نبيل بنعبد الله يحذر من بروز أجواء مماثلة لأحداث تونس ويدعو إلى إنجاح المشروع الديمقراطي المغربي واحترام التعددية أكد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن التعددية، وما تعنيه من تنوع للرؤى والمشاريع والأفكار، تعتبر من دون شك مصدر ثراء للديمقراطية، وسبيلا ناجعا لمواصلة المسار الإصلاحي ولترسيخ وتعميق قيم المواطنة، وبالتالي إنجاح المشروع الديمقراطي الذي يسعى المغرب إلى تعزيزه. وربط نبيل بنعبد الله، في ندوة نظمها معهد الدراسات العليا للتدبير، يوم الأحد الماضي بالرباط، بين افتقاد التعددية وبين ما جرى بتونس من أحداث يعود الجانب الكبير من مسبباتها إلى تشبث هذا البلد بالحزب الوحيد وبغياب صمام أمان متمثل في المعارضة، منبها إلى أن الأحداث المتتالية في تونس قد تفضي إلى نتائج معاكسة للطموحات والآمال التي كانت وراء اندلاعها. وقدم بنعبد الله، في هذه الندوة، التي شهدت مشاركة مكثفة وإيجابية للطلبة والأساتذة وبعض الفاعلين السياسيين، نبذة مفصلة عن تاريخ الأحزاب المغربية وعن الجذور التي تفرعت منها ومساهماتها في إغناء المشهد السياسي المغربي بكل تفاعلات الأحداث التي شهدها، على عكس الأحزاب المصطنعة والتي تم خلقها في المناسبات الانتخابية. ونبه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إلى وجود أياد خفية ومعلنة تعمل في اتجاه بروز أجواء وظروف مماثلة للتي كانت وراء الأحداث الدامية في تونس، من خلال الترويج لأفكار حول لا جدوى التعددية وعلاقات ذلك بالديمقراطية الفعالة. وقد قدم المتحدث، في هذا السياق نموذجين للتعددية بفرنسا وإسبانيا، ملفتا الانتباه إلى أن «العدد ليس مهما بقدر ما يهم وضوح العمل السياسي وتوافر فضاء ديمقراطي سليم، تتمايز فيه الكتل، ولا يترك فيه مجال للخطأ حين تتم العملية الانتخابية على أسس اختيارات سليمة لأطر الأحزاب الفاعلة في البلاد، وعلى رأسها تلك المشكلة للكتلة الديمقراطية». وركز نبيل بنعبد الله، في هذا السياق، على ملحاحية إعادة تحريك قطار الكتلة الديمقراطية التي تنتظرها الكثير من المهام في الظرفية الراهنة والحرجة، موضحا، في إجاباته على أسئلة الحضور، أن الكتلة كانت على حق حين تشبثت بالمشاركة في كل الحكومات التي أعقبت حكومة التناوب التوافقي بدليل أن المغرب حقق، خلال هذه المدة الزمنية، تقدما كبيرا يعود الجانب الكبير فيه إلى مشاريعها وإلى الأفكار التي تقدمت بها كإطار يضم أحزابا ذات تأثير في الساحة الوطنية على مستوى الأفكار والتوجهات وإنتاج القيم والمبادئ والمفاهيم. وارتباطا بموضوع الندوة، تم تخصيص محور منها للأحزاب الإسلامية في المغرب، ولتناقضاتها التي لخصها نبيل بنعبد الله في «المعلن والخفي من الأفكار والمواقف المتضاربة». فهذه الأحزاب يقول بنعبد الله «ترفض النظام رغم إعلانها ظاهريا تأييدها له. تقبل قواعد اللعبة وتضمر نوايا خفية»، موضحا في هذا السياق موقف حزبه من هذه الازدواجية بالقول: «إن حزب التقدم والاشتراكية غير متفق حول المشروع المجتمعي لهذه الأحزاب الإسلامية. لكنه لن يتوان في الدفاع عن حقها في التعبير والكلمة». فذلك، يضيف المتحدث، أهون مما نشهده اليوم من «جيل الانزلاقات الجديد» الذي قد يلحق أبلغ الضرر بمكتسبات المغرب، وعلى رأسها ديمقراطيته التي أكسبته مصداقية المجتمع الدولي وإيمان هذا الأخير بجدوى مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به. فالعالم يضيف بنعبد الله، «بات ينظر إلى المغرب كبلد الانفتاح والتسامح وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين... وهو لعمري أقوى سلاح لمواجهة أعداء وحدتنا الترابية يتعين علينا التمسك به وصونه من رواد هذا الجيل الجديد من الانزلاقات». وحمل نبيل بنعبد الله مسؤولية هذه المهمة الثقيلة لأحزاب الكتلة وللناخبين من أجل العمل الجماعي المسؤول ومن أجل الانخراط الفاعل في المشروع المجتمعي المغربي الجديد. فلا أحد، يقول المتحدث، «من حقه اليوم الصمت أمام خطر كبير يترصدنا جميعا وقد يفضي بالبلاد إلى الأعراض التونسية. حان الوقت ليمسك المواطنون بزمام مصيرهم، وأن يدركوا بأنه إذا كانت الديمقراطية رهينة بوجود أحزاب سياسية مغربية، فهاته الأخيرة لا تقوم إلا برجالات وبنساء وبأفكار جديدة وبجماهير واعية، خاصة شريحة الشباب الذي عليه القيام بالدور المنوط به مثلما نقوم نحن السياسيين بدورنا، مؤمنين دائما بأن الديمقراطية الحقة بحاجة ماسة دوما إلى التعددية».