دول شمال أفريقيا الأعلى في معدلات البطالة في العالم وضع تقرير لمنظمة العمل الدولية منطقة شمال أفريقيا في خانة المناطق التي تعرف ارتفاعا مضطردا لمعدلات البطالة في العالم، على الرغم من الأداء الاقتصادي القوي نسبيا في هذه المنطقة خلال الأزمة الاقتصادية العالمية، وهو ما يطرح تحديات كبيرة أمام دول المنطقة. واعتبر التقرير الصادر بداية الأسبوع الجاري عن منظمة العمل الدولية حول «اتجاهات العمل في العالم سنة 2011: تحدي انتعاش الشغل « أن معدل البطالة في بلدان شمال أفريقيا وصل إلى حوالي 9.9 في المائة خلال سنة 2009، ويتوقع أن يسجل تراجعا طفيفا في العام 2010 ليصل إلى 9.8 في المائة فقط، وهي من بين أعلى النسب في العالم. ولا تتوقع المنظمة أي انخفاض في معدلات البطالة خلال السنة الجارية، حيث من المنتظر أن تستقر في نفس النسبة كما هي عليه في العام الماضي، مع تفاوت بسيط يتراوح ما بين 8.6 إلى 10.9 في المائة حسب الدول. ويعزى هذا الارتفاع أساسا إلى ارتفاع أعداد العاطلين في أوساط الشباب التي تقدر نسبتهم بحوالي 23.6 في المائة في العام الماضي، مقابل 23.4 في العام 2009. ويرى التقرير أن نسبة البطالة في أوساط النساء بدول شمال أفريقيا أقوى من الذكور على التوالي 15 و7.8 في المائة سنة 2010. كما أن الفارق في معدلات البطالة في المنطقة يتسع بين الشباب والكهول. ويسجل التقرير أن 28 امرأة فقط من بين 100 نشيطات. وقال التقرير إن دول شمال أفريقيا، المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر، لم تتأثر كثيرا من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية مثل باقي المناطق، حيث عرف الناتج الداخلي الخام في دول المنطقة ارتفاعا بنسبة 3.5 في المائة في السنة الأولى من الأزمة، أعلاها سجل بالمغرب بحوالي 4.9 في المائة وأدناها سجل بليبيا بحوالي 2.3 في المائة. وعزا التقرير النمو القوي للناتج الداخلي الخام لدول شمال أفريقيا ليس فقط لأن اقتصادياتها غير منخرطة في الأسواق العالمية، بل أيضا وبشكل أساسي إلى سرعة الإجراءات الاحترازية التي نهجتها هذه الدول للتخفيف من آثار الأزمة. من خلال اعتماد مخططات تشمل إنجاز مشاريع للبنية التحتية بهدف خلق المزيد من فرص الشغل بالموازاة مع الاستثمار في التنمية الاقتصادية. واستمرارا في نفس النهج التصاعدي، حسب التقرير، فقد حافظ الناتج الداخلي الخام بدول شمال أفريقيا على ارتفاعه خلال العام الماضي ليضل إلى حوالي 5 في المائة في المتوسط، حيث تصدرت الجماهيرية الليبية القائمة بتحقيق حوالي 10.6 في المائة من الناتج الداخلي، بينما لم تتعد هذه النسبة 3.8 في المائة لكل من تونس والجزائر. ويعزى استمرار هذا الارتفاع إلى الرفع من صادرات البترول بالنسبة لليبيا، من جهة، وارتفاع عائدات السياحة بالنسبة للمغرب ومصر وتونس من جهة أخرى. بالإضافة إلى انتعاش الاستهلاك الداخلي بدول المنطقة. ولاحظ تقرير منظمة العمل الدولية استمرار انحسار سوق الشغل، رغم الأداء القوي نسبيا لاقتصاديات دول شمال أفريقيا، وارتفاع معدلات البطالة، خصوصا في أوساط الشباب والنساء، هذه الفئة الأخيرة التي تعرف انخفاضا في نشاطها، والاعتماد المفرط على القطاع غير المهيكل في خلق فرص الشغل. ويلفت التقرير الانتباه إلى أن ارتفاع أعداد العاطلين لدى النساء والشباب «ليس إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد»، بحيث إن مناصب الشغل المتوفرة هي إما من نوعية ضعيفة أو غير مستقرة أو يتقاضى أصحابها أجورا زهيدة، ولا تحترم فيها أدنى شروط القانون. وأشار التقرير إلى أن القطاع الفلاحي، الذي يمثل حوالي 28 في المائة من سوق الشغل، يلعب دورا أساسيا في في خلق فرص العمل بالمنطقة. ولحسن الحظ، يقول التقرير، أن حكومات دول شمال أفريقيا واعية تمام الوعي بأهمية الاعتماد على العمل في هذا القطاع لتخفيض معدلات الفقر. وعلى الرغم من التوقعات الاقتصادية الواعدة خلال هذه السنة، والتي ستتميز بتحقيق معدلات نمو تصل إلى أكثر من 5 في المائة، وارتفاع تدفق الاستثمارات الأجنبية، وانتعاش التحويلات المالية، إلا أن أي من دول منطقة شمال أفريقيا لا يحتمل في القريب العاجل أن تحقق معدل نمو كاف لتقليص العجز الذي تعاني منه في مجال خلق فرص الشغل. إذ يتوقع أن يستمر معدل البطالة في حدود 9.8 في المائة خلال سنة 2011، مع تفاوت حسب الدول ما بين 8.6 إلى 10.9 في المائة.