أقال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الثلاثاء سمير الرفاعي من رئاسة الوزراء وكلف معروف البخيت تشكيل حكومة جديدة بدلا عنه, داعيا إياه إلى إطلاق «مسيرة إصلاح سياسي حقيقي» في البلاد التي شهدت في الأسابيع الأخيرة العديد من المظاهرات. وانتقدت الحركة الإسلامية المعارضة هذا التعيين, معتبرة ان «البخيت ليس هو العنوان المناسبة لإدارة المرحلة الانتقالية والخروج من الأزمة التي يعاني منها الأردن». وأكد البخيت لوكالة فرانس برس أنه سيعطي الأولوية ل»حوار شامل مع كل شرائح المجتمع» في إشارة إلى حوار يشمل الإسلاميين. وقال «سنعطي الأولوية لحوار شامل مع كل شرائح المجتمع لن يستثني أحدا, والهدف هو الوصول إلى أحزاب قوية وقادرة». وأضاف رئيس الوزراء المكلف «سنلتزم بسرعة اتخاذ خطوات ملموسة في مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي». وكان بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه أعلن أن «الملك عبد الله الثاني كلف اليوم (الثلاثاء) معروف البخيت تشكيل حكومة جديدة, خلفا لحكومة سمير الرفاعي» الذي قدم استقالته للملك اليوم الثلاثاء. وتولى الرفاعي, الذي قدم استقالته للعاهل الأردني الثلاثاء, رئاسة الحكومة منذ ديسمبر 2009. وقد أجرى الرفاعي تعديلات على تشكيلة حكومته في يوليو الماضي ثم قام بتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات التشريعية في نوفمبر الماضي بتكليف من العاهل الأردني. ويأتي تكليف البخيت تشكيل الحكومة بعد أن شهدت المملكة خلال الأسابيع الماضية تظاهرات واعتصامات ضد غلاء المعيشة مطالبة باقالة الحكومة. وأكد الملك في كتاب تكليف البخيت على ضرورة ان تكون مهمات الحكومة الرئيسية «اتخاذ خطوات عملية وسريعة وملموسة, لإطلاق مسيرة إصلاح سياسي حقيقي», مشيرا إلى إن «مسيرة الإصلاح والتطوير والتحديث ضرورة حتمية للأردن سنمضي بها بثبات, تلبية لطموحات شعبنا الأبي, الذي تتقدم مصالحه وحقه في العيش بأمن وكرامة على كل شيء آخر». كما شدد على ضرورة «استكمال مسيرة البناء, التي تفتح آفاق الانجاز واسعة أمام كل أبناء شعبنا الأبي الغالي, وتوفر لهم الحياة الآمنة الكريمة التي يستحقونها». ودعا الملك البخيت إلى «إجراء عملية تقييم شاملة, تفضي إلى إجراءات فاعلة تعالج أخطاء الماضي, والى خطة عمل واضحة تمضي بمسيرة الإصلاح إلى الأمام, من خلال مراجعة جميع القوانين الناظمة للعمل السياسي والمدني والحريات العامة وتطويرها». كما دعاه إلى أن «تأخذ ما تحتاجه من وقت لاختيار فريقك الوزاري من أبناء الوطن القادرين والمؤهلين والملتزمين بالرؤية الإصلاحية الشاملة, التي تعتمد الحوار والانفتاح والصراحة والشفافية والتواصل مع أبناء شعبنا العزيز, وبعد إجراء مشاورات موسعة مع مكونات الطيف السياسي والمجتمعي المختلفة». وانتقدت الحركة الإسلامية المعارضة تعيين البخيت. وقال زكي بني أرشيد القيادي في حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية للإخوان المسلمين وابرز أحزاب المعارضة في الأردن, لوكالة فرانس برس «ليس من المعروف عنه (البخيت) أنه رجل إصلاحي, هو من قاد أسوأ انتخابات نيابية في تاريخ الأردن (عام 2007)». وأضاف أن «البخيت ليس هو العنوان المناسب لإدارة المرحلة الانتقالية والخروج من الأزمة التي يعاني منها الأردن». من جانبه, قال حمزة منصور, أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي, لوكالة فرانس برس «يبدو أن قطار الإصلاح لم يقلع بعد, لسنا مع هذه الحكومة فتجربتنا السابقة معها لا تشجع». وأشار إلى أن الاحتجاجات «لا زالت أسبابها قائمة ومستمرة». وسبق للبخيت وهو عسكري سابق من مواليد 1947 أن ترأس الحكومة الأردنية في 24 نوفمبر من عام 2005 لغاية 22 نوفمبر من عام 2007. ويفترض أن يؤدي تعيين البخيت الذي عمل سفيرا للمملكة في تركيا (2002) وإسرائيل (2005) ويحظى بشعبية كبيرة إلى تهدئة الشارع الأردني. ومنذ سقوط نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي, شهد الأردن تظاهرات واعتصامات احتجاجا على غلاء المعيشة وللمطالبة بسقوط حكومة الرفاعي رغم مجموعة من التدابير اتخذتها الأخيرة. وتشهد مصر منذ الثلاثاء الماضي تظاهرات غير مسبوقة للمطالبة بإسقاط الرئيس حسني مبارك الذي يتولى حكم البلاد منذ 30 عاما. وأدت تلك التظاهرات إلى مقتل 300 شخص بحسب المفوض الأعلى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي ولكنه أوضح أنها «تقارير غير مؤكدة». وأكدت الحركة الإسلامية المعارضة الاثنين أنها لا تدعو لتغيير نظام الحكم في المملكة كما في مصر, بل إلى إصلاحات سياسية وحكومات منتخبة. وقال حمزة منصور أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي لوكالة فرانس برس «هناك فرق بين الأردن ومصر, نحن دعاة إصلاح ولسنا دعاة تغيير شامل كما في مصر». وأضاف «لا ندعو إلى تغيير النظام, نعترف بشرعية الهاشميين (العائلة المالكة), ولكن ما نريد هو إصلاحات سياسية وحكومات منتخبة». ويخول الدستور الأردني الحالي, المعمول به منذ عام 1952, الملك بتعيين رئيس الوزراء وإقالته. وكانت الحركة الإسلامية طالبت بإجراء تعديل على الدستور يسمح بتخويل رئيس الأغلبية النيابية بتولي منصب رئيس الوزراء في البلاد, مما سيحد من صلاحيات الملك في تعيين رئيس الحكومة. وأعلنت الحكومة مؤخرا تخصيص ما يقارب 500 مليون دولار لتحسين مستوى معيشة الأردنيين وخفض الأسعار. واعتبرت الحركة الإسلامية والنقابات المهنية, التي تضم 200 ألف نقابي, وأحزاب المعارضة الأردنية أن الإجراءات الحكومية غير كافية مطالبة بإصلاح شامل. وتقدر نسبة البطالة في الأردن, التي يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة وفقا للأرقام الرسمية, ب3,14%, بينما تقدرها مصادر مستقلة ب30%. وتقدر نسبة الفقر في المملكة ب25%, بينما تعد العاصمة عمان أكثر المدن العربية غلاء وفقا لدراسات مستقلة.