أثارت تصريحات عبد الرزاق خيري المستقيل حديثا من تدريب الجمعية السلاوية بخصوص التلاعبات التي تعرفها منافسات البطولة الوطنية للقسم الثاني لكرة القدم جدلا واسعا بين المهتمين بالشأن الكروي ببلادنا، لكونها تمس شريحة معينة من الفرق ومسؤوليها ومدربيها ولاعبيها. وقد يقول قائل أن هذه الإتهامات قد جاءت كرد فعل عن انفصال خيري عن الفريق السلاوي، وكذا التشويش الذي لحقه منذ تعيينه للإشراف على فارس أبو رقراق، لكن يجب الأخذ بهذه التصريحات محمل الجد، لأن المنظومة الكروية بالمغرب تعيش اختلالات كبيرة كانت سببا في تراجع المستوى العام لهذه اللعبة. إذا فالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مطالبة بفتح تحقيق في الموضوع، لأن هذه الإتهامات تمس سمعة البطولة الوطنية، وتغذي العديد من الشائعات حول هذا الموضوع، خصوصا أن العديد من مدربي الفرق الأخرى يؤكدون على وجود تلاعبات لكن من دون تقديم أدلة تفضح ذلك. ولم تقف اتهامات خيري عند هذا الحد، بل اتهم بعض الصحفيين بالتشويش على العمل الذي كان يقوم به داخل الفريق السلاوي، وكذا دخولهم كطرف في عملية البيع والشراء التي تقوم بها الأندية الراغبة في الصعود إلى قسم الكبار، وذلك بلعب دور الوسيط بين مسؤولي الفرق و بعض الحكام الذي يفتقرون على الضمير المهني في قيادتهم للمباريات. تأسيسا على هذه الإتهامات التي قد تكون صحيحة أم غير ذلك، يبدو أن الأجواء العامة داخل الشأن الرياضي ببلادنا جد ملوثة، وتتداخل فيها العديد من الأطراف التي تساهم سواء من قريب أو بعيد على تسميمها، وهذه من الأسباب التي جعلت الكثير من ذوي السوابق إلى دخول دواليب التسيير، فيما فضل البعض الآخر الرحيل في صمت حتى لاتلتصق بهم مثل هذه الإتهامات. فكرة القدم الوطنية أصبحت مدعاة للسخرية وكل الأوصاف المثيرة للجدل، سواء من طرف الأطر الأجنبية أو المحلية، والكل مازال يتذكر القولة الشهيرة للمدرب الفرنسي لوزانو الذي كان وقتها مدربا لفريق الوداد البيضاوي عندما نعث كرة القدم المغربية بالمتعفنة، وكان القرار الذي اتخذته الجامعة آنذاك هو توقيفه إلى نهاية الموسم ليعود بعد ثلاث سنوات إلى الوداد مرة أخرى. وجاء دور مواطنه هنري ميشيل الذي فشل في تحقيق أي لقب رفقة المنتخب الوطني ليهاجم الجامعة برئاسة الجنرال حسني بنسليمان، خصوصا بعد الإقصاء المبكر لأسود الأطلس بنهائيات كأس الأمم الإفريقية بغانا 2008، وكانت النتيجة هو تنحيته من تدريب المنتخب، لكنه عاد من جديد ليشرف على تدريب الرجاء البيضاوي خلال بداية الموسم الجاري، لكنه فشل مرة أخرى في تحقيق طموحات أنصار و محبي النادي. وكانت أكثر التصريحات إثارة هي التي فجرها الفرنسي دييغو كارزيتو المستقيل من تدريب الوداد البيضاوي، والذي اتهم من خلالها مسؤولي الفريق بشراء ثلاثة مباريات للفوز بلقب البطولة الموسم الماضي، مما جعل الفريق يرفع دعوى قضائية لدى الإتحاد الدولي لكرة القدم، دون أن تتخذ الجامعة أي قرار إدانة في حق المدرب الفرنسي. وهذا غيض من فيض للعديد من الغرائب التي يعيشها المشهد الكروي المقبل على الدخول إلى الإحتراف بداية من الموسم المقبل الذي سيعرف مجموعة من الإصلاحات والتغييرات التي من شأنها أن تمس بعض الفرق التي اعتادت على بعض الممارسات المشبوهة. مرة أخرى لايمكن أن تمر اتهامات عبد الرزاق خيري مرور الكرام، على اعتبار أنها رسالة موجهة لكل الفاعلين بالدوري المحلي، كما أنها تتضمن اتهاما مبطنا لمسؤولي هذه الفرق التي تتصارع على الصعود، وبالتالي فهي المتهم الرئيسي في هذه العملية. خلاصة القول أن البطولة الوطنية حبل بالعديد من الممارسات الخارجة عن النطاق الرياضي، لكنها كانت تعتبر من الطابوهات التي لايمكن الحديث عنها، لكن مع التغييرات التي شهدتا بلادنا في السنوات الأخيرة، بدأت تتضح العديد من الحقائق التي كانت غائبة في الزمن الماضي، لذا بات من الضروري البحث فيها واتخاذ كل الإجراءات القانونية في حقها، وإلا سيبقى المشهد الكروي يراوح مكانه ولا يمكننا أن نتقدم خطوة على الأمام.