تظاهر مطلع الأسبوع الجاري عشرات المواطنين بالجماعة الترابية أحد بوموسى بإقليم الفقيه بن صالح احتجاجا على ما أسموه ب" غياب الصرف الصحي بمركز حد بوموسى وضعف بعض المرافق الاجتماعية وتعثر أخرى"، وخلال ذات التاريخ احتج مواطنون آخرون بدوار أولاد النيفاوي بجماعة أولاد ناصر على كارثة بيئية أصبحت تهدد حياتهم، وتزامنا مع نفس التاريخ طالب مواطنون، خلال مسيرة احتجاجية، من دوار الحبابيس بجماعة أولاد بورحمون بنفس الإقليم بالإنارة العمومية وتوسيع طريق على شاكلة ما تمّ على مستوى دوار أولاد بوعزة. وتفاعلا مع الحدث، أحتشد بالقرب من معتصم أولاد النيفاوي عشرات الدركيين وعناصر القوات المساعدة وموظفو الاستعلامات وبعض المسؤولين، ليس من أجل إيجاد حل عاجل للملف المطلبي، وإنما من أجل منع بناء خيمة بالقرب من القناة التي تنقل المياه العادمة من بلدية أولاد عياد نحو المنازل .. وغاب المنتخبون وبعض رؤساء الجماعات المعنية بملف التلوث البيئي، تعبيرا منهم بشكل لا إرادي، تقول أصوات محتجة، عن انفصالهم عن هموم الساكنة، وربما تأكيدا منهم على عدم توفرهم على جواب حقيقي لاختلالات الواقع، وإلى عدم قدرتهم على مواجهة مختلف هذه الاكراهات، بل والقول بكل جرأة أن سياستهم في تدبير الشأن العام قد باءت بالفشل، وأن أقوى الوعود التي منحوها للساكنة لم تجد نفعا، وأن محاولاتهم المتعددة للاستجابة لتطلعات المواطن تبقى بعيدة كل البعد عما يجري بأرض الواقع. والغريب في الأمر، أن مطالب هذه الساكنة التي ظلت ولازالت إلى حدود الألفية الثالثة تتوزع بين مطلب الربط الفردي بشبكة الماء والكهرباء والصرف الصحي وتقوية شبكة الطرق وبين إعادة الاعتبار للعمل الجماعي، هي ليست وليدة اليوم، إنما تشكل في شموليتها نقطا مطلبية ظلت تراوح مكانها منذ أكثر من ثلاث ولايات انتخابية ولم تجد حلا واقعيا سواء في الماضي أو خلال فترة الانتخابات الجماعية الأخيرة، حيث كان الكل يبشر الساكنة بحلول سحرية مستعجلة، لكن ما إن مضت "أيام المشماش" حتى وجد المواطن نفسه وجها لوجه مع جحيم الروائح الكريهة ومع نفايات من كانوا بالأمس يتوعدون بتقديم البديل.. وفي ظل هذا الواقع المؤلم، تبقى الأسئلة العالقة مرتبطة ليس فقط بهذا المآل الغامض لمجموع هذه المطالب الاجتماعية، وإنما أيضا بمصير بعض المشاريع التنموية التي استفادت منها الجماعات المعنية من أجل تقوية وتعضيد البنية التحتية خلال صفقات ما بات يعرف "ب " أعطيني الأصوات نعطيك المشاريع"، مثلما يبقى الرهان على عامل الإقليم ومدى فعالية إستراتيجيته التنموية وقدرتها على تضميد جراح الساكنة التي لم تنفع معها وصفة الوعود الزائفة.