يبدو أن نجاح المغرب في تنظيم النسخة الخامسة من كأس الأمم الإفريقية الخاصة بالمحليين (الشان)، وظهور نوع من التلاحم بين العائلة الإفريقية، ومساندتها المطلقة والعلنية للمغرب في سعيه التاريخي لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم لسنة 2026، قد زاد من انزعاج الجانب الأمريكي وتخوفه من "ريمونتادا" مغربية خلال عملية التصويت شهر يونيو القادم بالعاصمة الروسية موسكو. وعلى هذا الأساس، فإن مسؤولي بلاد "العم سام" لا يترددون في ممارسة ضغوطات قوية على الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، والمطالبة بشروط يصفونها بالنزيهة والعادلة، وهي في الواقع ما هي إلا "تخريجة" يراد بها باطل. فنجاح مسؤولو الملف الثلاثي الأمريكي في إجبار (الفيفا) على تذكير الاتحادات الوطنية بمختلف القارات، والبالغ عددها 211 اتحادا، بضرورة احترام شروط الحياد قبل عملية التصويت، وعدم الدخول في شراكات أو تحالفات قبلية. هذه المذكرة سبق تعميمها خلال مؤتمر الاتحاد الدولي المنعقد بالبحرين قبل حوالي سنة تقريبا، إلا أن الضغوطات الأمريكية نجحت في إعادة توزيعها ردا على اتفاقية الشراكة التي سبق أن وقعها الجانب المغربي مع مجموعة من الاتحادات الإفريقية وكان آخرها الاتفاقية الموقعة من الاتحاد السوداني على هامش فعاليات (الشان). ولعل النقطة التي أفاضت كأس الأمريكيين، هي اقتراح المغرب توقيع اتفاقية مع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف)، وهو ما أثار حفيظة أمريكا، وأزعج الفيفا التي رفضت رفضا قاطعا هذا الاقتراح، خاصة أنها غير قادرة على "زعل" الأمريكان. هذا الرفض الذي عبرت عنه (الفيفا)، انضاف اليه رفض رئيسها جياني إنفانتينو خلال مؤتمر (الكاف) الذي حضره شخصيا يوم الجمعة الماضي بالدار البيضاء، اقتراحا آخر للمغرب كان يقضي بتوجيه رئيس الجامعة المغربية لكرة القدم فوزي لقجع خطابا مباشرا أمام المؤتمر حول ترشيح المغرب لمونديال 2026، وتعبير أسرة كرة القدم الإفريقية عن مساندتها المطلقة، حتى ولو بالتصفيق الجماعي، إلا أن هذا الاقتراح رفضه إنفانتينو جملة وتفصيلا، وهو ما أقلق بالفعل الجانب المغربي بخصوص محاصرة (الفيفا) لترشيحه بكل هذه الخطوط الحمراء التي تحد من عملية الترويج لملفه. كل هذه القرارات وعمليات الرفض تفسر بشيء واحد، ألا وهو انزعاج مسؤولي الملف الثلاثي من تحركات المغرب، وعلى هذا الاساس نجدهم يمارسون ضغوطات صريحة على (الفيفا)، دون التردد في استخدام الآلة الإعلامية الأمريكية القوية في عملية الترويج وممارسة الضغط، وتسليط الأضواء على أي خطأ أو هفوة أو ثغرة في الملف المغربي المسلح بدعم مطلق لإفريقيا مع بعض الاستثناءات القليلة بطبيعة الحال والتي يلعب فيها التأثير السياسي دورا أساسيا. ملف المغرب له حظوظ وافرة وقادر على المنافسة، وننتظر "ريمونتادا" مغربية خلال عملية التصويت بموسكو قبل انطلاق مونديال 2018…