أيام قليلة قبل الدخول السياسي القادم، وفي فترة تشهد إعداد مشروع القانون المالي برسم 2019، عقد رئيس الحكومة اجتماعا مع مسؤولي مؤسسة البنك الدولي، حيث استقبل أول أمس الاثنين نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي كان مرفوقا بماري فرانسواز ماري نيلي، مديرة منطقة المغرب العربي ومالطا، الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وممثل عن مؤسسة التمويل الدولية، وقد شكلت ملفات الشراكة وتنفيذ المشاريع الإصلاحية التنموية التي أطلقها المغرب موضوع الحوار الذي أجراه الطرفان. ويأتي هذا اللقاء تزامنا مع موعد انتهاء المدة الزمنية المحددة لخط الوقاية والسيولة الذي تم اعتماده من طرف المؤسسة المالية الدولية الأخرى ممثلة في صندوق النقد الدولي، قبل نحو عامين، إذ يبدو من خلال هذا الاجتماع أن الحكومة تسير في اتجاه البحث عن موارد لتمويل اوراش ومشاريع الإصلاح الجارية. وما يعزز هذا المنحى هي تركيبة وفد البنك الدولي الذي ضم ممثلا عن مؤسسة التمويل الدولية ، والتي هي عضو بالبنك الدولي وتعد أكبر مؤسسة إنمائية تركز بصورة حصرية على دعم وتنمية القطاع الخاص بالبلدان النامية، هذا فضلا مضامين الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة، والتي أشاد فيها بمستوى الشراكة القائمة بين المغرب ومجموعة البنك الدولي، مشددا على أن التعاون الثنائي مع هذه المؤسسة الدولية قوي ويتجسد من خلال العمل على تنفيذ مشاريع مبرمجة، والسعي إلى إطلاق مشاريع جديدة. ويشار أن رئيس الحكومة ، الذي كان مرفوقا خلال هذا الاجتماع بالوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، ذكر بمجموعة من الأوراش الكبرى الجاري تنفيذها، في مقدمتها ورش إصلاح التعليم والصحة وإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، والتي حسب تعبير رئيس الحكومة ستشكل أولية العمل الحكومي خلال السنة المقبلة. وأبدى نائب رئيس البنك الدولي، من جانبه، استعداد المؤسسة المالية الدولية على عقد شراكات متنوعة في مختلف المجالات، مع العمل بشكل حثيث على تعميق الشراكات القائمة وآفاق التعاون في مجالات تشغيل الشباب والطاقات المتجددة، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص. وأبدى المسؤول الدولي، ارتياحا كبيرا اتجاه مستوى التعاون القائم بين المملكة المغربية والمؤسسة المالية الدولية، مشيرا إلى أن هذه المؤسسة الدولية تتابع الديناميكية التي يعرفها المغرب، مشددا على أهمية مواكبة المغرب في عدد من المشاريع التي تعد حاسمة لتحقيق التنمية. وفي ذات السياق، وبعد أسبوع من توليه حقيبة وزارة الاقتصاد والمالية، خص الوزير محمد بنشعبون أول نشاط رسمي له أول أمس الاثنين، لاستقبال أعضاء هذا الوفد الذي يمثل البنك الدولي، وهي المؤسسة المالية الدولية التي تواكب إلى جانب صندوق النقد الدولي، المغرب في عدد من الإصلاحات التي تشمل القطاع المالي والاقتصادي بل النموذج التنموي برمته، وقد خص المملكة في الكثير من تقاريره بعبارات إشادة، حيث تم في فترة زمنية وفي منتديات دولية تقديم المغرب من طرف مسؤولي البنك"كنموذج للبلدان التي تقوم بإصلاحات قوية من شأنها تشجيع النمو". وأفاد وزير المالية الجديد، في تصريح للصحافة في ختام هذا الاجتماع، أن المحادثات مع مسؤولي البنك الدولي ركزت على استعراض وتقييم حصيلة الشراكة والتعاون الثنائي على مدى الأربع سنوات الماضية والذي جمع بين الطرفين، والتي تم فيه صرف غلاف مالي يصل حجمه أربعة مليار دولار، وكذا استعراض برنامج العمل للخمس سنوات القادمة والتي تمتد بين سنوات 2019-2023، بتحديد المحاور الأساسية التي تشكل عمود الشراكة الجديدة. ولفت بنشعبون أن أولويات هذا البرنامج ستتمحور أساسا حول إيلاء العناية للشباب والتركيز على الآليات المرتبطة بالحماية الاجتماعية وتحقيق التنمية الترابية، واللاتمركز والحكامة الجيدة، وتوسيع رقمنة الخدمات والاقتصاد. ومن جانبه أعلن فريد بلحاج، رئيس مجموعة البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن المحادثات شكلت فرصة لبحث تكثيف الشراكة بين الطرفين، وبحث آفاق شراكة جديدة لاعتماد إطار شراكة جد طموحة على المستوى المالي والتقني". يشار أن البنك الدولي، يواكب حاليا تنفيذ السلطات المغربية نظام تعويم الدرهم، كما يجدد التأكيد في الوقت ذاته في مختلف التوصيات التي يرفعها في تقاريره بشأن النمو الاقتصادي بالمغرب، على ضرورة الرفع من وتيرة الإصلاحات الهيكلية التي شرعت المملكة في تنفيذها، على أساس أن ذلك من شأنه أن يساهم في تحقيق نمو أعلى ومدمج لمختلف شرائح الساكنة في سوق الشغل، هذا فضلا على التركيز على جوانب ذات الأولوية ممثلة في تحسين جودة النظام التعليمي وأداء السوق والرفع من مشاركة النساء في سوق العمل وتكثيف الجهود لتحسين مناخ الأعمال. ومعلوم أن البنك الدولي في تقرير له حول النمو الاقتصادي في المغرب لسنة 2018، توقع تحسنا في الآفاق الاقتصادية للمملكة، شريطة أن تظل الحكومة ملتزمة بتنفيذ إصلاحات عميقة وشاملة، ومواصلة ضبط أوضاع المالية العامة وضبط سعر الصرف المرن للدرهم، هذا مع تنفيذ إصلاحات هيكلية في مجالات التعليم وسوق الشغل لتقليص معدل البطالة لاسيما بين الشباب، وتحسين مناخ الأعمال وتعزيز الرأس المال البشري بغية تحقيق نمو أكبر وشامل للجميع. ويذكر أن فريد بلحاج نائب مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يعد من الداعين إلى إنشاء اقتصاد رقمي أكثر تطورا ببلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وإلى قيام الحكومات بتشجيع الابتكار، حيث يعتبر أن إنشاء هذا الاقتصاد على غرار ما قامت به بلدان في آسيا والتي تمكنت من أن تصبح مركزا صناعيا عالميا، من شأنه انتشال بلدان المنطقة من شرك البلدان متوسطة الدخل، وتمكينها من مواصلة التقدم نحو مصاف البلدان المرتفعة الدخل.