احتضنت مدينة أبو ظبي الإماراتية المؤتمر الدولي السادس لنخيل التمر، مؤخرا، تحت رعاية الأمير الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. المؤتمر الذي نظمته الأمانة العامة لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي بالتعاون مع جامعة الإمارات العربية المتحدة، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والشبكة الدولية لنخيل التمر، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ايكاردا)، وعدد من المؤسسات الإماراتية، شارك فيه جمع كبير من الخبراء والمختصين يمثلون 35 دولة حول العالم. كما بلغ عدد البحوث العلمية التي قدمت خلال أيام المؤتمر 102 ورقة علمية توزعت على خمس جلسات بالإضافة إلى 76 ملصق علمي جداري (بوستر). وأشاد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في كلمة بالمناسبة، بجهود الأمانة العامة لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي التي «تحرص دائما على التفاعل مع تحديات المجتمع الزراعي بدولة الإمارات والعالم بالبحث والدراسة العلمية وصولا لاقتراح البدائل وطرح الخيارات وتطبيقاتها على أرض الواقع، بالتعاون مع الشركاء في تلك الدول». وأضاف أن هذا المؤتمر الدولي السادس لنخيل التمر الذي تنظمه جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، بمشاركة إقليمية وعالمية واسعة يعد «نموذجا ممتازا لذلك النهج الحميد الذي تتبناه الأمانة العامة للجائزة وجامعة الإمارات العربية المتحدة في تنظيم المؤتمرات العلمية على وجه الخصوص، من خلال تناول موضوع يشغل الجميع، ليس في الإمارات العربية المتحدة وحدها ولكن في منطقة الخليج بأسرها، وفي العالم العربي بل في العالم أجمع، حيث برز حديثا اهتمام كبير بزراعة وصناعة وتجارة نخيل التمر والتمور لما لها من قيمة مضافة في معادلة الأمن الغذائي على مستوى العالم». وأكد أن انعقاد أي مؤتمر عالمي بشكل دوري كل أربع سنوات متتالية على هذا النحو إنما هو علامة أكيدة وبارزة على مدى الأهمية التي يحظى بها موضوعه، كما أنه دليل واضح على الإيقاع المتناسق والمتسارع في الوقت نفسه للبحث العلمي والتقدم التقني في مجاله، إلى جانب أنه يعكس بوضوح حرص مختلف المؤسسات والجهات المحلية والإقليمية والدولية على المشاركة في تنظيمه وإنجاحه. وأصدر المؤتمرون في ختام أشغال المؤتمر الدولي السادس لنخيل التمر عددا من التوصيات التي تهدف إلى مضاعفة الجهود لتأهيل وتطوير قطاع نخيل التمر على المستوى العربي والدولي. وطالب المشاركون بإطلاق المشروع الوطني لمكافحة سوسة النخيل الحمراء بدولة الإمارات، مع دعم جهود الصندوق الدولي لمكافحة سوسة النخيل الحمراء تحت مظلة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وإنشاء مشروع إقليمي لنقل الخبرة النوعية في مجال زراعة النخيل وإنتاج التمور من دولة الإمارات إلى دول العالم. وشهد المؤتمر عرض العديد من المداخلات العلمية والأبحاث الأكاديمية همت عدة جوانب من قبيل الكشف المبكر عن وجود سوسة النخيل الحمراء باستخدام الذكاء الاصطناعي. وتوصل الباحث محمد عبد الرحمن خليل مهندس خبير تقني في شركة "بلاتفورم" بالإمارات إلى ابتكار جديد حول قدرة الذكاء الصناعي من الكشف المبكر عن سوسة النخيل الحمراء باستخدام تكنولوجيا الذكاء الصناعي وتكنولوجيا إنترنت الأشياء. وفاز هذا الابتكار بجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي بدورتها العاشرة 2018 عن فئة الابتكارات الرائدة والمتميزة في القطاع الزراعي. وقدم الباحث محمد عبد الرحمن ورقة عمل في المؤتمر الدولي السادس لنخيل التمر بعرض تفاصيل الابتكار المتقدم اسمه "نخيل". وأضاف أنه قام بتسخير