أشرف رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أول أمس الاثنين ببرازيليا، على تسليم جائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء في نسختها السادسة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في شخص أمينها العام، أنخيل غوريا. وتم تسليم جائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء خلال حفل تم تنظيمه بمناسبة افتتاح الدورة الثامنة للمنتدى العالمي للماء الذي تتواصل أشغاله إلى غاية 23 مارس الجاري تحت شعار "تقاسم الماء". و في كلمة لها بالمناسبة، أبرزت شرفات أفيلال، كاتبة الدولة المكلفة بالماء، أن جائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء تجسد دوما القيم النبيلة التي أحدثت من أجلها، و ذلك في إطار "عزم أكيد لصالح السلم والتسامح و التقاسم والوئام وجمالية كوكبنا ". وأضافت أن "النسخة السادسة لهذه الجائزة تهدف إلى مكافأة وإبراز مسارات استثنائية في الابتكار والإبداع لضمان الأمن المائي والعدالة المناخية"، مؤكدة أن النسخة الحالية تميزت برقم قياسي في عدد المرشحين لنيل هذه الجائزة (92 مرشحا). من جانبه، أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني أن إشكالية الماء حظيت على الدوام باهتمام بالغ في المغرب. وقال العثماني، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى إن المغرب عمل على الدوام على تعزيز سياسة وطنية مائية استشرافية وحكيمة، تتأسس على تعبئة الموارد المائية، مذكرا في هذا السياق بأن جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، أطلق عملية واسعة لبناء السدود وتدبيرها بشكل محكم مما مكن المغرب، رغم محدودية موارده المائية وعدم انتظامها، ورغم فترات الجفاف التي عرفها، من تجاوز معظم التحديات والإكراهات، ومواكبة الحاجيات المائية المتزايدة وطنيا، بالنسبة للساكنة ولمختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية. وأضاف العثماني، أن المغرب مضى على نفس النهج، وعيا منه بأن التخطيط والتدبير الناجعين للماء يقتضيان يقظة مستمرة وتتبعا متواصلا، مشيرا إلى أن الحكومة المغربية تقوم حاليا ببلورة المخطط الوطني للماء، الذي يسطر المعالم الكبرى للسياسة المائية إلى غاية 2050، وذلك من أجل تثمين المكتسبات وتدارك بعض جوانب القصور، وابتكار طرق جديدة في إنتاج وتدبير الموارد المائية، دون إغفال العناصر المرتبطة بآليات التمويل والتتبع. وأكد رئيس الحكومة أن السعي المنفرد لمعالجة إشكاليات الماء، وهي الإشكاليات الاستراتيجية، المعقدة والمركبة، لن يكتب له أي نجاح. حيث أن الدول والحكومات والهيئات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والأفراد، مدعوون إلى التعاون وإلى التبادل المثمر لجوانب النجاح والإبداع والابتكار في تجاربهم في هذا المجال. وأضاف العثماني أن المملكة المغربية تبادر، بهذا المنطق التضامني، إلى عرض خبراتها وتجاربها الوطنية الذاتية، بنفس قدر حرصها على الاستفادة من تجارب وخبرات الدول الصديقة، في إطار التعاون الدولي، ومن خلال اتفاقيات للتبادل العلمي والتقني. وأبرز أن المنتدى العالمي للماء يشكل مناسبة للاحتفاء بذكرى جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، الذي تملك الرؤية المستقبلية في مجال الماء وكان من كبار مدعمي هذا المنتدى العالمي، من خلال منح جائزة عالمية تحمل اسمه، وهي جائزة الحسن الثاني العالمية للماء، التي تنطوي على مبادئ التضامن وتشجيع العلم والابتكار في مجال الماء. و من جانبه، أكد غوريا، أمين عام منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية منذ عام 2006، في كلمة مسجلة عبر الفيديو، أنه وضع قضية الماء في صلب اهتمامات المنظمة من خلال تعزيز التزامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة بهدف تحسين خدمات الوصول إلى المياه في البلدان الأعضاء بالمنظمة. وبفضل خبرته التي راكمها كوزير سابق للمالية والائتمان العمومي في المكسيك، عبر غوريا عن قناعته بأن المياه تعد محركا أساسيا للتنمية المستدامة، مشددا على أهمية وضع سياسات ملائمة للتوزيع العادل للموارد المائية بغية ضمان الأمن المائي والعدالة المناخية. ويعتبر منح هذه الجائزة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية اعترافا بجهودها والتزامها بتنفيذ مبادئ التضامن والإدماج لضمان الأمن المائي والمساهمة في تحقيق العدالة المناخية. وتدعم المنظمة "السياسات السليمة" التي تعزز التوزيع العادل للمنافع الاجتماعية و الاقتصادية، و تعمل أيضا على إرساء وتعزيز مبادئ الحكامة الرشيدة في إدارة المياه لتكون محركا للنمو العادل والمنصف والشامل خاصة في دول الجنوب. وأنشئت المنظمة سنة 1961، وهي منتدى حكومي دولي يضطلع بمهمة بلورة وتحليل وتنزيل وتقييم السياسات العمومية في مجال التنمية الاقتصادية المستدامة والاستقرار الاجتماعي. وبالنظر إلى الأهمية البالغة لهذه الجائزة، لا سيما في ما يتعلق باحترام مبادئ التضامن والنهوض بالمعرفة والابتكار والعمل المثمر، خاصة في ظل ظروف مناخية عالمية تتسم بالتغير وعدم الانتظام، نظمت نسختها السادسة تحت شعار: "العمل من أجل مزيد من التضامن الشامل لضمان الأمن المائي والعدالة المناخية". وقد تم إحداث هذه الجائزة بمبادرة مشتركة بين المغرب و المجلس العالمي للماء سنة 2000، تكريما لذكرى جلالة المغفور له الحسن الثاني وعرفانا بسياسته النيرة و الاستراتيجية في مجال المحافظة على الموارد المائية وتدبيرها. وتمنح جائزة الحسن الثاني الكبرى العالمية للماء، التي تم إقرارها خلال انعقاد النسخة الثانية للمنتدى العالمي للماء، كل ثلاث سنوات تكريما لمبتكرين لمشاريع في مجال الموارد المائية بمناسبة انعقاد دورات المنتدى.