بالرغم من كل الضمانات التي يقدمها المغرب من أجل إقناع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بأحقيته في احتضان مونديال 2026، وبالرغم من كل دعوات الإنصاف التي صدرت بمختلف القارات الخمس مؤيدة مطلبه في جعل احتضان هذه التظاهرة الكبرى عاملا من عوامل التنمية المستدامة والرهانات المستقبلية التي تخدم الأجيال القادمة، فإن للجهاز الدولي المتحكم في رقاب الملايين من عشاق كرة القدم بالعالم، رأيا آخر. فالوضوح الذي خاطب به المغرب الجهاز الدولي عبرت عنه بالدرجة الأولى الرسالة الملكية السامية المتصدرة لدفتر التحملات الذي تقدم به المغرب أمام أنظار الاتحاد الدولي، رسالة جاءت بمضامين قوية ودلالات عميقة حين أكدت أن الترشيح الخامس لاستضافة الحدث الكروي الأبرز في العالم، ليس إلا دليلا على شغف المغاربة بكرة القدم، وقدرة بلادهم على رفع التحدي في ظل مناخ اقتصادي واجتماعي آمن تنعم به، مع التعهد بتوفير كل سبل الراحة للمنتخبات الوافدة وأن يكون هذا المونديال بوابة لنشر قيم كرة القدم بكل القارة الإفريقية. الرسالة الملكية حملت الكثير من الضمانات والدفوعات منها الإجماع الوطني الملموس وراء هذا الترشيح والذي ترجم من خلال تواقيع رؤساء الأحزاب الستة المكونة للائتلاف الحكومي، والنقابات والجمعيات غير الحكومية وكبريات وكالات الإشهار والاستشهار بالمغرب، أضف إلى ذلك تقديم معطيات واضحة على المستوى المالي تستجيب للشق المتعلق بإنشاء وتطوير ملاعب ومدن رياضية. هذه التعبئة الوطنية تجلت أيضا في حالة الاستنفار التي يعيشها سفراء المغرب بدول العالم بمختلف القارات، من خلال إجراء اتصالات مباشرة وعلى أعلى مستوى مع رؤساء الدول والحكومات و رؤساء الاتحادات الوطنية لكرة القدم لإقناعها بدعم الملف المغربي. كما يبذل المغرب مجهودا إضافيا كبيرا من أجل تنويع لائحة سفراء ملف الترشيح الذي يراهن عليه بقوة، وحسب ما تسرب من أخبار، فان اللائحة تضم أسماء كبيرة من بينها النجم المصري ولاعب نادي ليفربول الإنجليزي محمد صلاح باسم إفريقيا والنجم البرتغالي لنادي ريال مدريد الإسباني كريستيانو رونالدو كممثل عن القارة الأوروبية، والأرجنتيني سيرجيو أغويرو لاعب مهاجم نادي مانشستر سيتي الإنجليزي ممثلًا عن قارة أميركا الجنوبية. بيد أن كل هذا المجهود الخرافي الذي يبذله المغرب في ظرف قياسي، قد يصدم ب "فيتو" (الفيفا)، حيث يبدو أن الحياد الذي يروج له الرئيس السويسري للاتحاد الدولي جياني إنفانتينو منذ مدة، ما هو إلا شعارات للتغليط والتمويه وتوجيه الأنظار عن الاتجاه الذي ترغب فيه (الفيفا)، ألا وهو منح التنظيم لأمريكا ومن معها. تكييف هذه الرغبة غير المعلنة صراحة جاء من خلال فرض قرارات، اتضحت عبر تمرير نظام "تيسك فورس" خلال اجتماع بوغوتا الكولومبية بأغلبية أعضاء المكتب التنفيذي البالغ عددهم 37 عضوا، ورغم رفض الكثلة الإفريقية هذا النظام الجديد الذي رأت فيه عرقلة حقيقية أمام الملف المغربي، وطالبت بإلغائه، واعتباره مؤامرة حقيقية الهدف منها الإطاحة بملف "موروكو 2026" قبل التصويت بالجمعية العمومية في 13 يونيو القادم. مخطط (الفيفا) وقفت عليه جريدة "ليكيب" الفرنسية، عندما أسهبت في شرح أبعاد نظام التصويت الجديد، والذي يسير في اتجاه جعل الجمعية العمومية أمام اختيار واحد وتزكية ترشيح لا ثاني له، وغالبا ما سيكون ملف الثلاثي (الولاياتالمتحدة وكندا والمكسيك)، وللوصول إلى هذا الهدف لابد من المرور عبر تنقيط للملفين من طرف لجنة المعينة من طرف (الفيفا)، ليتم على إثر ذلك اتخاذ قرار نهائي بخصوص مروره من عدمه إلى مرحلة التصويت. كل هذا يؤكد بالملموس أن الاختيار الذي لم يعد من صلاحيات اللجنة التنفيذية ل (الفيفا) كما كان من قبل، لم يمنح للجمعية العمومية كما يروج لذلك إنفانتينو، بل أصبح بيد جهاز آخر معين من طرف لوبي متحكم بسلطة القرار داخل الاتحاد، وعليه فإن الفساد لا زال جاثما على جهاز اعتقدنا خاطئين أنه أصلح بذهاب بلاتر ومن معه.