تكنولوجيا إنترنت الأشياء قليلة استهلاك الطاقة لنقل بيانات النخيل بعد استقبالها عبر مجسات مطورة، وذلك بعد أبحاث متطورة ودراسات بالتعاون مع متخصصين من جامعات بحثية زراعية وعدد من الخبراء في عدة مجالات، بالإضافة إلى إجراء اختبارات في مزارع النخيل في منطقتي ليوا بالمنطقة الغربية بأبوظبي ومنطقه مزارع النخيل برأس الخيمة. وعمل الباحث على تطويع الذكاء الاصطناعي لجعله قادرا على التنبؤ بوجود سوسة النخيل الحمراء في أشجار النخيل في مرحلة مبكرة، ويتبع ذلك ارسال تنبيهات للمزارع عبر تطبيق مخصص على الهاتف، حيث ترشد هذه التنبيهات المزارع بالأماكن المحددة والاحداثيات الجغرافية لأشجار النخيل المصابة في المزرعة، وكذلك تزوده بتاريخ أول ظهور للإصابة في كل نخلة. بهذه الطريقة يكون المزارع على اطلاع كامل وبشكل اوتوماتيكي ودائم بأنشطة وأماكن إصابات النخيل فور حدوثها. وأفاد المهندس خليل أن مجال البحث يروم استخدام المعلومات والبيانات لبناء قاعدة بيانات جغرافية لنشاط سوسة النخيل الحمراء عبر منطقة جغرافية واسعة سواء بالإمارات أو المنطقة العربية بأكملها، وذلك بهدف مساعدة الوزارات والجهات والهيئات المعنية بالحكومات للتحكم بشكل نموذجي وفعال في مكافحة سوسة النخيل الحمراء، وبذلك تستطيع اللجان المختصة تحسين مكافحة هذه الآفة من خلال التركيز على النخلات والبؤر المصابة فعليا دون غيرها، ويتم توفير الجهد والمال وضمان طريقة فعالة لمواجهة هذه الحشرة الفتاكة. يشار أن براءة اختراع سجلت وفق الأسلوب المتبع وطريقة عمل الجهاز في مجموعة دول منطقة العربية والإقليمية. ويفتح هذا الاكتشاف المجال للمستثمرين لدفع جهود التطوير والانتشار محليا وإقليميا من خلال ضخ استثمارات مشتركة لتسريع وتيرة التطوير التسويق والتصنيع الكمي الذي يضمن توفر سعر زهيد لتكلفه هذا الحل لكل نخله. تجويد أصناف نخيل التمر باستخدام التركيب الوراثي وخلال جلسة علمية من جلسات المؤتمر الدولي السادس لنخيل التمر بعنوان الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية، التي ترأسها الدكتور فرانس هوفمان من أمريكا، وحول موضوع التركيب الوراثي وتنوع أصناف نخيل التمر ذات الأهمية التجارية باستخدام علاقات النشوء والتطور وتكرارات التسلسل البسيطة لجزيئات ال DNA الصغرى، تحدث الدكتور صلاح الدين زايد من جامعة كولورادو بأمريكا عن تقييم علامات جزيئات DNA الصغرى التي تم اختيارها لما لها من إمكانات في أخذ بصمات أصناف نخيل التمر في محاولة لتوحيد إجراءات تحديد الهوية. وتتطلب المحاصيل التي تتكاثر بتطابق السلالة مثل نخيل التمر تحديد أصناف محددة بشكل صحيح عند بدء زراعتها على نطاق واسع. كما أن الفحوص الدورية على صلاحية هوية ونوية النسل الحقيقي أثناء انتقالها من خلال عمليات التكاثر الدقيق والتأقلم والشحن في منشآت الانتشار التجاري أمر مهم لنجاح انتشار نخيل التمر. وقد نجحت الأعمال الحديثة في تسلسل صنفين داخل جينوم نخيل التمر وهناك إجراءات مختلفة تسهل "أخذ بصمات" أنماط جينية محددة. واستخدمت لوحات تكرار تسلسل بسيطة، جزيئات DNA الصغرى يمكن الوصول إليها في تفاعل متعدد البلمرة، لتحديد أصناف نخيل التمر بنجاح. وتم استخدام أربعة أزواج أولية، لمضاعفة المواضع، تمثل التسلسل الأولي لبصمات 56 ممثل لمدخلات لنخيل التمر لأهم الأصناف التجارية المتاحة عالميا. وقد خضعت هذه المدخلات للتقييم وأظهرت تعدد أشكال كاف للتمييز بين 54 صنفا. ويمكن تأكيد ما مجموعه 38 (33 من الإناث و5 من الذكور) من حيث هويتها من خلال نظام التأكيد الثلاثي عن طريق الخبراء والخصائص المورفولوجية، أما الثمانية عشر صنفا الباقية الممثلة فكانت أصنافا جديدة