أعلن مصدر حكومي عن تعديل وزاري وشيك في تونس في وقت تظاهر آلاف التونسيين واضرب مدرسو التعليم الأساسي أول أمس الاثنين مطالبين باستقالة رموز حكومة بن علي من الحكومة, وخرج الجيش عن صمته ليؤكد انه يحمي «الثورة والدستور». في هذه الأثناء أجرى أرفع دبلوماسي أميركي لشؤون الشرق الأوسط مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان, مباحثات في تونس مع وزير الخارجية التونسي كمال مرجان. وكانت الخارجية الأميركية أعلنت في وقت سابق أن فيلتمان وصل إلى تونس لإجراء مباحثات حول «الإصلاحات الديموقراطية والانتخابات» مع الحكومة المؤقتة. وبعد عشرة أيام من فرار بن علي وسقوط نظامه يبقى الوضع في تونس غير مستقر حيث يتظاهر آلاف الأشخاص يوميا للمطالبة باستقالة وزراء كانوا محسوبين على بن علي من الحكومة المؤقتة. وأعلن وزير التربية والمتحدث باسم الحكومة التونسية الطيب البكوش الاثنين لوكالة فرانس برس, عن تعديل وزاري وشيك «ربما بين اليوم والغد» مع تأكيده «بشكل شخصي» انه مع بقاء الوزراء الذين خدموا بن علي وذلك بداعي «استمرارية الدولة». وأوضح الوزير «يجب أن لا ننسى أن هناك مناصب وزارية شاغرة», مذكرا باستقالة خمسة وزراء الأسبوع الماضي هم ثلاثة يمثلون المركزية النقابية وواحد من المعارضة وآخر عضو في التجمع الدستوري الديموقراطي, الحزب الحاكم سابقا. وأضاف البكوش الذي يعتبر شخصية مستقلة منبثقة عن الأوساط النقابية «ربما تكون هناك استقالات جديدة (من الحكومة) وبالتالي سيكون لدينا على الأقل ست حقائب وربما أكثر يتعين توزيعها, وهذا يستدعي بالضرورة تحويرا وزاريا ربما من الآن (أول أمس) إلى الغد (يقصد أمس)». وأشار إلى «اتصالات جارية» بهذا الصدد. من جانبه, تدخل الجيش الذي يحظى بشعبية كبيرة في تونس بسبب رفضه إطلاق النار على المتظاهرين خلال «ثورة الياسمين», للمرة الأولى أول أمس الاثنين ليؤكد انه «حامي الثورة» التونسية, بيد انه «لن يخرج عن الدستور». وقال رشيد عمار رئيس أركان جيش البر, والأعلى رتبة في الجيش التونسي, مخاطبا المتظاهرين المتجمعين منذ يوم السبت أمام مقر الحكومة بالعاصمة مطالبين باستقالة الحكومة المؤقتة, إن الجيش هو «حامي العباد والبلاد والثورة» التونسية. وأضاف الجنرال عمار أن «الجيش حمى ويحمي العباد والبلاد (..) الجيش حامي هذه الثورة» وحين سأله أحد المتظاهرين عن الضمانات, أجاب «أنا هو, أنا هو». وحرص الجنرال عمار على تأكيد احترام الجيش للدستور التونسي. وقال «نحن مع دستور البلاد وحماة دستور البلاد ولا نخرج عن دستور البلاد». وقال للمتظاهرين «مطالبكم مشروعة» غير أنه دعاهم إلى إخلاء ساحة الحكومة لتتمكن «هذه الحكومة أو غيرها», محذرا من «الركوب على ثورة الياسمين» ومن الفراغ. وأضاف «ثورتكم ثورة الشباب ستضيع ويركبها أناس آخرون», مشيرا إلى أن «ثمة قوى تدعو إلى الفراغ, والفراغ يولد الرعب والرعب يولد الديكتاتورية». وحرص على تأكيد احترام الجيش للدستور التونسي. وقال «نحن مع دستور البلاد وحماة دستور البلاد ولا نخرج عن دستور البلاد». غير أن مئات المتظاهرين تحدوا مجددا مساء الاثنين حظر التجول وبدأوا يستعدون لقضاء ليلة ثانية في ساحة الحكومة وسط برد شديد. وكان احد المتظاهرين في ساحة الحكومة بالقصبة حيث جرت مواجهات محدودة مع شرطة مكافحة الشغب, توعد في النهار بان يكون مصير القصبة كمصير الباستيل في فرنسا في 1789. ولم يحدث انحسار في موجة الاحتجاجات الذي يبدو أن الحكومة كانت تراهن عليه. واصطدمت جهود الحكومة لإعادة البلاد إلى السكة ب»إضراب مفتوح» لمدرسي التعليم الأساسي (ابتدائي وإعدادي) لاقى إقبالا واسعا للمطالبة برحيل وزراء حكومة بن علي, في هذا اليوم الذي أعلن موعدا لاستئناف الدراسة المعطلة منذ العاشر من يناير. كما دعت النقابة العامة للتعليم الثانوي بدورها أمس إلى إضراب يوم الخميس 27 يناير وإلى تنظيم مسيرات للمطالبة ب «حل الحكومة المنصبة». ومن منفاه في لندن قال الرئيس السابق لحركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي في مقابلة مع تلفزيون «فرانس-24» انه ينوي تسليم قيادة هذه الحركة المحظورة إلى الجيل الجديد من الشبان. وأقر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي تعرض لانتقادات شديدة بسبب مواقفه خلال «ثورة الياسمين» التي أطاحت الرئيس التونسي زين العابدين بن علي, الاثنين بان فرنسا «لم تقدر حجم يأس» الشعب التونسي. وقال ساركوزي «وراء تحرير المرأة وجهود التربية والتأهيل والحيوية الاقتصادية وتبلور طبقة متوسطة, كان هناك يأس ومعاناة وشعور بالاختناق, يجب أن نقر بأننا لم نقدر حجم ذلك». وأعلن القضاء الفرنسي انه فتح تحقيقا حول أملاك بن علي والمقربين منه في فرنسا اثر شكوى فساد تقدمت بها ثلاث منظمات غير حكومية قدرت ثروة بن علي والمقربين منه بنحو خمسة مليارات دولار.