إسماعيل العلوي يدعو إلى إعادة النظر في الحوار الاجتماعي في صيغته الحالية والانتقال إلى مرحلة المفاوضات الاجتماعية سعيد السعدي: ضرورة الانتباه إلى البعد الاجتماعي في السياسات العمومية دعا إسماعيل العلوي الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إلى إعادة النظر في الحوار الاجتماعي في صيغته الحالية والانتقال إلى مرحلة المفاوضات الجماعية. من جانب آخر، وصف اسماعيل العلوي الأزمة التي يعيشها نمط الإنتاج الرأسمالي ب"الخطيرة" مشيرا إلى أن الواقع اليوم كذب الفكرة "الطوباوية" التي سادت مدة طويلة والتي تقول بأن الرأسمال نظام غير قابل للتفضيل. وفي ذات السياق ذكر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن عمل القوى المناهضة للرأسمالية عبر العالم يمكن أن تؤدي إلى تجاوز الرأسمالية، مشيرا إلى أن "هذا الواقع يجعلنا في حزب التقدم والاشتراكية وكل القوى المناهضة للرأسمالية أن نناضل بإلحاح ومثابرة حتى تحقيق الأسس الضرورية لتأسيس نمط إنتاج نسميه بالاشتراكية" ومن بين هذه الأسس، حسب المصدر ذاته، الديمقراطية لأنه لا يمكن بناء اشتراكية دون ديمقراطية، والديمقراطية، يضيف العلوي، لا تنحصر في شكلها التمثيلي التفويضي، بل تتعدى ذلك لتشمل كل مرافق الحياة الاجتماعية وتؤدي إلى العدالة الاجتماعية وتساوي الحقوق بين الجنسين. واعتبر اسماعيل العلوي أن اتساع الهوة بين الفئات الأكثر غنى والفئات الأكثر فقرا على الرغم من التقدم الذي حققه المغرب في الجانب الاقتصادي وحتى الاجتماعي، يشكل خطرا يمكن أن يؤدي إلى "انكسار اجتماعي". ودعا العلوي إلى ضرورة الاهتمام بالسوق الداخلية والعناية بالمنتجين للثروة بالإضافة إلى الاهتمام بالفئات التي تعيش في القرى والبوادي، مجددا دعوة حزب التقدم والاشتراكية الرامية إلى الانتقال من الأوراش الكبرى إلى الأشغال الكبرى الجماعاتية لفك العزلة عن السكان وإدماجهم في الاقتصاد الوطني. ++ ومن جهته، اعتبر يحيى مكتوب عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية في كلمة ألقاها باسم قطاع عالم الشغل والنقابات، أن أي توافق سياسي جديد لا يمكنه أن يحقق المنشود ما لم يستدمج المطلب الاجتماعي وأنه لا مجال لأي حديث عن الديمقراطية الحقة ما لم تنطلق من الحق الاقتصادي، مشيرا إلى أن إعادة توزيع ثمار النمو الاقتصادي هي مفتاح كل التوافقات. وذكر مكتوب، أن الانتهاكات التي تستهدف الحقوق النقابية والسطو البين على الحرية النقابية أصبحت تشكل القاعدة المعمول بها، دون حرج، لدى الباطرونا وأصحاب القرار على حد سواء، وجدد التأكيد على موقف الحزب الداعي إلى ضرورة احترام القوانين الجاري بها العمل في ميدان الشغل ورفض كل أنواع الطرد التعسفي والتسريح دون احترام التعاقدات، كما طالب الدولة بالابتعاد عن مساندة الطرف القوي في معادلة الشغل أي المشغل والسهر على تطبيق القانون عوض السكوت عن التمادي في خرقه. واعتبر مكتوب، أن ما يعرفه مسلسل الحوار الاجتماعي من إخفاقات وعدم إضفاء طابع الجدية على هذا الحوار من لدن الفرقاء يفرض ضرورة الارتقاء بهذا الحوار إلى مستوى المفاوضات الممأسسة. وفي ذات السياق دعا يحيى مكتوب إلى ضرورة تجاوز معيقات التشرذم النقابي والدفع في اتجاه استقلالية الفعل النقابي والعمل الجاد والمسؤول في اتجاه وحدة العمل النقابي. وخلال الجلسة الأولى التي أدارها عبد الأحد الفاسي الفهري عضو اللجنة المركزية، قدم محمد سعيد السعدي عضو الديوان السياسي للحزب قراءة نقدية في السياسة الاجتماعية، حيث اعتبر أن الوعي بخطورة المسألة الاجتماعية على المستوى الرسمي شيء إيجابي، مشيرا إلى أن ذلك يعني ضرورة الانتباه إلى البعد الاجتماعي في السياسات العمومية. ورغم المعطيات التي اعتبرها إيجابية والتي وردت في تصريح الوزير الأول الأخير، لا حظ سعيد السعدي أن الاهتمام بالبعد الاجتماعي لا زال يشكل نوعا من التكملة أو الاهتمام بشكل هامشي بارتباط مع النموذج الاقتصادي العالمي، مشيرا إلى أنه من المفروض أن يكون للسياسة الاجتماعية طابع أفقي، وساق بهذا الخصوص مجموعة من الأمثلة من جملتها مخطط المغرب الأخضر الذي أعطى الأولوية للاستثمارات