ومختلفة. وتشير النتائج إلى وجود تنوع أكبر بين الأنواع داخل المجموعات التي تم جمعها، حيث تم الحفاظ على التكوين المتقابل بشكل جيد بين المجموعات الفرعية للأصناف. وستكون هناك حاجة إلى مزيد من علامات جزيئات DNA الصغرى أو "النوكليوتيدات" المفردة متعددة الأشكال للحصول على بصمة الأنماط الجينية للثمانية عشر صنفاً المتبقية وغيرها من المجموعات الوراثية الأكثر تغيرا. وستكون هناك حاجة إلى أشكال إضافية للكشف عن أجزاء متعددة من الأشكال لتغطية الألواح الكبيرة والمجموعات ذات الخلفيات المتنوعة بين أصناف التمر. وتبين هذه النتائج أن عددا قليلا نسبيا من جزيئات DNA الصغرى يمكن أن تستخدم لتأكيد أعداد كبيرة من أصناف معينة، وبالتالي فإن ذلك يوفر أداة قيمة وبأسعار معقولة للتحقق من الأنماط الجينية في الانتشار الواسع لنخيل التمر لأغراض تجارية. الفاو تجدد دعمها لإنتاج نخيل التمر وأكدت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) دعمها لإنتاج وتطوير قطاع التمور في منطقة الشرق الأدنى من خلال التصدي لتفشي سوسة النخيل الحمراء وتعزيز سلسلة القيمة للتمور. وخلال كلمة ألقاها في الدورة العاشرة من جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي والمؤتمر الدولي السادس لنخيل التمر، قال المدير العام للفاو جوزيه غرازيانو دا سيلفا: "الآن وأكثر من أي وقت مضى، توجد حاجة ماسة للتعاون الدولي الرامي إلى تعزيز تبادل المعرفة وجمع التمويل اللازم لدعم تطوير نخيل التمر. ستواصل الفاو وبقوة دعم جهودكم الرامية إلى التنمية الريفية بصورة عامة ونخيل التمر بصورة خاصة". وجددت الفاو اثنتين من الشراكات المهمة في المنطقة لدعم الانتاج المحلي لنخيل التمر. فقد وقعت المنظمة مذكرة تفاهم مع مجلس أمناء جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر بهدف دعم تطوير شبكة نخيل التمر الإقليمية وتعزيز تبادل الخبرات على الصعيد الإقليمي. ضمن جهود التعاون حول قضايا الأمن الغذائي في المنطقة. وقال دا سيلفا: "سنعمل معا على وضع نهج شامل يرتكز على الأسواق من أجل تطوير سلاسل قيمة نخيل التمر في منطقة الشرق الأدنى وشمال افريقيا، والتركيز على زيادة القدرة التنافسية لنخيل التمر المحلي وتعزيز وصول صغار المزارعين إلى أسواق ذات قيمة أعلى". يمثل نخيل التمر رمز الحياة في منطقة الشرق الأدنى وشمال افريقيا، فهو ضروري جدا للأمن الغذائي للناس الذين يعتمدون عليه وذلك بفضل خصائصه الغذائية الفريدة. ويلعب نخيل التمر دورا كبيرا في اقتصاد دول المنطقة التي تشمل أكبر عشر دول منتجة للتمر، أي ما يعادل 90% من إنتاج التمر العالمي. وأبلغ دا سيلفا الحضور في حفل جوائز خليفة أن استهلاك التمور ازداد في أوروبا والولايات المتحدة. وقال إنه بالتالي هناك فرص متزايدة للتصدير، لكن الأمر ينطوي أيضا على تحديات أكثر من ناحية الضغط على الموارد الطبيعية المحلية، وخاصة المياه، ومن ناحية المخاطر المرتبطة بالآفات والأمراض العابرة للحدود. وكان المدير العام للفاو قد تعهد في جلسة جوائز خليفة العام الماضي بدعم الدول لمواجهة التحديات التي تواجهها عملية تطوير تمور النخيل، مثل سوسة النخيل الحمراء التي تهدد بعواقب اقتصادية واجتماعية وبيئية كبيرة والتي تتغذى على الأشجار من الداخل بحيث يصعب اكتشافها. ومنذ ذلك الحين عقدت الفاو المؤتمر الدولي الأول حول سوسة النخيل الحمراء والذي وضعت خلاله خطة عمل للتخلص من هذه السوسة تدريجياً والتي يتم تنفيذها حالياً خطة. كما وافق المؤتمر على إطلاق منصة عالمية جديدة لتسهيل تبادل المعرفة والخبرات حول هذه السوسة. وسيتم إطلاق هذه المنصة قريبا بفضل مساهمة من المملكة العربية السعودية.