تخلت فرنسا السبت عن الحذر الشديد الذي كانت تتوخاه منذ بداية الأزمة في تونس ونبذت زين العابدين بن علي نهائيا مؤكدة للمرة الأولى دعمها للتحرك الشعبي الذي أطاح به. وأعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي السبت في بيان «منذ أسابيع عدة والشعب التونسي يعبر عن رغبته في الديمقراطية. إن فرنسا التي تربطها بتونس علاقات صداقة كثيرة, تقدم له دعما كبيرا». وبات الرئيس السابق زين العابدين بن علي, صديق فرنسا الكبير التي غالبا ما كانت تشيد بسياسته التنموية الاقتصادية ومكافحته الإسلاميين, منبوذا حتى اضطر إلى اللجوء إلى السعودية بعد شائعات كثيرة تحدثت مساء الجمعة عن إمكان لجوئه إلى باريس. وأعلن مصدر حكومي فرنسي «أننا لا نرغب في مجيئه» مبررا هذا الرفض بما قد يثيره قدومه من استنكار في الجالية التونسية المقيمة في فرنسا. واستاء التونسيون البالغ عددهم مئات الآلاف, في فرنسا من الموقف المتخاذل الذي سجلته باريس بعد قمع التظاهرات. واعتبر كريم إميل بيتار المتخصص في المغرب العربي في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية أن المفكرين «استنكروا خصوصا تصريحات وزيرة الخارجية ميشال آليو ماري». ولدى تعبيرها عن الأسف من أعمال العنف, اقترحت آليو ماري في 11 يناير أمام الجمعية الوطنية, على تونس تعاونا فرنسيا في مجال حفظ الأمن وإدارة التظاهرات. كما اقترحت اللجوء إلى «الكفاءات المعترف بها عالميا لقواتنا الأمنية لتسوية الأوضاع الأمنية من هذا القبيل». ولم يصدر الانتقاد الأول حتى الخميس عشية سقوط بن علي وذلك على لسان رئيس الوزراء فرنسوا فيون الذي دان «الإفراط في استعمال العنف» من جانب الشرطة التونسية, ولكن لم يصدر أول أمس السبت أي دعم واضح للمتظاهرين. وأعرب النائب الاشتراكي فرنسوا هولاند أول أمس السبت في تصريح لإذاعة أر.تي.أل عن أسفه «للصمت المتواطئ» والطويل الذي لزمته المعارضة اليسارية والمدافعون عن الحريات وقال إن «الموقف الفرنسي يبدو كأنه إحراج وتحفظ وحذر بينما كان التونسيون والمغرب العربي بشكل واسع, ينتظرون من فرنسا أن ترفع صوتها عاليا». وسارعت الولاياتالمتحدة للإعراب عن استيائها الشديد حيال الرئيس المخلوع واستخدمت عبارات إدانة صريحة وأشاد الرئيس باراك أوباما يوم الجمعة «بشجاعة وكرامة» الشعب التونسي. وكانت فرنسا دائما متحفظة عن انتقاد الرئيس السابق بن علي أحد أكبر حلفائها في شمال إفريقيا. وكان قادتها يبرزون دائما في المقابل النقاط التي يعتبرونها ايجابية في سياسته ويقللون من انتهاكات حقوق الإنسان والطابع الأمني المتشدد في نظامه والذي تنتقده المنظمات غير الحكومية بانتظام. وخلال زيارة لتونس في أبريل 2008 أثار الرئيس ساركوزي استياء بقوله «اليوم يتسع فضاء الحريات» في تونس. كذلك أعلن وزير الزراعة برونو لومير أن «الرئيس بن علي غالبا ما ينظر إليه بسلبية» رغم أنه «أنجز أشياء كثيرة» في وقت كان المعارضون التونسيون يتحدثون عن سقوط عشرات القتلى. ودعا ساركوزي أول أمس السبت أيضا إلى تنظيم «انتخابات حرة في اقرب وقت» ووعد بان فرنسا «اتخذت إداريا الإجراءات الضرورية لتجميد كل التحويلات المالية المشبوهة التي تخص أرصدة تونسية في فرنسا. وهي تحت تصرف السلطات الدستورية للرد بدون تأخير على كل طلب يخص الأرصدة التونسية في فرنسا».