكد لي (العسكريون) مجددا أنهم لا ينوون فتح النار على شعبهم». ودعا المحتجون المصريون إلى تظاهرات حاشدة جديدة الجمعة اطلقوا عليها اسم «جمعة الرحيل» بهدف تحقيق مطلبهم باسقاط الرئيس حسني مبارك, وذلك بعد اسبوع من «جمعة الغضب» التي شهدت مواجهات دامية بين المتظاهرين والشرطة. من جهة اخرى, تبنى مجلس الشيوخ الاميركي مساء الخميس بالاجماع قرارا رمزيا يحض مبارك على تشكيل حكومة انتقالية, بدون ان يطالبه بالاستقالة. ودعا اعضاء مجلس الشيوخ في القرار الى خطوات سريعة و»عملية» لارساء الديموقراطية في مصر. وقبل التصويت, قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري ان هذا القرار غير الملزم تعمد عدم التطرق إلى دور محتمل لمبارك في حكومة انتقالية قد يتم تشكيلها مع المعارضة, موضحا أنه «يمكن أن يشارك او الا يشارك فيها, هذا يتوقع على ما يتفق عليه جميع (المصريين)». وأضاف «نريدهم أن يأخذوا بأنفسهم خيارا من هذا النوع ولا نريد الحد من الخيارات بهذا الشان». وتابع كيري الذي وضع نص القرار مع السناتور الجمهوري جون ماكين ان الهدف هو اظهار الموقف الأميركي الموحد و»الشروع في إخراج مصر من هذه المواجهة الفوضوية والبدء بتحقيق تطلعات الشعب». من جهته قال ماكين «انها لحظة مفصلية في تاريخ الشرق الأوسط والعالم» مؤكدا ان «مصر هي قلب العالم العربي وروحه». وحذر من «احتمال أن تتحول هذه الأزمة إلى مجزرة حقيقية ولا يمكننا تحمل ذلك» مشددا انه «علينا بذل كل ما في وسعنا لوقفها». وتطرق القرار إلى التعرض للصحافيين خلال التظاهرات في مصر فأكد أن مجلس الشيوخ «يدعم حرية الصحافة ويندد بشدة بتخويف الصحافيين واستهدافهم واعتقالهم» داعيا الجيش المصري إلى «أقصى درجات المهنية وضبط النفس».