الخارجية دون مراعاة البعد الاجتماعي خاصة في دعامته الأولى. وشكك السعدي في إمكانية تحقيق أهداف الألفية الثالثة مستندا في ذلك على الأرقام والمؤشرات الرسمية التي تجعل تلك الأهداف بعيدة المنال أو مستحيلة التحقق في أفق 2015، سواء في مجال الحد من الفقر أو صحة الأم والطفل أو في مجال التربية والتكوين، مؤكدا على ضرورة إعمال مقاربة اجتماعية مندمجة، لأن السياسات الاجتماعية، في نظره، هي سياسات قطاعية. ومن جانبه، اعتبر محمد الخفيفي مسؤول نقابي بالاتحاد المغربي للشغل، أن التعاقد الاجتماعي يمكن أن يشكل مدخلا لتعاقدات سياسية، مشيرا إلى غياب هذا النوع من التعاقد على مستوى قطاع التعليم حيث انتقد البرنامج الاستعجالي للتربية والتكوين، وقال إن هذا البرنامج ليس شأنا نقابيا فقط ولكن أيضا هو شأن سياسي يتعين أن يكون حاضرا في تعاطي الأحزاب السياسية. وذكر الخفيفي بوجود بوادر تؤشر على الحكم بفشل المخطط الاستعجالي وذلك من خلال التوترات الاجتماعية التي يعرفها القطاع وهي إشارات قال عنها المسؤول النقابي أنها إشارات تبين إلى أي حد يمكن للمخطط الاستعجالي أن يجيب عن انتظارات المغاربة ككل. وأورد محمد الخفيفي أن السياق الذي جاء فيه المخطط الاستعجالي جاء ضمن سياق التشخيص الفاضح لمنظمة التربية والتكوين والذي ورد في تقرير المجلس الأعلى للتعليم وتقرير البنك الدولي، وأوضح أن رجال ونساء التعليم لا علاقة لهم بالمخطط الاستعجالي معتبرا أن هذا المخطط هو برنامج خارج التعاقد لأن الشركاء الاجتماعيين هم من كان يفترض أن يشارك في صياغته. وخلال الجلسة الثانية التي أدارها مصطفى بوحزامة عضو اللجنة المركزية للحزب، وخصصت للحوار الاجتماعي، اعتبرت النائبة البرلمانية أمال العمري عضو فريق تحالف القوى التقدمية الديمقراطية بمجلس النواب، أن الحوار الاجتماعي يكتسي أهمية كبرى في جميع بلدان المعمور وأن أغلب الدول بادرت إلى تفعيل الاستشارات الاجتماعية بالنظر إلى أهميتها وانعكاساتها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي لهذه البلدان. لكنها لاحظت أن الحوار الاجتماعي المعمول به في بلادنا لا يسفر عن التزامات واضحة وأن النتائج تكون غير محصلة عن كل دورة، وذكرت أمال العمري أنه إلى حد الآن لم نصل بعد إلى اتفاق أو تعاقد يرمي إلى احترام كل الأطراف لالتزاماتها. بدوره، اعتبر نور الدين سليك المنسق الوطني لقطاع عالم الشغل والنقابات ومسؤول نقابي بالاتحاد المغربي للشغل، أن رهانات التعاقد الاجتماعي بين أرباب العمل والعمال والدولة تتطلب إرادة قوية لجميع الأطراف من أجل احترام الحقوق والوعي بإحداث فائض القيمة وتوزيع الدخل الذي سيكون له انعكاس على الاقتصاد الوطني. وركز سليك في مداخلته، على الحريات النقابية وعلى ضرورة احترام القوانين المرتبطة بعالم الشغل في تناغم تام مع ما تقره المواثيق الدولية وعلى رأسها اتفاقيات منظمة العمل الدولية. ودعا عبد الرحيم الهندوف نائب الكاتب العام للاتحاد النقابي للموظفين التابع للاتحاد المغربي للشغل ضرورة إصلاح الوظيفة العمومية بارتباط مع الحوار الاجتماعي، مؤكدا على الدور الاجتماعي الذي تلعبه الوظيفة العمومية والتي تشغل قرابة 11% من الساكنة النشيطة، مشيرا إلى أن قطاع الوظيفة العمومية له دور أساسي في ميدان الخدمات وعلى مستوى التشغيل مما يجعله أكبر مستثمر على المستوى الاقتصادي، لكن هذا لا يعني، حسب الهندوف أن الوظيفة العمومية لا تعاني من العديد من الأمراض والتي من بينها ضعف المردودية والمحسوبية والرشوة، وتدني مستوى الخدمات في التعليم والصحة بالإضافة إلى الظروف التي يشتغل فيها الموظفون. وذكر الهندوف، أن هذا الواقع يقتضي إعادة النظر في القانون الأساسي للوظيفة العمومية ونظام الأجور في أفق إقرار منظومة أجرية متوازنة وعادلة، مشيرا إلى أن فلسفة الإصلاح يتعين أن تكون مستمرة ودائمة حتى تتماشى مع التحولات التي يعرفها القطاع في مختلف مستوياته. واعتبر الهندوف أن ضمان الحق في عالم الشغل في علاقة بكل أطراف الإنتاج سيؤدي بالضرورة إلى تحقيق التنمية البشرية عبر تحسين الدخل والعمل على تطبيق قانون الشغل والتصريح في الصندوق الاجتماعي.