أخيرا خبت أضواء الأجانب عن بطولتنا الوطنية، وهو ما جعل البعض يعزفون على المزامير ويدقون الطبول فرحا بهذا الإنجاز التاريخي في دوري لم يبلغ مرحلة النضج الكروي حسب اعتقاد الكثيرين، رغم أن ذلك ليس مدعاة للفخر والاعتزاز فهو يؤكد ضعف مستوى الأندية التي لا تجد ما تفعله سوى الإطاحة برؤوس مدربيها. صحيح أن هذا الحدث سيثير اهتمام متتبعي الكرة في بلادنا، فقد عودتنا الفرق الوطنية خاصة الكبيرة منها؛ على الاستعانة بأطر أجنبية لقيادتها في المحافل الوطنية والدولية، وتقديم تسهيلات مغرية تجذب المدربين الأجانب لبلادنا الجميلة التي يطبعها الأمن والرخاء. لقد طالب وزير الشبيبة والرياضة باعتماد مدربين أجانب لإعداد الرياضيين ليس في كرة القدم وحسب، والواقع أن سيادة الوزير يبدو محقا هذه المرة، حتى وان كان يمس أطرنا المغربية في الصميم، أطر نعترف بافتقار العديد منها إلى الكفاءة والخبرة التي تمنحها أهلية قيادة الأندية الوطنية إلا من رحم ربي، وأن الفرق الوطنية تمارس سياسة تقشفية تجعلها فوق قانون المدربين، لتتعاقد مع أشخاص بعيدين عن مجال التدريب لا يحملون أي شواهد تخول لهم العمل في بطولتنا، وذلك لسبب بسيط وهو روح «القناعة» التي يتسم بها البعض من أشباه المدربين والتي تجعلهم يرضون بأي أجر تجود به أنديتنا الكريمة. غير أن هذا الكلام لا ينطبق على جميع الأندية، فبطبيعة الحال تظل الرجاء والوداد والجيش الملكي في قائمة الأندية أكثر استعانة بالمدربين الأجانب، لعلمها بمدى فعاليتهم في تحقيق النتائج الإيجابية، وأن اعتماد مدرب مغربي سيكون عقبة في طريق نجاحها، كما لا يعني أن الأدمغة الأجنبية فعالة دائما، وهذا سبب الإطاحة بخمسة مدربين بعد ست جولات. لكن ماذا سيضيف غياب الأطر الأجنبية في الساحة الكروية بالمغرب؟ هل يعني أننا سندخل مرحلة جديدة في الطريق نحو الاحتراف؟ أمر مستبعد لأن هذا لن يتسبب في تحسين الوضع التي تعيشه بطولتنا، لأن خلو الدوري من المدربين الأجانب ليس بالضرورة نجاح أصحاب الأرض، ولا نعتقد أن هناك بطولة احترافية في أوروبا تخلو من العنصر الأجنبي في الطاقم التدريبي لفرقها، وبالتالي ليس من مصلحة بطولتنا أن تفتقر إلى العنصر الأجنبي الذي يمتلك مؤهلات تقنية تسمح له بالتدريب (مع وجود استثناءات بطبيعة الحال)، عكس الفوضى التي يعيشها بعض المتطفلين على مهنة التدريب، من أشباه المدربين غير مؤهلين حتى لتدريب الناشئة؛ فكيف بالفريق الأول؟ رغم احترامنا لمجموعة من الأسماء في الساحة الوطنية، التي نجحت في فرض اسمها. إن الوضع الذي يعيشه المدربون بالمغرب سواء كانوا أجانب أو محليين لا يدعو إلى التفاؤل بتاتا، إذ مازال القانون الخاص بالمدرب خارج حيز التطبيق، وبالتالي فليست هناك أدنى معايير تحدد وتضبط لنا المواصفات المطلوبة في المدربين، لذلك فالأندية المغربية لا تجد أدنى اعتراض في التلاعب بالمدربين وتسريحهم متى شاءت. فهي تعلم علم اليقين أنها تتعامل مع مجموعة من الهواة، وهو ما يدعو الفرق الكبرى كالرجاء والوداد والجيش إلى إسناد مهمة المدير الفني إلى شخصية أجنبية، قد تكون مكلفة ولكن في الغالب ما تعطي أكلها، ولنفهم سبب انعدام الأجانب في بطولتنا، مع العلم أن البطولة هذا الموسم انطلقت بتواجد خمسة مدربين أجانب فقط، وأنه في الدورة الأخيرة من مرحلة الذهاب تم التخلص من الجميع، رغم أن الرصاصة لم تكن موجهة إليهم، وهو ما يظهر في أن حمى الإقالات همت كذلك المدربين الوطنيين، ولم تفرق بين مغربي ولا أجنبي. وعلينا نحن أن ننتظر... ماذا سيحصل لفرق بطولتنا؟ هل ستكمل دربها الطويل أم أن الإنهاك سيجبرها على تغيير معتقداتها والعودة للاستعانة بالأجانب؟ أجانب أصبحوا بالفعل ماركة مسجلة على صعيد المنتخب الوطني والأندية المعروفة، لأنه وبكل أسف هناك أشخاص لا يملكون مواصفات مدرب كرة القدم بل مجرد متطفلين على عالم التدريب غير المحصن تماما.